+ -

في متابعة الوضع القائم يمكن أن نرى بوضوح أن ”انسدادا” خانقا استحكم وأنه لا مخرج في الأفق بل الآفاق تبدو مكفهرة ومخيفة.(للتوضيح: الانسداد يعني عجز الكل، أي كل أطراف القرار والسلطة، على التوافق على مخرج وعلى حل).أطراف في الساحة السياسية، مثل تنسيقية الانتقال الديمقراطي والمرشح السابق علي بن فليس، تتحدث عن ”شغور منصب الرئيس” لأن الرئيس لا يظهر ولا يمارس مهامه. السيد مولود حمروش تحدث عن انسداد وشلل سياسي كامل،  وعن ضرورة اتخاذ قرار توافقي، بين أصحاب القرار، لتجاوز الانسداد وإنقاذ البلاد من احتمال الانهيار. ونذكر أن مولود حمروش وجّه كلامه ودعوته للشخصيات الثلاثة المسؤولة عن أهم مؤسسات الدولة، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والفريقان أحمد ڤايد صالح ومحمد مدين، من أجل إنقاذ البلاد وفتح الباب أمام مسار سياسي جديد.اليوم لا شيء يمكن اتخاذ قرار فيه من دون رئيس الجمهورية وإن كانت جل المؤشرات تدل على أنه لا يمارس مهامه الدستورية، فكيف تدار شؤون الجمهورية؟ هل يمكن للبلاد، وهي تعيش ما تعيش داخليا وتعيش ما تعيش على كل حدودها، أن تستمر طويلا على هذا الوضع وعلى هذا الغموض وعلى هذا اللاقرار؟إن التساؤل: من اتخذ قرارات التعيين أو إنهاء المهام؟ من سيوقع المراسيم ومن سيقبل أوراق اعتماد السفراء ومن سيصدر التشريعات، ولماذا لا يتحرك المجلس الدستوري، ليست بذات أهمية قصوى لأن الأمر ليس مسألة إجرائية إنه مسألة على قدر عال من الأهمية السياسية وهو وضع مخاطره كبيرة إن لم يحدث توافق بين مختلف شخصيات القرار والأطراف المؤثرة كلها.المؤشرات تؤكد اليوم أن البلاد تعاني منذ فترة غير قصيرة أزمة عميقة ودخلت انسدادا سياسيا كاملا، ومع ذلك لم يتوفر أي مؤشر على إمكانية تجاوزه. فالتعليقات والمؤشرات ظلت تشير لخلاف أو خلافات، بين ”أصحاب القرار”، وعشنا شهورا طويلة نحصي المناورات والمناورات المضادة.بعض المضاربات تهتم بالأسماء وليس بالحل في حد ذاته وتلك مشكلة هذا النظام التي يجب الخروج منها نهائيا.ويمكن أن نتوقع ثلاثة سيناريوهات في إدارة هذا الوضع.السيناريو الأول: بقاء الوضع على حاله. فمنذ مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وعلاجه في فرنسا ثم ترشحه في ظروف غير مفهومة لعهدة رابعة، وأنصار العهدة الرابعة يؤكدون أن الرئيس بخير وأن وضعه الصحي يتحسن بشكل مضطرد. ونذكر ”العنف السياسي” الذي تم اللجوء إليه لفرض العهدة الرابعة، ومن الصعب تصور أن هؤلاء يمكنهم أن يتغيروا، ما يدفع لتوقع لجوئهم إلى ”عنف سياسي” أكبر من أجل إبقاء الوضع على ما هو عليه. وفي هذا السيناريو يمكن أن ندرج أيضا إما ”التوريث” أو ”صيغة نائب الرئيس”، إن كان هناك تعديل للدستور، أو حتى مرشح لمجموعة الرئيس.السيناريو الثاني: حدوث حالة شغور، بالمعنى الدستوري، ومنذ فترة قصيرة قرأنا خبرا، نعم خبرا من مصدر رسمي فرنسي، يؤكد أن الرئيس الفرنسي اتصل هاتفيا بالوزير الأول، نعم بالوزير الأول عبد المالك سلال وليس برئيس الجمهورية، ثم تابعنا تصريحات للرئيس هولاند من نيويورك يؤكد فيها أن الرئيس ”عاجز”. هنا لا يمكن عدم ملاحظة أن الأمر فيه إنّ. أين الرئيس بوتفليقة؟ لم يصدر عن الجهات الرسمية الجزائرية أي تفسير لهذا الغياب ولاضطرار الرئيس الفرنسي للحديث مع الوزير الأول وليس مع الرئيس. المضاربات مازالت تنشط من حين لآخر للحديث عن ”تدهور” صحة الرئيس، ولكن الغموض يبقى سيد الموقف، والسيناريو يظل واردا والآليات الدستورية في إدارة الشغور واضحة.السيناريو الثالث: أن يعلن الرئيس نفسه عن تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة، مثلما حدث مع الرئيس زروال. ولكن ذلك في حاجة لقرار من الرئيس ومن مجموعته وفي حاجة لمنطق سياسي يضع في الحسبان مصلحة الجزائر واستقرار الدولة أيضا أو يكون نتيجة توافق بين أطراف القرار وبين الداخل والخارج.هناك أحاديث وتأويلات لتصريحات الرئيس الفرنسي ومحاولات فهم الموقف الأمريكي وهناك ”أحاديث” جدية عما دار في اجتماع المجلس الأعلى للأمن وعن طغيان رأيين رأي ركز على الأمن على الحدود ورأي ركز على العوامل الداخلية ومخاطر الانسداد والشلل الذي استحكم على المؤسسات الهشة على الأمن والاستقرار، وكل ذلك من العوامل التي لا تغيب في اعتماد أي سيناريو. ولكن ينبغي أن نتساءل أيضا: هل الانهيار هو النهاية الوحيدة الممكنة لهذا الانسداد؟ ربما. [email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: