"لا يتحقق الاستقرار في مالي ما لم تنسحب فرنسا من المشهد"

38serv

+ -

لماذا يتجدد العنف في مالي في كل مرة؟ رغم دخول الفرقاء في خارطة طريق تم رسم معالمها في الجزائر، وسمحت بعودة الهدوء إلى المنطقة، سرعان ما تجدد العنف ووقع هجوم مباغت على قاعدة عسكرية وسط البلد، وتبنت العملية جماعة مسلحة تنتسب إلى “الفولاّن” وهي قبيلة منتشرة على مستوى القارة. لكن هناك معلومات وثيقة أفادت أن الجماعة أنشئت من قبل “أنصار الدين” الإرهابية، ولا علاقة لها بـ«الفولان” أو ما يسمى بـ«جبهة ماسينا”. والهدف هو استجلاب عناصر إلى صفوفها والقتال بجانبها.وأشير هنا أيضا أن الخلاف تجدد كذلك بين حركة “بلاتفورم غاتيا” المقربة من الحكومة المالية، كونها ترفض الانفصال، وبين المتمردين وكذا تنسيقية حركات أزواد، الطرف الرئيسي في اتفاقية الجزائر. وهو ما يشوش على اتفاق السلام الذي أبرم بالجزائر.هل الخلاف يكون دائما إيديولوجيا وعرقيا أم هناك مسببات أخرى؟ الصراع في أصله عرقي لكن بدرجات متفاوتة.. فهناك مجموعة ترفض حكم الزنوج لهم في الجنوب أين يوجد غالبية حكام مالي. وربما يرجع ذلك لرواسب نزاعات تاريخية وقديمة لا تزال تفرض نفسها على الحاضر. كما أن هناك عوامل أخرى، منها على سبيل المثال أن قبيلة الطوارق مبنية على الطبقية. وهو ما صعّب قليلا في وجود حل.. فالطوارق الإيفوغاس معظمهم لديهم نزعة انفصالية وقادة له، ومنهم الكثير من لا يستوعب أن يكون غيره في المناصب القيادة بالبلاد، ويعتبرون أن غيرهم يريدون سرقة أحلامهم وجهودهم، كما يريدون إبعاد الآخرين في تقسيم ما أسفرت عنه الاتفاقيات من نتائج، ويمثلهم بطبيعة الحال تنسيقية أزواد.في حين إن قبيلة إيمغاد وهي أيضا طارقية، ترفض الانفصال، وممثلها الجنرال الحجي أغ غامو. وهي التي تمثل حركة “غاتيا” الموالية للحكومة، وهذه الحركة مقربة جدا من الماليين ويتعاطفون جدا مع مواقفهم الرسمية..وللإشارة، في كيدال هناك ما يسمى الإيفوغاس، وهم غالبية حركة أزواد مع الانفصال، وآخرون من الإيمغاد غالبيتهم حركة “غاتيا “وهي موالية للحكومة وليست مع الانفصال وكلهم طوارق.مَن المستفيد ومن الخاسر من تجدد المواجهات، خاصة وأن الكثير من الدول تتدخل في حلحلة النزاع؟ لا شك أن الخاسر هو الشعب المالي، والحكومة تشعر أنها تائهة ولم تعد تسيطر على الوضع، وزادها الضغط الشعبي في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتهم المشاركون بالخوف وعدم الكفاءة، بالنظر أن الرئيس لا يستطيع أن يزور منطقة إلا بتوقيع من فرنسا والممثل الأممي. كل ذلك يجعل الكثير ممتعضا، خاصة أن الاتفاقية - ورغم إقرارها من طرف الحكومة- إلا أن الكثير من أفراد المجتمع لا يعترف بها، لأنّها تكرّس التمرّد وتقدم له شرعية سياسية. هذا هو الشعور العام في مالي، وأعتقد أنه ما لم يتم العمل لحلحلة هذه النقطة فإننا سنجد أنفسنا في دوامة لا تنتهي..كما أن هناك اعتقادا سائدا لدى الماليين يقول إن فرنسا مستفيدة من بقاء الوضع بهذا الشكل، وما لم يتم إخراجها من المشهد فإننا لن ننعم بالاستقرار.. فهذه الأخيرة تحاول إقناع العالم أنها في حال خرجت من الشمال فستحصل مجزرة ضد المتمردين والطوارق.. وهذا ليس بصحيح، بدليل أن الطوارق الذي يقودهم التمرد هم أقلية، مقارنة بمن يدعمون الاستقرار والعودة إلى العمل السياسي السلمي.ما هي قراءتكم لتجاوز العنف جغرافيته المعهودة وامتداده إلى وسط البلاد؟ الهجوم على قاعدة عسكرية بمدينة نامبالا وسط البلد تطور لافت، وتبنته جبهة “ماسينا” الإرهابية، التي أنشئت من أجل الدفاع عن الفولان - إن صح ذلك. والسبب أن البامبارا او القبائل الأخرى لا ترحّب بهم، وتقع خلافات عميقة مع الفولان الذين يتركون قطعانهم ومواشيهم لترعى في أراض مملوكة للآخرين، ما يعتبرونه اعتداء ويؤدي إلى احتقان كبير بين الفولان وغيرهم في هذا الشأن. لكن أعتقد أن الحكومة يجب أن ترسم الخطط لتفادي مثل هذه المشاكل الإثنية، وبطبيعة الحال تقع مسؤولية ذلك عليها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات