38serv

+ -

بدأت لسعات قانون المالية لسنة 2016، تصيب الجزائريين، بعد أسبوعين فقط، من اعتماد الزيادات الجديدة، في عدد من المواد واسعة الاستهلاك، فظهرت مسيرات في شرق ووسط البلاد تندد بإجراءات التقشف. بالمقابل، تواجه الحكومة، وضعا حرجا للغاية بسبب النزول المدوي لأسعار النفط في الأسواق العالمية، ما قد يضطرها إلى اعتماد قانون مالية تكميلي أشد صرامة.فقد اختلطت بالكامل حسابات الحكومة في قانون المالية 2016، بعد أن صار برميل النفط الجزائري يلامس في الأسواق الدولية حاجز الثلاثين دولارا، بينما كانت الحكومة تمني نفسها لدى إعدادها ميزانية هذا العام بعدم نزول مستوى الأسعار إلى أدنى من السعر المرجعي المعتمد بـ37 دولارا، حتى لا يتفاقم العجز إلى أكثر مما هو متوقع. وباعتماد الأسعار الحالية والتي ستكون مرشحة للانخفاض، حسب الخبراء إلى 20 دولارا، سينتقل العجز من 50 مليار دولار المتوقعة، إلى مستوى خيالي لم تعرفه الجزائر في تاريخها.هذا الوضع الذي سيكون تأثيره قصير المدى على التوازنات المالية للدولة، سيؤدي لا محالة إلى سقوط قانون المالية 2016، واستدراكه بقانون مالية تكميلي يتبنى المعطيات الجديدة لسعر البرميل، وهو ما قد يعبر عن الجزء المخفي في كلام وزير المالية، عبد الرحمن بن خالفة، أمس الأول في وهران، عندما راح يصف الوضع بالصعب، لأن وتيرة هبوط أسعار النفط لم تكن منتظرة. وفي هذه الحالة، ستحاول الحكومة تخفيض وتيرة استنزاف العملة الصعبة المتوفرة في احتياطيات الجزائر بالخارج، وبالتالي تجميد المزيد من المشاريع واعتماد زيادات أخرى، حتى لا يتم الاقتطاع من ميزانية التسيير، تجنبا لحساسية الوضع الاجتماعي المحتقن أصلا، كما سبق وتنبأ بذلك الخبير الاقتصادي، عبد الحق لعميري، في كتابه “عشرية الفرصة الأخيرة”.بيد أن الاحتجاجات الشعبية، لا تتوقف كثيرا عند ما يجري في أسواق النفط، وقد بدأت تعم مناطق من الوطن مع بداية الإجراءات المسطرة في قانون المالية، كالزيادات الكبيرة في أسعار الوقود وما انجر عنها من ارتفاع في باقي المواد الاستهلاكية وتكاليف النقل. ذلك ما جرى في عنابة لأسبوعين متتالين يوم الجمعة، حيث عبر مواطنون عن رفضهم قانون المالية في وقفات سلمية رفعت فيها شعارات منددة بالتقشف. وأتبع ذلك أمس الأول بمسيرة شعبية بتيڤزيرت في تيزي وزو، خرج فيها عشرات المواطنين يحتجون على غلاء المعيشة وينددون بـالتقشف على الشعب “دون سواه”.الحراك الرافض للتقشف الذي بدأ ينزل إلى الشارع، بعد أن كان مقتصرا على الأحزاب والنخب السياسية المحذرة من قانون المالية، يطرح تساؤلا إن كان سيمتد ويتسع كما تتوقع لويزة حنون، زعيمة حزب العمال، وعبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، وباقي قادة المعارضة، أم أن المواطنين سيتفهمون أن الوضع يتعلق بأسعار دولية للبترول خارجة عن سيطرة الحكومة الجزائرية؟يقول نور الدين بن يسعد، رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، إن تفهم الشعب للحكومة ليس واردا على الإطلاق، لأن سياسة الحكومة التي كرست الفوارق بين الجزائريين زمن الوفرة المالية، يجعل التضامن معها صعبا في فترة التقشف. ويوضح وجهة نظره قائلا: “الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين تم إهدارها خلال السنوات السابقة، في مقابل ظهور مفاجئ لأصحاب ثروات طائلة، وقد أدى هذا الوضع المختل إلى حالة تذمر شعبي واسعة، زاد قانون المالية 2016 في تفاقمها لتصبح فوق طاقة تحمّل المواطنين”.وبحسب بن يسعد، فإن “السلطة تتحمل المسؤولية كاملة، لأنها أغلقت أبواب الحوار مع الشركاء الاجتماعيين والحقوقيين والسياسيين الفاعلين، حول مستقبل الجزائر، وتركت نفسها اللاعب الوحيد في الساحة، ظنا منها أن امتلاكها الأموال سيسمح لها بمواجهة أي غضب شعبي”، لكن الوقت أثبت، حسبه، أن “هذا التفكير كان محدودا، وهي اليوم بعد نفاد الأموال لا تجد الطريقة المناسبة للتصرف إلا تحميل الأزمة للمواطن”. ويتخوف الحقوقي من انزلاق الأوضاع إلى ما لا تحمد عقباه، محذرا من أن “استعمال العنف قد يولد العنف، وهذا ما يخشاه كل الجزائريين”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: