38serv

+ -

حذا وزراء حاليون حذو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي انتقد فترة تسيير الرئيس الأسبق، الراحل الشاذلي بن جديد، لدفة الحكم للجزائر في الثمانينات، فقد وصفها بفترة “تضييع البلاد لإقلاعها”. فوزير السياحة عبد الوهاب نوري، فتح النّار على سابقه (لم يذكره بالاسم) عمار غول واتهمه ضمنيا بـ”الفساد”. ولم تبرد هذه الحادثة، حتّى خرج وزير الموارد المائية، عبد القادر والي، يرد “الصاع” لنوري، فكشف عن فضيحة في قطاعه يبدو أن والي تلمسان سابقا بطلها.كان انتقاد الوزراء في الجزائر فيما بينهم يسري في الخفاء بعيدا عن “التصريحات العلنية”، فحين يرغب وزير جديد في إيصال رسالة للوزير الذي استخلفه على رأس القطاع، يجري تغييرات جذرية في ديوانه فيعزل كل الذين فيهم “رائحة” سابقه، على أن تستمر الإقالات تباعا لدى باقي المصالح والمديريات.سلال يتدخل..أمّا الآن، فلا يتحّرج وزراء من “توسيخ” زملائهم واتهامهم بـ”الفساد وسوء التسيير” أمام الملأ. فيعقد هذا الوزير ندوة صحفية، أياما بعد تسلمه مقاليد الوزارة، يتحدّث فيها عن خطته لتطهير قطاعه ومحو خطايا سابقه، وكأن الوزير السابق كان ينشط خارج القانون بلا عين تراقبه أو تحاسبه.وقد برزت في السنوات الأخيرة سمة “تقطاع” الوزراء فيما بينهم بشكل مقلق ومخيف، فالرسالة التي تصل مسامع المواطنين أن “أعضاء الحكومة غير متماسكين ويتقاتلون فيما بينهم”. ومع ذلك لم يعتبر الوزراء مما قد يخلق تصدعا داخل الجهاز التنفيذي، لاسيما وأن الوزير الأول، عبد المالك سلال، قام، العام الفائت، بتاريخ 21 أوت 2015، في زيارة له إلى قسنطينة، بـ”تصويب” بعض الوزراء عندما صرّح بأنه “لا تصدع ولا انشقاق” داخل الحكومة، وكان هذا بسبب جدل التدريس باللهجة العامية في المدارس.وفي ظرف 48 ساعة فقط، تصادم ثلاثة وزراء حاليين فيما بينهم بتصريحات يتهمون بعضهم بـ”الفساد” وإن لم يذكروا الأسماء. فكان الأول عبد الوهاب نوري الذي انتقل من قطاع الموارد المائية إلى قطاع السياحة والصناعات التقليدية في حكومة سلال الخامسة في 11 جوان الماضي، فقد اتهم نوري سابقه عمار غول، الذي خرج من الحكومة وعُيّن سيناتورا، ضمنيا بـ”سوء التسيير”.سرقة وفساد وتبديد..وقال نوري: “تم في أوقات سابقة توزيع 65 هكتارا بطرق مشبوهة وغير شرعية بحظيرة “دنيا بارك” بالرياح الكبرى بالجزائر العاصمة، وقد أصبت بالذهول حين اطلعت على ملف الحظيرة، والوضع بالغ الخطورة ويستدعي اتخاذ إجراءات صارمة وعاجلة”. مضيفا: “تم توزيع قطع أرضية على أساس تجزئة دون مراعاة أدنى الشروط القانونية، وبعيدا عن شفافية مسامع الرأي العام الوطني، لإقامة استثمارات وهمية تمثلت أغلبها في الإطعام السريع”.فهل يمكن تصنيف هذه الخرجة كإدانة من نوري لسابقه، ضمن إطار “تصفية حسابات”، ربّما بين وزيرين بخلفيات حزبية، نوري من الأفالان والثاني رئيس حزب، وكلاهما مقبلان على خوض غمار التشريعيات، وأيضا الأول يعرف أنه “وفيٌّ” للرئيس، بينما الثاني ألصقت به تهمة الموالاة للجنرال المتقاعد محمد مدين، المدعو توفيق، بحكم مشاركته في لعب كرة القدم معه. وإن كانت قراءات غير عميقة، فهذا ما بدأ يتناول به الرأي “خرجة” نوري ضد غول.نفس الوزير عبد الوهاب نوري انتقل في ظرف ساعات من فتحه النار على غول، إلى متهم دون ذكره بالاسم من طرف وزير الموارد المائية، عبد القادر والي، الذي استخلف نوري في التعديل الحكومي بتاريخ 11 جوان 2015. فقد كشف والي عن فضيحة، أول أمس، وهو يزور تبسة، عندما قال إن “مكتب دراسات كوري تم تنصيبه منذ أزيد من سنتين، لإنجاز دراسة أولية لمشاريع مُجسّدة في الواقع”. كلام والي يعني اكتشافه “تبديدا للمال العام”.حكومة “مشروخة”..العام المنصرم، تصادم وزيران، هما عمارة بن يونس، وزير التجارة (غادر الحكومة وخلفه بختي بلعايب) وعبد السلام بوشوارب، وزير الصناعة، بسبب مصنع “بيجو” للسيارات في الجزائر، حيث انتهت القصة برحيل بن يونس وبقاء بوشوارب. القبضة بين الوزيرين بدأت بـ”تباين” التصريحات بينهما، ما أظهر للرأي العام تخبط الحكومة وتضاربا في توجهاتها الاقتصادية الكبرى.فالوزير (سابقا) عمارة بن يونس (شغل قبل ذلك منصب وزير الصناعة والمطلع على تفاصيل القطاع)، أكد في تصريح له بأن مشروع مصنع “بيجو”، “لم يكن يوما على طاولة الحكومة ولا نعلم شيئا بخصوصه، وهذا الملف لم تتم معالجته ولم نشاهده بعد، وهو ليس مطروحا على طاولة الحكومة حاليا.. أنا لا أعرف بما يتعلق”.ساعات قليلة بعدها فقط، جاءت تصريحات بوشوارب لتنفي ما قاله بن يونس، أكد فيها “وجود محادثات جدية تتم حاليا بين الحكومة ومجمع “بيجو – سيتروان” لإنشاء مصنع بالجزائر ينتج سيارات تحمل علامة “الأسد” الفرنسية”. ولم يكتف الوزير بذلك، بل قدم تفاصيل عن اتفاق الشراكة وأجندات لإنجاز المشروع، بشكل يدل على أن المفاوضات في مراحلها الأخيرة. أمّا الآن وبعد عام كامل، الوزيران “ربحا العيب لبعضهما” والمصنع لحد الساعة لم تظهر له شمس.“الضرب” يصل إلى سحب الصلاحيات..وفي سياق “ضرب” المسؤولين بعضهم بعضا، لا يمكن أبدا نسيان الحرب التي اندلعت بين عبد الوهاب نوري لمّا كان واليا على تلمسان وخليدة تومي وهي وزيرة للثقافة. حكاية هذين المسؤولين الساميين في الدولة، بدأت منذ أعلن نوري رفضه دفع أي دينار إلى مكاتب الدراسات والشركات التي منحتها وزيرة الثقافة، خليدة تومي، مشاريع بصفة مباشرة ودون المرور على اللجنة الولائية للصفقات العمومية، في سياق التحضير لتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011. بل حتى أن نوري طلب آنذاك من الوزير الأول، أحمد أويحيى، ووزير المالية بـ”وثيقة رسمية تسحب منه صلاحيته كآمر بالصرف على مستوى الولاية وتحويلها لفائدة خليدة تومي”.كما طفت على السطح “معارك خفيفة” بين وزراء جدد وسابقيهم، ومنهم وزير التربية السابق، عبد اللطيف بابا أحمد، الذي أخضع قطاعه إلى “ليفتينغ” لمحو آثار أي مسؤول كانت له “علاقة وطيدة” مع الوزير أبو بكر بن بوزيد. ولم تشذ الوزيرة نورية بن غبريت عن هذه القاعدة، فاتهمت أيضا بن بوزيد باسمه في تصريح صحفي بأن “نتائج البكالوريا في عهده كانت مزوّرة”. وهذا بالضبط ما فعله عمارة بن يونس لما خلف مصطفى بن بادة على رأس وزارة التجارة، فأزاح كل المسؤولين وأنهى مهامهم لأنهم “جماعة” بن بادة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: