+ -

 تبدو عملية “شارلي” من اللحظة الأولى من تنفيذ المتطرفين الإسلامويين (بين قوسين)، وخاصة فرع “القاعدة”. بيد أن التجارب علمتنا بأن الحدث التاريخي له ظاهر وباطن. فالظاهر معلوم بالخبر والمشاهدة، أما الباطن فمعلوم بالتفسير والتعليل، فنحن لا نتهرب من تحمل المسؤولية التاريخية لتبعات العملية، إذ يبدو أن دافع الانتقام واضح وبيّن، كما أن نية نصرة النبي جلية وحاضرة، خاصة أن الجريدة الساخرة مست المسلمين في أعز شخص يكنّون له الحب والمودة. وبالرغم من ذلك أسجل الملاحظات الآتية:1- كيف نفسر التباين بين السيارة المصورة أثناء العملية والسيارة المحجوزة لدى الشرطة، فالأولى تبدو المرايا بيضاء اللون في حين تبدو في الثانية سوداء؟2- كيف نفسر وجود بطاقة الهوية لأحد الأخوين؟ علما أن العملية تبدو محكمة بل متقنة إلى حد كبير.3- كيف نفسر فردة الحذاء الرياضي، علما أنها من النوع الذي يفرض الإحكام والشّد؟4- كيف نفسر عدم حرص الشرطة على القبض عليهما أحياء دون اللجوء إلى قتلهما كما فعلوا مع مراح؟أعتقد من خلال قراءة الأحداث أن العملية فعلا من تنفيذ الأخوين كواشي، وأن دافعهما ديني جاء كرد على عنجهية الصحيفة التي لم تراع شعور المسلمين، ولم تلتزم بأخلاقيات المهنة، وتخطت حدود حرية التعبير التي تكفلها الديمقراطية روحا وقانونا. ومن ناحية أخرى مشاركة فرنسا في التحالف الدولي ضد “داعش”.تُصنف العملية في أبجديات الجهاديين ضمن خانة ما قام به محمد بن مسلمة، حين اغتال الشاعر كعب بن الأشرف، والذي أهدر الرسول دمه نظرا لأشعاره المسيئة للرسول ولسخريته الفظة وتشبهه بنساء المسلمين.لكنني أعتقد دائما بأن الجماعات المارقة مخترقة في أغلب الأحيان من قبل المخابرات، فالعقل المدبر يقبع خلف الستار، وتحركه المخابرات، وأعتقد بأن المخابرات الإسرائيلية هي أكبر مستفيد من العملية للأسباب الآتية:1- اعتراف البرلمان الفرنسي بدولة فلسطين أحرج الصهاينة إحراجا كبيرا، وهم يعلمون بأن عتبة الاعتراف الشكلي بدولة فلسطين هي مسيرة نحو الاعتراف الرسمي بشكل تدريجي.2- وجود تحول تاريخي في ذهنية المجتمع المدني الأوروبي حول القضية الفلسطينية، فالجرائم الصهيونية المرتكبة في الأراضي الفلسطينية بيّنت الوجه القبيح لليهود، وساعد في ذلك الثورة المعلوماتية الرهيبة وتطور أشكال الاتصال.3- جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا لا يرى أي ارتباط له مع المسألة اليهودية، فهو جيل لم يشارك في الحرب ولا يتحمل أي تبعات تاريخية. ويعتقد أن اليهود ليس لهم ديَن عليه مثلما كان على آبائهم أو أجدادهم. ستكون لعملية “شارلي إيبدو” ارتدادات خطيرة على الجالية الإسلامية في أوروبا وأمريكا، وستكون دور العبادة هي الهدف الأول للمتطرفين اليمينيين، ثم كل من يحمل شعارا إسلاميا ما، بل سيتحوّل العداء إلى كل ما هو شرقي بالمفهوم الغربي.جاءت العملية هدية من ذهب للأحزاب اليمينية، والتي ستجعل منها قضية لتمرير خطابات العنصرية، وتدعو لطرد المهاجرين والمغتربين على السواء، سيعود شعار أوروبا للأوربيين أقوى مما طُرح، وسيعيدون سيناريو “محمد خذ حقيبتك وارحل”[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات