+ -

من ضمانات العدالة القانونية الّتي تساعد على استمرار التّوازن الاجتماعي اشتراط عدالة الشّاهد، لأنّ الظنّ لا يُغني من الحقّ شيئاً ولا يجوز أن تعرّض كرامة أحد للإهانة بسبب كيد كائد أو وشاية نمّام، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَنِّ إنَّ بَعْضَ الظَنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيِّتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}.بهذا التّوجيه النّوراني يطهّر القرآن الكريم الضّمير من داخله أن يتلوّث بالظنّ السيّئ فيَقع في الإثم ويدعه نقياً بريئاً من الهواجس والشّكوك أبيض يكنّ لإخوانه المودّة الّتي لا يخدشها ظنّ السّوء والبراءة الّتي لا تلوّثها الرّيب والشّكوك، والطّمأنينة الّتي لا يعكّرها القلق والتوقّع. وما أروح الحياة في مجتمع برئ من الظّنون.ولكن الأمر لا يقف في الإسلام عند هذا الأفق الكريم الوضيء في تربية الضّمائر والقلوب، بل أنّ هذا النّص يقيم مبدأ في التّعامل، وسياجاً حول حقوق النّاس الّذين يعيشون في مجتمعه النّظيف، فلا يأخذون بظنِّه ولا يحاكمون بريبة، ولا يصبح الظنّ أساساً لمحاكمتهم بل لا يصحّ أن يكون أساساً للتّحقيق معهم ولا للتّحقيق حولهم، والرّسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه في حديث أخرجه الطبراني عن حارثه بن النّعمان رضي الله عنه يقول: ”إذا ظننتَ فلا تحقّق”، ومعنى هذا أن يظلّ النّاس أبرياء، مصونة حقوقهم وحرّياتهم واعتبارهم، حتّى يتبيّن بوضوح أنّهم ارتكبوا ما يؤاخذون عليه، ولا يكفي الظنّ بهم لتعقّبهم بغية التّحقّق من هذا الظنّ الّذي دار حولهم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: