+ -

 تكليف الهامل بتهدئة غضب الجنوب، زاد من معاناة الحكومة. فباستثناء وزير الشؤون الدينية الذي لم يبخل بمواقف دقيقة وواضحة، تاهت الحكومة وسط تردد لم نعرف له مثيلا. واشتدت حولها العواصف منذ انهيار أسعار النفط. فبات رجال أعمال، لا يلقون إجماعا حولهم، إلى جانب أمين عام حزب معتمد، الناطقين باسم نوايا السلطة. قد يكون تكليف الهامل بمهمة سياسية محددة، بمثابة الإعلان غير الرسمي عن طي ملف حكومة سلال برمتها، أو بشكل واسع منها. لكن الأكيد، أنه من غير العادي تكليف الرجل الأول على جهاز الشرطة بنشاط سياسي بحث حول ملف دقيق وحساس. بعدما لاحظت الرئاسة تخبط الحكومة وفشلها في إدارة ملف الاتصال وتوضيح ما قامت به من خطوات، وما تهدف إليه من وراء الاستثمار في الغاز الصخري. لقد ازدادت مخاطر تردد الحكومة منذ التيقن من انهيار مداخيل الجزائر. فخلطت بين الحذر والتحذير، وبين الاطمئنان ونشر الطمأنينة. على ما يبدو لا تمتلك الحكومة حلولا عملية، تبتدئ بها العام الجديد. وربما، هذا ما يفسر اللجوء إلى دغدغة عواطف وقلوب الجزائريين، من خلال إطلاق شعار تشجيع استهلاك ما تنتجه الجزائر، إلى جانب محاربة التبذير. السؤال البديهي، ماذا حضرت له الحكومة من إجراءات حتى تنجح مبادرة تشجيع استهلاك ما هو جزائري، في وقت هي غير قادرة عن منع تدفق سلع ومواد مهددة للصحة؟ وماذا ستقدم عليه من خطوات حتى تتحكم في الاستيراد؟ هو كلام، ومجرد وعود. والحالة التي توجد عليه الحكومة يشعر بها المواطن. وهي حالة تشجع الإقبال على مشاريع المضاربة، وتضاعف حجم المخاوف من المستقبل. عندما انتبهت الحكومة إلى هفوتها، بخصوص شرح ما تقوم به من بحث ودراسة حول الغاز الصخري، كلفت من يقوم بذلك بلغة موجهة. وبخطاب لا يصل إلى حيث يجب أن تصل معانيه المهدئة. أخطأت في البداية، وعثرت وهي في طريق توعية لم تكن تبحث من ورائها عن تهدئة. فإذا كان الغاز الصخري لا يمثل تهديدا، ما يمنع من فتح نقاش بين خبراء في البيئة، وفي المحروقات؟ ولماذا تتحفظ السلطات عن توضيح مخططات تستهدف سوناطراك، من قبل حكومات غربية تستعمل شركات كبيرة؟                                                                        تحدّث وزير الطاقة يوسفي عن الموضوع. لكن بالإشارة فقط. تحدّث عن الموضوع بلغة من يرسل رسالة قصيرة ومبهمة. وقبله ثم بعده، تناولت السيدة حنون موضوع جزائريين يلبسون الأعمال، يسكنهم حلم تفتيت سوناطراك. وهو حلم كاد أن يتحقق من عشرة أعوام مع مشروع شكيب خليل، الذي دافع عنه باسم المصلحة الوطنية. وبنفس الشحنة تقريبا، يلقى خليل من يدافع عنه اليوم باسم توافق المصلحة وتشابك المصير. هل فعلا توجد أطماع لتفتيت ثم خصخصة أجزاء من سوناطراك؟المشروع السابق الذكر، لم يكن ليتعارض مع هذه الأهداف. وطالما الذين كانوا ينشطون في الخفاء، أيام مراجعة قانون المحروقات، هم اليوم في المواقع الحساسة لصناعة القرار، فاحتمالات تراجع ذلك الخطر غير واردة. فما يحذر منه يوسفي له أساس. وما تنبه منه جزء من المعارضة، عن تغوّل دور المال، قد يكون مصدر الخطر الأساسي الذي نعيشه اليوم.. بل الآن. وليس أقله استمرار التبذير في الاستيراد على حساب الإنتاج. وكل ذلك باسم الوطنية. مشاكل الجزائر تستدعي ورقة عمل يتكفل بتحضيرها محترفون. ويطبقها محترفون. وجل الخطر الآت مصدره  تلك “الوطنية” الزائفة والمزيفة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: