الثقافة البيئية.. "لا تزال متأخرة لدى الجزائري"

38serv

+ -

تمر أحداث عالمية تعنى بالبيئة التي أصبح الحفاظ عليها مصدر قلق عالمي، دون أن تثير الكثير من الضجة في الجزائر، خارج النشاطات والاحتفالات الرسمية. فهل يتمتع الجزائري بالقدر الكافي من الوعي الذي يجعله يحافظ على بيئته؟ وهل لدى أفراد المجتمع ثقافة بيئية فيما يخص التغيرات المناخية التي تحدث في العالم؟

ترتبط الثقافة البيئية في العالم بجوانب متعددة، ولعل الوعي الأكبر الذي بدأ في الانتشار لدى المواطنين، هو في طريقة الاستهلاك الحالية المستنزفة للموارد والقائمة على خدمة اقتصاد رأسمالي هدفه تعظيم الفائدة فقط. لذلك، يبدأ زرع هذه الثقافة مثلما يراه كثير من المتابعين في ترشيد الاستهلاك وتحسين نوعيته والتخلص من البلاستيك في التعليب باعتباره من أكبر الملوثات التي تعمر طويلا في الطبيعة.

وفي هذا الخصوص، قال المنسق الوطني لمنظمة حماية المستهلك، فادي تميم، في تصريح لـ "الخبر"، أن الوعي الاستهلاكي عند الجزائريين بات يتطور من عام لآخر، إلا أن الثقافة الاستهلاكية بالنسبة للمحافظة على البيئة للأسف لا زالت إحدى النقاط  المتأخرة التي سبقتنا فيها العديد دول العالم، خاصة فيما يخص استعمال الجزائريين المكثف للكيس البلاستيكي الأسود.

فرغم المحاولات العديدة من طرف الجهات المعنية من أجل إيقافه أو التقليل من استعمال الأكياس البلاستيكية أو تحويل هذا الكيس الاستهلاكي إلى الكيس الورقي في بعض المهن التجارية وبعض المواد الاستهلاكية، إلا أن جميع  التجارب قد باءت بالفشل للأسف.

 

للمستهلك دور هام في حماية البيئة

 

وفي هذا الصدد، أردف المتحدث أنه رغم جهود السلطات العمومية لإلغاء هذه الأكياس، إلا أن للمستهلك دور هام ومحوري، خاصة وأن المنظمة قد لاحظت إفراط المستهلك في أخذ الأكياس البلاستيكية بالمحلات التجارية، والتي من المعلوم أنها مجانية لذلك مثلا عوض أخد كيس واحد، فإن الزبون يأخذ خمسة أو ستة أكياس، والتي ينتهي بها الحال في النفايات مع كل ما تشكله من خطر على في البيئة.

وأشار إلى أنه مع التطور التكنولوجي، فقد أصبح الجميع على علم بأن الكيس البلاستيكي يحتاج مئات السنين من أجل التحلل في الطبيعة، وللأسف لازلنا نشهد مظاهر الإفراط في استعمال القارورات البلاستيكية.

كما أكد أن المنظمة جزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، حاولت في العديد من المرات مطالبة الاقتصاديين من أجل تحويل المياه المعدنية بالقارورات البلاستيكية إلى قارورات زجاجية، مثلما كانت عليه في السابق، وذلك من أجل توفير القارورات الزجاجية للعائلات التي ترفض استعمال البلاستيك (القارورة البلاستيكية)، لكن للأسف لازال الاقتصاديون يروجون للمعاملات الأسهل عليهم، من خلال بيع منتجاتهم بالقارورات البلاستيكية، مضيفا أن المنظمة تسعى دائما إلى العودة لاستعمال الفخار والزجاج.

وتابع المتحدث "للأسف مازالت بعض العائلات تصعب مهام مؤسسات تسيير النفايات، من خلال وضعها لجميع النفايات مع بعضها، ولا تقوم بعملية الفرز، الأمر الذي يؤثر في عمليات الفرز الانتقائي".

وأكد أن المنظمة استطاعت توصيل المعلومة للمستهلك بأن البلاستيك ومواد أخرى تعتبر خطيرة على البيئة، ولذلك ينبغي التقليل من استهلاكها، إلا أننا لازلنا في بدايات هذا المشروع ونتمنى أن يتطور بمساعدة الإعلام من خلال تسليط الضوء على مثل هذه النقاط".

كما أفاد المنسق الوطني لمنظمة حماية المستهلك أن السلطات المعنية تحاول سن قوانين من أجل حماية البيئة، إلا أنه يبقى للمستهلك دور محوري في هذا المجال، خاصة أنه هو من يستطيع رفض اقتناء الكيس البلاستيكي، مثلا عند توجهه للخباز والمطالبة بنوع آخر من الأكياس خاصة وأن التاجر يحاول دائما تلبية متطلبات الزبائن، حيث ينبغي للزبائن الضغط على التجار بهذه الطريقة من خلال تفعيل سلوكهم الاستهلاكي، الذي سيغير حتما من السلوك التجاري.

  

ضرورة العودة للسلوكيات الواعية

 

وأوضح تميم أنه رغم الحملات التحسيسية للعودة إلى استعمال القفة والرجوع إلى التقاليد الجزائرية، إلا أنها تبقى مجرد محاولات وأفكار مناسباتية. "فعند توجهنا إلى السوق نجد عددا قليلا من الأشخاص سواء المسنين أو فئات معينة ممن يقوم باستعمال القفة"، مؤكدا أنه ينبغي تغيير هذا السلوك الاستهلاكي، بالإضافة إلى التركيز على مشروع المستهلك الصغير، حيث يجب غرس مفهوم الحفاظ على البيئة بالنسبة للأطفال الصغار.

وفيما يتعلق بالمنتجات صديقة البيئة، قال المسؤول أن عددا قليلا جدا من المتعاملين الاقتصاديين يوفرون منتجات صديقة للبيئة، فرغم وجود فئة معينة من المستهلكين تبحث عن هذا النوع من المنتجات وتشجعه وتشتريه، إلا أن العرض يبقى محدودا.

ورحب المتحدث بالفكرة التي طرحتها الوكالة الوطنية لتشغيل النفايات حول وضع وسم خاص بالنسبة للأغلفة ومختلف المنتجات لما تكون صديقة للبيئة، مبرزا أنه "يتمنى أن ينجح هذا المشروع، ونحن كمنظمة جزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه سندعمه ونسوق له، وذلك من أجل توعية وتوصيل المعلومة للمستهلك، وبذلك يكون له الحق في اختيار المنتجات التي يفضلها".

 

انعكاسات تدهور الواقع البيئي

 

من جهته، قال المختص الاجتماعي كمال العيادي، في حديثه مع "الخبر"، أن الواقع البيئي الجزائري يحمل صورا كثيرة من التدهور والعديد من المشاكل البيئية التي تتفاقم حدتها يوما بعد يوم، نظرا للسلوكيات العديدة المخلة بالبيئة، والتي تعكس التفاعل السلبي للجزائري مع الوسط الذي يعيش فيه، واختلال القيم والاتجاهات الثقافية التي زادت من التلوث، بالرغم من برامج التوعية البيئية والتثقيف والإعلام البيئي والتربية البيئية التي لم تتمكن من حماية البيئة  وصيانتها، سواء فيما يتعلق بتلوث المياه، أو النفايات أو تدهو الإطار والمحيط المعيشي أو التلوث البصري، أو الصناعي.

وكشف العيادي أن جميع أنواع التلوث تعكس عراقيل خاصة بالجانب التربوي، التعليمي كانعدام التطبيقات العملية والميدانية للبرامج التربوية البيئية وغياب الدور الفعلي لجمعيات حماية البيئة، وضعف التكوين والتخطيط لأهدافها، بالإضافة إلى انخفاض مستوى الوعي لدى المواطنين وعدم توفير سياسة بيئية متكاملة.

كل ذلك رسم صورة بيئية جزائرية متدهورة، محاطة بجميع أشكال القاذورات والنفايات، الأمر الذي ينعكس على مختلف الجوانب الصحية، النفسية والمجتمع.