+ -

 أيام زمان، كانت السلطة هي من تراقب المثقف. وتلك مهمة تقليدية تعوّد عليها المثقفون. قرأوا لها ألف حساب، فأوجدوا سلوكيات لمسايرة تلك الوضعية التاريخية، مثل اللجوء للرمزية والإيحاءات وغيرهما من المهارب للفكاك والتخلص من رقابة السلطة. كانت القواعد حينها واضحة، ما خلق تعاضدا وتكاتفا بين المثقفين، فسارت الأمور وفق ما تقتضيه العلاقة بين الطرفين. 

أما اليوم، فقد تغير الوضع، وبرز معطى جديد، بحيث كفت السلطة عن ممارسة الرقابة على المثقف، وتركت له كامل الحرية لقول ما يريد، لكن في المقابل أرى أن مهمة الرقابة أصبح يمارسها المثقف نفسه. مثقفون يراقبون مثقفين آخرين. ينغّصون عليهم حياتهم، ويحاولون تحطيمهم وتكسيرهم، عبر محاولة النيل من نزاهتهم، ونسج الأكاذيب حولهم؛ ففي ظل تراجع المشاريع الأيديولوجية، اختفت الخصومات الأدبية والفكرية التي انتشرت حتى في عز أزمة التسعينيات، فحلّت محلها ما أعتبره رقابة المثقفين لمثقفين آخرين، وتلك الرقابة مدعومة بشللية رهيبة وولاءات بغيضة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: