38serv

+ -

 ما هي الرسالة التي تحاول روسيا توجيهها إلى تركيا من خلال قصف جبل التركمان في سوريا؟ عمليا، موسكو، وعلى لسان رئيسها فلاديمير بوتين، توعدت بأن الرد على إسقاط أنقرة لطائرتها سوخوي 24 سيكون سيميتريكيا (متوازيا)، فهل القصد أنه سيكون بإسقاط طائرة تركية؟ المتابعون والمحللون ومركز الدفاع الروسي أكدوا مباشرة بعد التصريح أن الرد المتوازي لا يعني ذلك، بل على الأرض السورية، لذا فما حدث صباح أمس من قصف في جبل التركمان “بايربوجاق” بريف اللاذقية كان متوقعا جدا وفي تجمعات وأماكن سكن أبناء القومية التركية في سوريا، وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد طرح استفهاما حول قصد تركيا من خلال الإصرار على فرض منطقة آمنة على حدودها مع سوريا، وإن كان ذلك يعني حماية البنية التحتية للإرهابيين؟ لكن أشير هنا أن الرد الروسي على تركيا لا يقتصر على هذا فقط، فمثلما كان الرد المباشر بالقصف على جبل التركمان، كان الرد أيضا بقرار إرسال “قاتل حاملات الصواريخ” الذي سيرابط بالقرب من اللاذقية، إضافة إلى ذلك يسري الحديث عن إرسال بطارية صواريخ، لكن الأمر حتى الآن غير محسوم حول ما إذا كان الأمر يتعلق بـ”أس 400” أو “أس 300”، لكن حسب تقديري ستكون هذه الأخيرة، لأن الأولى ليس من السهولة إخراجها من روسيا. إذن في قراءتي إسقاط الطائرة فتح عمليا الأبواب على حرب باردة جديدة، بعناصر مختلفة كان في الزمن الماضي بين قطبين وحلفي وارسو والناتو، أما الآن فستكون بأحلاف وخريطة سياسية دولية متغيرة، لا يمكن تشبيهها في أي حال من الأحوال بتلك التي أدت إلى سقوط جدار برلين.تركيا عضو في الناتو ومعروف أنها تنفذ استراتيجية أمريكية بحتة، ما الذي حدث هذه المرة؟ سؤال ممتاز، في قراءتي الخاصة، وأسمح لنفسي بالقول إن تركيا تحاول منذ 2013 مع واشنطن إقامة حظر جوي في شمال سوريا، إلا أن رد الناتو كان ضد ذلك، ثم قال الأتراك إنهم يريدون فرض منطقة آمنة، فكان الرد سلبيا أيضا، فيما أتت إشارات خجولة من أنقرة في التحاليل أن الأمريكيين ميالون إلى المنطقة الآمنة، وظلت المماطلة الأمريكية قائمة وتتبعها في ذلك الدول الأوروبية، فجعلتهم تركيا يتحملون تبعات إغراق أوروبا بهجرات السوريين. وعلى الساعة الرابعة صباحا بتوقيت الجزائر أثناء القمة الفرنسية الأوروبية، أتت طائرة سوخوي لتكون بندا على الطاولة.. تركيا رمت القفاز أمام الرئيس الأمريكي باراك أوباما.. أنتم لا تريدون منطقة آمنة تفضلوا المفاجأة، الضربة وجهتها تركيا إلى النفوذ الروسي الذي امتد في خطط الكريملن ليغطي كافة المساحة السورية. وبدأت تصريحات قيادات الناتو أن تركيا لها الحق في الدفاع عن نفسها، لكنها لا تعبر عن حقيقة المواقف غير المعلنة، واشنطن فوجئت بتصرف تركيا، لكن روحية التضامن كانت معلنة، بينما ساد نقاش حاد في اجتماع الناتو ببروكسل، حسب التسريبات.نلاحظ تمسك كل طرف بروايته، إلى أي مدى ستكون للحادثة تداعيات؟ هل سنشهد حربا جديدة؟ هي معمعة تصريحات، المسألة ليست هنا، بل في من دخلت حديقة مصالح الأخرى؟ من دخل حديقة النفوذ الإقليمي للآخر؟ لولا حرب المصالح ما كان الأمر لينفجر، وما أطلق الصاروخ، ويأتي الحديث في التفاصيل الجانبية حتى لا يقال الأساس، فالأمر ليس شريط حدود سيادية بل مصالح نفوذ، يجب أن تقسم التصريحات على نصفين، فمصالح الدولتين متضررة، تركيا سيهتك اقتصادها وروسيا سيهتك وضعها، فإقليم القرم الذي دمرته روسيا لا يربطه طريق باليابسة مع روسيا، وتركيا هي العصب الحياتي والتجاري للقرم اليوم. لذا ليس من الممكن في أي حال قيام حرب ساخنة بين الدولتين.نقل عن مستشار سابق للرئيس الروسي أن روسيا هددت بضرب قطر والسعودية لدعمهما “الإرهاب”، أيمكن حدوث ذلك؟ هو كلام سخيف وتسريبات مغرضة، أكيد لا، هو نوع من تجييش المشاعر، والكلام ليس له أي قاعدة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: