+ -

يشبّه بعض المعتوهين سياسيا وإعلاميا منتدى الجزائر حول الطاقة العالمية بذلك الاجتماع الذي حصل في الجزائر وهو مؤتمر الدول المصدرة للبترول الذي عقد بقصر الأمم سنة 1975. ووجه الشبه هنا غير وارد.لعدة اعتبارات:1- مؤتمر الدول المصدرة للبترول الذي انعقد بقصر الأمم سنة 1975 كان بين الدول المصدرة... ولم تكن فيه الدول خارج منظمة الأوبك. وزيادة على ذلك، فإن المؤتمر كان على مستوى عال جدا، حيث حضره الرؤساء من فنزويلا إلى شاه إيران إلى صدام حسين إلى الملك فيصل، وكان هذا المؤتمر مؤتمر القرارات وليس مؤتمر الزردات كما هو مؤتمر اليوم.2- مؤتمر 1975 كان انعقاده بعد عاصفة التأميمات التي انطلقت من الجزائر سنة 1971 وشملت العديد من الدول.. كانت منظمة الأوبك مبهرة بالفعل الجزائري التأميمي والنضال الجزائري في حركة عدم الانحياز والوحدة الإفريقية، خاصة بعد الانعطاف الذي أحدثه مؤتمر عدم الانحياز الذي انعقد في الجزائر سنة 1973 بعد التأميمات البترولية. وأعطى هذا المؤتمر بعدا آخر لنضال عدم الانحياز، وهو النضال الاقتصادي. وفق برنامج واضح للتحرر الاقتصادي لدول العالم الثالث وتقوده الجزائر.3- كل الجزائريين والعالم لاحظوا كيف كان لدور الرئيس بومدين رحمه الله اليد الطولى في مؤتمر الأوبك بالجزائر سنة 1975... ولن ينسى العالم الثالث والتاريخ الحديث صورة بومدين وهو يسلم خديه للتقبيل عليه في وقت واحد من طرف الشاه وصدام..!4- الجزائر اليوم لا يوجد فيها من باستطاعته أن يجمع ما جمعه بومدين بين الشاه وصدام. لأن الجزائر الآن تمزقها الصراعات الداخلية داخل الحكم وفاحت روائح فساد حكامها إلى حد الهوان على الناس... ولا يوجد بين حكامها اليوم من باستطاعته أن يؤثر في صناعة القرار... ولهذا كل طموح الجزائر في هذا الاجتماع أن تكون مجرد نادل بارع يقدم الخدمات للمجتمعين ولا يؤثر في ما يقولون أو ما يقررون... ولهذا يرفع بلهاء الحكم في الجزائر الآن شعار “إن الاجتماع هو للتشاور والدراسة وليس للقرار”... وهم على حق في ذلك. الآن الجزائر لم تعد من الدول المقررة في الأوبك كما كانت.5- القرار لا يرتبط أبدا بقوة الإنتاج كما يذكر المعتوهون في الجزائر، بل يرتبط بقوة السياسة ونظافتها وسمعتها وكفاءتها في الأداء! والدليل أن الجزائر كانت من الدول المؤثرة في القرار داخل الأوبك سنة 1975 رغم أنها كانت تنتج عشر ما تنتجه اليوم من بترول!6- السعودية أصبحت تتحدى المصالح الجزائرية في الأوبك وغير الأوبك، لأن الجزائر أصابها الهزال السياسي، وإيران التي كان شاهها يتمنى أن يزوره بومدين ولم يحصل.. هذه الإيران هي الآن القاطرة التي تقود المنطقة والجزائر مجرد عربة فيها!لهذا، فإن اجتماع الجزائر لن يكون سوى جولة سياحية إلى القصر الجديد في نادي الصنوبر.. وحكام الجزائر لن يكون لهم دور سوى صفة الخدم للسياح البتروليين.وفي النهاية، لن يكون الاجتماع سوى صورة أخرى من صور تبذير المال العام فيما لا فائدة ترجى منه، لأن البلد الذي لا يستطيع جمع شتات أبنائه على طاولة واحدة لا يمكنه أن يجمع شتات منتجي البترول على قرار واحد!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات