"التنافس على الدنيا وزينتها يجعل الناس تستهين بالمعصية"

38serv

+ -

دعا الدكتور إبراهيم التهامي، أستاذ الشريعة بجامعة الجزائر، في حوار خص به ”الخبر”، الدعاة إلى عدم تيئيس الناس من رحمة الله، وأبدى أسفه من بعض الدعاة ممن يُنَفرون الناس من الدين بأساليبهم التي تفتقر إلى العلم والمعرفة بالواقع وترهيب الناس من العذاب والتركيز على الوعيد دون الوعد، بينما الدعوة تقوم على الترهيب والترغيب.ما أسباب الوقوع في الذنوب والمعاصي؟ الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع في المعاصي كثيرة، أذكر منها: غياب الوازع الديني والإيماني الذي يجعل المسلم يخاف ويخشى من الوقوع في المعاصي، فالمؤمن الحق يمنعه إيمانه من اقتراف المعاصي والاقتراب منها لأنه يعلم أن الله يراه، فمجرد علمه بذلك يجعله يستحي من الله ويعلم بأن كل ما يلفظ به فهو مسجل وسيحاسب عليه بين يدي الله يوم يقوم الناس لرب العالمين. والتنافس على الدنيا وزينتها يجعل الناس تستهين بالمعصية وتجعلهم يبيحون المحرمات من أجل كسبها والوصول حتى لو تطلب ذلك التضحية بالدين والأخلاق والشرف. إلى جانب الرفقة السيئة وأصحاب السوء الذين يقودون من يصحبهم إلى مراتع الفساد والمعصية وأماكن الشبهة بدل أن يقودوه إلى أماكن الفضيلة والخير والدين، ولذلك حذر الإسلام من رفقاء السوء، قال الله تعالى: {الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُو إِلا الْمُتقِينَ}. فرُفقاء السوء يكونون يوم القيامة أعداء بعضهم بعضًا ويتبرأ بعضهم من بعض ويتهم بعضهم بعضًا. وكذلك الجهل وقلة العلم بالدين وبأحكام الإسلام من الأسباب الرئيسية للوقوع في المعاصي، لأنه يجهل أنها حرام، وبالتالي يقع فيها، ولذلك لا بد من نشر التعليم الديني على أوسع نطاق بدل التضييق عليه بحجج واهية.ما هي الآثار التي تتركها الذنوب على الفرد والمجتمع؟طبعًا المعاصي لها آثار سيئة ومدمرة على الفرد والمجتمع على السواء، فعلى مستوى الأفراد ينشأ جيل لا يحس بالمسؤولية وليس له اهتمام بما يحيط بأمته وببلده من أخطار، فضلاً عن الأمراض التي قد تصيبه من إدمانه على المعاصي، وبخاصة عند الشباب الذي هو أمل الأمة والبلد، فإن المعاصي تدمره فينشأ على الميوعة وفقدان الرجولة ويصبح أسيرًا للشهوات والمحرمات.أما على مستوى المجتمع، فإن المعاصي تؤدي إلى انتشار الآفات الاجتماعية كالسرقة والقتل والظلم والاختطاف وانعدام الأمن، بالإضافة إلى أن المجتمع الذي تنتشر فيه هذه الآفات معرض لغضب الله وانتقامه، وقد قص علينا القرآن قصص الأمم التي انتشرت فيها المعاصي مثل قوم لوط الذين خسف الله بهم الأرض لما انتشرت فيهم الفاحشة، وقوم شعيب عليه السلام الذين كانوا يطففون الميزان فعاقبهم الله أشد العقاب، وثمود قوم صالح عليه السلام، وقوم فرعون الذين أغرقهم بسبب ذنوبهم وطغيانهم، وغيرهم من الأمم والأقوام. وفي الحرب العالمية الثانية، أرجع فلاسفة فرنسيون سبب هزيمة فرنسا على يد الألمان إلى أسباب أخلاقية وليس إلى نقص القوة المادية.فما هي الطرق والوسائل التي يمكن للمسلم من خلال التمسك بها التخلص من الذنوب والمعاصي وتجنب الوقوع فيها؟ المسلم الذي أسلم وجهه لله وآمن بمنهج الله وبما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام من شريعة وأوامر ونواه من عند الله ينبغي عليه أن يكون أبعد الناس عن الذنوب والمعاصي، لأنه يعرف ما بينه وبين الله، والإسلام هو التزام وليس مجرد انتساب، وأهم الوسائل التي تقي الناس من الوقوع في المعاصي هي التربية على الأخلاق والفضائل والدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه المهمة هي مهمة الأسرة والمدرسة والمجتمع والدولة جميعًا، ونشر التعليم الديني في المجتمع.هل تعتقد أن الأسلوب الذي يلجأ إليه الدعاة للتحذير من الوقوع في الذنوب والعاصي بالتذكير بأضرارها الصحية والجسدية كفيل بترهيب الناس بأخطارها؟ الدعوة إلى الله واجب شرعي على كل مسلم قادر على ذلك خاصة العلماء، لقول الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}. ومن واجب الداعية أن يحذر من الذنوب والمعاصي وبيان خطرها وأثرها السيئ على الفرد والمجتمع، ولكن للأسف هناك بعض الدعاة يُنَفرون الناس من الدين بأساليبهم التي تفتقر إلى العلم والمعرفة بالواقع وترهيب الناس من العذاب والتركيز على الوعيد دون الوعد، بينما الدعوة تقوم على الترهيب والترغيب أيضًا  لا على التيئيس من رحمة الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”بشروا ولا تنفروا يسروا ولا تعسروا”، هذا هو الأسلوب الصحيح الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم.      

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات