38serv

+ -

 يرث اللواء عثمان طرطاڤ، المدير الجديد لدائرة الاستعلام والأمن بوزارة الدفاع، من سلفه الفريق محمد مدين، ملفات هامة تمثل بالنسبة إليه تحديات كبيرة. ويأتي على رأسها المخاطر بالحدود خاصة مع ليبيا، حيث يهدد التنظيم الإرهابي “داعش” بنقل نشاطه إلى الدول المجاورة. وفي الداخل، تتوجس السلطة من احتمال قيام انتفاضة شبيهة بما حدث مطلع 2011، كرد فعل على الرسوم والإتاوات التي ستفرض على المواطن.في منتصف جويلية الماضي هدد ثلاثة جزائريين من “ولاية الرقة” الداعشية بسوريا، أفراد جيش الجزائر بأنهم “سيكونون حطب الحرب المقبلة التي إن اشتعلت في الجزائر، فلن يخمد أوارها حتى نصل إلى الأندلس فاتحين، ولن يجدوا منا إلا النحر”. هذا التهديد يعد الأول من “داعش” ويفترض بأن الجيش وذراعه الأمني أخذه بجدية، وبالخصوص منذ أن وجد التنظيم الإرهابي لنفسه موطئ قدم في ليبيا. فالتهديد في هذه الحالة أصبح مباشرا وقريبا من الحدود، ومن غير المستبعد أن “الدواعش” في ليبيا يخططون للانتقام لمقتل عبد المالك ڤوري، أمير فرع التنظيم في الجزائر سابقا، ولمقتل غالبية عناصره نهاية العام الماضي. حادثة تيڤنتورين خطأ استراتيجيزيادة على الوضع في ليبيا، فتهديدات الإرهاب في مالي مستمرة منذ سنوات وتجسدت في الميدان باختطاف قنصل الجزائر بغاوو ومساعديه عام 2013. وفي نفس العام، شهدت منظومة الأمن الجزائري ثغرة خطيرة استغلها مختار بلمختار لتنفيذ اعتداء على منشأة الغاز بتيڤنتورين، ملقيا بذلك شكوكا قوية حول قدرة الجيش الجزائري وجهاز المخابرات على توقع المخاطر والتهديدات. فقد تنقل بلمختار وأفراد المجموعة المعتدية من مالي، متسللين عبر الحدود مع الجزائر، وقطعوا مسافة طويلة حتى بلغوا المنشأة وأخذوا كل وقتهم في احتجاز العشرات من التقنيين العاملين بها، من دون أن يتفطن لذلك عناصر المخابرات وحرس الحدود المنتشرون في الصحراء الكبرى.واعتبرت حادثة تيڤنتورين وحصيلة القتلى الثقيلة التي خلفتها، فشلا أمنيا يحسب على الأجهزة الأمنية التي يشاع عنها أنها تملك تجربة رائدة في محاربة الإرهاب. ومن المفروض أن طرطاڤ والفريق الذي سيشتغل معه، يدركون حجم الكارثة التي ستحل على البلاد لو تمكن الإرهابيون من تنفيذ عملية استعراضية شبيهة بعملية تيڤنتورين. وطرطاڤ نفسه يعرف أكثر من أي شخص آخر أن التحدي كبير في الجنوب، بحكم أنه واكب كل الأحداث الأمنية التي تعرفها المنطقة. ومن المؤكد أنه يعلم أن التنظيمات المسلحة التي طردتها القوات الفرنسية من شمال مالي، في إطار حملة “القط المتوحش”، لن تغفر للجزائر قرار فتح مجالها الجوي للطيران الحربي الفرنسي لضرب مواقع الجهاديين في مالي.على الحدود الشمالية الشرقية، ستكون الأجهزة الجزائرية تحت إشراف اللواء “البشير”، مضطرة لتحمل أعباء محاربة الإرهاب وكل المخاطر بالحدود مع تونس، المرتبطة بالوضع الجديد الذي يعرفه البلد بعد انهيار نظام بن علي. ويعرف المسؤولون العسكريون بالجزائر أن قدرات تونس في مجال محاربة الإرهاب وتجارة المخدرات وتهريب المواد الممنوعة قانونا ضعيفة، لذلك فهم يعولون على أنفسهم لتأمين الحدود. مخاوف من تكرار “ثورة الزيت والسكر”سيرث طرطاڤ أيضا حالة اللاحرب واللاسلم مع الجيران المغاربة، والوضع في الحدود المغلقة منذ 21 سنة وتداعياته على الأمن في الداخل. سيكون مضطرا للتعامل مع نزاع الصحراء الغربية، الذي لا يعرف تقدما في ظل تمسك الرباط والجزائر برؤيتيهما للحل. أوضاع المهاجرين الأفارقة والسوريين، ملف مرتبط أيضا بالأمن الداخلي وهو من الملفات التي خلفها له مسؤوله السابق مدين.على صعيد الأوضاع الداخلية، تخشى السلطات بالدرجة الأولى انتفاضة شبيهة بـ”ثورة الزيت والسكر” التي هزت أركان النظام قبل أكثر من 4 سنوات ونصف. وتعود المخاوف إلى سياسة “شد الحزام” بسبب انكماش المداخيل من العملة الصعبة. فحالة اليسر نسبيا، التي تعود عليها الجزائريون خلال سنوات الوفرة، خلفت شعورا بالأمان لديهم. وستواجه السلطات صعوبة كبيرة في تجنب غضب شعبي، في حالة حرمان الجزائريين من البرامج الاجتماعية التي ألفوها كبناء المدارس والمؤسسات الصحية الجوارية. لن يكون من السهل أن تقنعهم بأن انقطاع المياه ورفع تسعيرة الكهرباء والخبز والحليب وتوقف مشاريع بناء المساكن، وغيرها من ضرورات الحياة، حتمية فرضها انخفاض سعر النفط، لأن المواطن سيعبر بعنف عن رفض تحمل تبعات أخطاء ارتكبها الفريق الذي سير البلاد في الـ15 سنة الماضية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: