"ليلة زليمطا"تستحضر شخصية عبان رمضان روائيا

+ -

تحظى حاليا رواية ألفها الكاتب والجندي الفرنسي السابق “روني فيكتور- بيل”، صدرت بعنوان “ليلة زليمطا”، تناول من خلالها شخصية الشهيد عبان رمضان، بمتابعة إعلامية كبيرة. وكانت حصة “المكتبة الكبرى” التي ينشطها “فرانسوا بينال” على قناة “فرانس 5”، وهي أحد أهم المواعيد التلفزيونية الأدبية في فرنسا، قد استضافته مؤخرا للحديث عن روايته، بحضور المؤرخ “بنيامين ستورا”. تروي رواية “ليلة زليمطا” الصادرة حديثا عن منشورات “آلبان ميشال” بباريس، قصة لقاء مُتخيل بين جندي فرنسي مُختلق بدوره يدعى “النقيب جان ميشال - لوتيي”، مع الشهيد عبان رمضان بسجن “آلبي”. وكان عبان قد نُقل من قبل السلطات الفرنسية إلى “آلبي” بعد أن تمكن من افتكاك وضعية سجين سياسي عقب إضراب عن الطعام دام سنتين.نقرأ في الرواية على لسان القس العجوز اعترافات “جان ميشال - لوتيي” كما رواها للقس قبيل وفاته في جانفي 1961، إثر مشاركته في معركة مع جنود جيش التحرير. ويعود القس بالقارئ إلى سنة 1953 حينما غادر “لوتيي” عين تموشنت مسقط رأسه إلى فرنسا بغية استكمال دراسته في مدينة “تولوز” بثانوية “بيار دو فيرما” الشهيرة، ومن هناك يقوم بزيارة إلى سجن “آلبي” ضمن نشاطات خيرية انضم إليها، ويلتقي بعبان رمضان الذي مارس عليه تأثيرا كبيرا، وجعله يكتسب وعيا مختلفا ومغايرا عن ما تعود عليه في جزائر كولونيالية لا تنظر إلى السكان الأصليين. أدرك “جان ميشال لوتيي”، وهو يستمع لعبان رمضان، أن الجزائر تسود فيها انقسامية طبقية بين “من يملك كل شيء” في إشارة إلى كبار الملاك، و”من لا يمك أي شيء” ويقصد بها فئة المعدومين من الجزائريين والأوروبيين الفقراء على حد سواء، فرسم له صورة جزائر جديدة “هي جزائر ليست فرنسية، بل مستقلة عن فرنسا”.ويشير المؤلف في كتابه، على لسان عبان رمضان، إلى أسماء كبار الملاك من أصحاب الثروات الضخمة أمثال “بورجو”، “شيفانو” و”بلاشيت”، في مقابل “شعب فقير من الأقدام السوداء” يعيش على الأوهام، لا يملك إمكانية النظر إلى الواقع نظرة صحيحة.وتقدم لنا الرواية شخصية “لوتيي”، بعد لقائه بعبان، في صورة مغايرة، إذ أصبح رجلا مثاليا، مهوسا بالعدالة والشرف، ومُدركا لتعقيدات الوضعية الاستعمارية. كما تقدم عبان في صورة إيجابية، فهو “روبيسبيير الثورة الجزائرية” حينا، و”جان مولان” (الذي قاوم النازية) حينا آخر، أو “ماوتسي تونغ إفريقيا” في أحيان أخرى. ويظهر عبان في الرواية بثقافته العامة الواسعة، وبقدرته على التأثير والإقناع. بعد أربع سنوات من هذا اللقاء، وبالضبط خلال شتاء 1957، يلتقي “جان ميشال لوتيي”، وقد أصبح جنديا في الجيش الفرنسي، بعبان رمضان بمزرعة تسمى “زليمطا” بالغرب الجزائري. وكان عبان حينها في طريقه إلى المغرب، بعد أن اضطر لمغادرة الداخل عقب تمكن مظليي الجنرال ماسو من كسر إضراب الثمانية أيام.خلال هذا اللقاء الثاني، يتمكن عبان مرة أخرى من رسم معالم الجزائر الجديدة التي تريدها جبهة التحرير الوطني، ويمارس تأثيرا آخر على “النقيب لوتيي”. وبطريقة متخيلة كذلك، يجعل المؤلف “روني فيكتور – بيل”، شخصيته المحورية، أي النقيب “لوتيي”، يُقدم على عصيان الأوامر، ويرفض إلقاء القبض على عبان الذي يواصل طريقه إلى المغرب. ويستمر المؤلف في تقديم شخصية عبان في صورة إيجابية، ليقف في النهاية عند ظروف اغتياله في تيطوان يوم 27 ديسمبر 1957، من قبل رفاقه في السلاح. للعلم، سبق للمؤلف “روني فيكتور – بيل” أن نشر كتابين حاز بواسطتهما على جائزتين أدبيتين هامتين، هما رواية “لا روبارب” سنة 1965 التي تحصلت على جائزة “ميديسيس” و”نذير الشؤم” سنة 1974 الحائزة بدورها على جائزة “فيمينا” الأدبية. وشارك “فيكتور – بيل” في “حرب الجزائر” بين 1957 و1959 في الغرب الجزائري.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات