+ -

الرئيس يواجه صعوبات في تسيير سلوكات الوزير الأول، أقلها أنه لا يثق في صواب قراراته، ولذلك قرر سحب مسألة تسيير الاقتصاد من المعني وتولاها الرئيس نفسه وخاصة مسألة الخصخصة. تراجع الثقة في الوزير الأول هو الذي كان وراء إبعاد كل رؤساء الحكومة من بلخادم إلى سلال إلى الوزير الأول تبون، وهي الآن تحوم حول أويحيى، وهنا تطرح عدة أسئلة:1 - هل عدم انسجام الرئيس مع المسؤولين على مستوى الحكومة يعود إلى الطريقة التي يعين بها رئيس الحكومة أو الوزير الأول، وهي طريقة لا تخضع للكفاءة أو السياسة، مثل بقية حكومات البلدان الأخرى، بل تخضع إلى ثقة الرئيس وحده.2 - هل رؤساء الحكومات والوزراء الأوائل في الجزائر عندهم خاصية الخيانة والتنكر لثقة من عيّنهم، ولذلك نلاحظ هذا الاضطراب المتواصل في علاقة الرئيس بالوزير الأول. ففي الوقت الذي نلاحظ فيه استقرارا في منصب رئيس الجمهورية، نلاحظ عدم استقرار مقلق لرئيس الحكومة أو الوزير الأول!هل الأمر له علاقة بهشاشة منصب الوزير الأول من الناحية التنظيمية، بحيث أنه يقدم دائما كما لو كان مجرد “فيزيبل” سياسي أو إداري للرئيس، أم الأمر له علاقة بنوعية من يتولى منصب الوزير الأول أو رئيس الحكومة؟!3 - في 1988 اضطر الرئيس الشاذلي إلى إجراء إصلاحات دستورية على الجهاز التنفيذي (الحكومة) بعد أحداث أكتوبر 1988، تنازل بموجب هذه الإصلاحات عن جزء من صلاحياته كرئيس حكومة إلى الوزير الأول، ورقى دستوريا الوزير الأول إلى رئيس حكومة وأعطاه صلاحيات تنفيذية تتعلق بتسيير الاقتصاد بصفة خاصة، وباشر المرحوم قاصدي مرباح رئاسة الحكومة بهذه المواصفات، وبعد شهور فقط قام الشاذلي بن جديد بسحب بعض الصلاحيات الدستورية من رئيس الحكومة مرباح بواسطة مرسوم رئاسي، فسحب الشاذلي من مرباح صلاحيات الخصخصة وصلاحيات تعيين المسؤولين في المؤسسات السيادية والاستراتيجية، تماما مثلما فعل بوتفليقة اليوم مع أويحيى، والسبب لأن محيط الرئيس الشاذلي آنذاك أقنع الرئيس بأن مرباح يريد توظيف صلاحياته للوصول إلى الرئاسة، تماما مثلما أشيع اليوم عن أويحيي.. فالتاريخ يعيد نفسه! وكأن النظام لم يتغير منذ 40 سنة.. فما تزال نفس الممارسات!4 – هذه الممارسات لا تضعف الوزير الأول وحده، بل تضعف أيضا الرئيس نفسه، الذي يقدم للرأي العام على أنه لا يتحكم في أي شيء، وأن رئيس الحكومة يمكن أن يهرب له بـ«الزاورة”.. زيادة على تقديم الجهاز التنفيذي على أنه غير منسجم إلى هذه الدرجة، وهو ما يرفع درجة التوتر والمخاوف لدى المواطنين.. ويزيد من مصاعب تسيير البلاد...ولعل هذا هو السبب الذي جعل الاضطرابات الاجتماعية لا تجد حلولا لها، لأن قرارات الوزراء والحكومة يمكن أن تلغى، ولذلك تعطل أداء الوزراء إزاء بعض المعضلات مثل معضلة الأطباء ومعضلة الأساتذة وغيرها من القضايا... ويتساءل الشارع: من له مصلحة في بث هذه البلبلة في الحكم؟[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات