الجـــــزائــــــــــر كـــل لا يتجـــزأ سيـــدي الوزيــر

+ -

 كتب لي أحد الشباب على صفحة العمود: “أختي الكريمة إنني أتابع وأحب ما تكتبين وهو حقيقي، لكن نحن الشباب اليوم نريد من يزرع الأمل فينا، لقد مللنا من هذا الوضع”. أثّر فيّ كلام هذا الشاب، وبقيت أسبوعا كاملا أبحث عن هذا الأمل، في عيون الناس، في الطريق، في سماء، في التلفزيون وفي الأخبار خاصة، بين قرارات الحكومة، ونقاشات البرلمان، التصريحات وتحركات الوزراء، وأراقب ما يحدث في المجتمع، لم أجد ما أقدم له من أمل. لكن وفي قمة يأسي، أطلّ علينا هلال الوزير الأول عبد المالك سلال، فاتضحت الرؤية وثبت الأمل، بعدما قاله سيدي الوزير الأول في زيارته من عمق صحرائنا الحبيبة، “لا خوف على الجزائر، لا داعش ولا دويعش.. الجيش بخير”.. كم أتمنى أن نجد من يقول لنا الجزائر بخير، لا يفصّلها ويجزئها ويقسّمها أطرافا وقطعا، مرّة الرئيس بخير، ومرّة الحدود بخير، ومرّة غرداية بخير، ومرّة الجيش بخير، والشرطة بخير.. متى نصل إلى الكل، أن نقول بكل فخر واعتزاز الجزائر بخير، بكل اختصار. لكن هيهات من يملك الجرأة على قول هذا، من يتحمل مسؤولية حقيقة أكبر من كل المغالطات الإعلامية والشعبوية .. نعم الجيش بخير ونحمد الله على ذلك، لكن السؤال، هل يكفي سيدي الوزير أن يكون الجيش بخير، لتكون الجزائر بخير؟ أيكفي أصلا أن نقول أن الجيش بخير لنطمئن؟ وهل تُراك تعتقد أن الجيش هو الجزائر، وإن كان الأصل كذلك، حسب هذا النظام المُجيّش في تفكيره وتصرّفه أصلا. ألستم أنتم الذين تطبّقون برنامج رئيس الجمهورية كما قلتم، والذي يسعى إلى إرساء قواعد الدولة المدنية؟ أعتقد أن أهم شيء يجب أن نطمَئِنَّ عليه، هو وضع القوانين التي تحفظ حقوق المواطن وتحدد واجباته، فأين هذه القوانين وغرداية تغلي منذ 10 أشهر ولا حل؟ أين القوانين والاقتصاد ينتهك بكل طرق، هذا الاقتصاد الذي تؤكد أنه ينمو.. نعم، ينمو منذ أن غرسنا تلك الشجرة سنة 1962، إلى حد الآن لم يستطع أحد قطف ثمارها، إلا من يسكنون في الطابق العُلوي، لأن أغصانها في عنان السماء، لا يصلها من هم فوق الأرض، وهذا بفضل سقيها بالذهب الأسود المفيد جدا للنمو .. وأين العدالة؟ وقبل كل هذا كيف يمكن أن يُؤمن بدولة مدنية من كان أول من انتهك الدستور مرات عديدة دون حتى الرجوع للشعب..؟ الجزائر ليست الجيش وحده سيدي الوزير الأول، هو أهم مؤسسة حامية للجزائر نعم، لكن ماذا سيحمي إن تحطّمت باقي المؤسسات أو اهتزت؟ ماذا سيحمي إن فقد الشعب ثقته في وجود دولة أصلا، مع ما يحدث في مؤسسات الدولة الأمنية؟ أي دولة هذه التي تقوم بعدها إن لم تكن دولة عسكرية ديكتاتورية، أو دولة المافيا والعصب والنزاعات؟. إن تحقيق حلم الدولة المدنية، لا يمكن أن يكون إلا ببناء مؤسسات الدولة، من قضاء عادل وبرلمان يختاره الشعب، عبر ممثليه ومعارضة حقيقية تنبع من الشعب، وليس عن طريق الولاءات والجهوية المقيتة ولا المال الفاسد.. مجالس شعبية تمثل المواطن في عمق وجوده، ومجتمعا مدنيا يدافع عن حاجات وتطلعات المواطن ويراقب السلطة والمعارضة على السواء، وينبه بالانحرافات والاختلالات. بل وشعبا مدنيا يفكر بمبدأ المواطنة وليس العائلة أو القبيلة أو الدشرة والدوار أو المحسوبية أو المال،  شعبا مدنيا يُفكر بمبدأ الحضارة والتحضر، وتحقيق منفعته من أجل حياة أفضل، ليساهم بعدها في البناء الإنساني.. الدولة المدنية سيدي الوزير الأول، أن لا نستعمل الجيش في كل مناسبة لنقول إننا بخير.. لا خير لنا إن بقي الجيش فقط بخير في الجزائر.. الجزائر كل لا يتجزأ سيدي الوزير الأول.. أملنا أن تكون الجزائر كلها بخير..

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: