38serv

+ -

 ”أيظن الظانون أن الجزائر بعراقتها في الإسلام والعروبة تنسى فلسطين”.. هذه إحدى صرخات الإمام الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
فلسطين.. كانت ولا زالت تشغل وجدان الجزائريين، خاصة قبيل وبعد احتلالها من طرف بريطانيا ثم عصابات الكيان الصهيوني.

وفي تلك الأثناء، أيام ثورة نوفمبر التحريرية المباركة، وجّه شيخ البلاغة والبيان الإمام محمد البشير الإبراهيمي خطابا، جاء فيه:
«يا فلسطين! إن في قلب كل مسلم جزائري من قضيتك جروحا دامية، وفي جفن كل مسلم جزائري في حقك كلمة متردّدة هي: فلسطين قطعة من وطني الإسلامي الكبير قبل أن تكون قطعة من وطني العربي الصغير، وفي عنق كل مسلم جزائري لك -يا فلسطين- حق واجب الأداء، وذمام متأكد الرعاية، فإن الذنب ليس ذنبه، وإنما هو ذنب الاستعمار الذي يحول بين المرء وأخيه والمرء وداره، والمسلم وقبلته”.

«إيه يا فلسطين!! لقد كنت مباركة على العرب في حاليك! في ماضيك وفي حاضرك! كنت في ماضيك مباركة على العرب، يوم فتحوك فكمّلوا بك أجزاء جزيرتهم الطبيعية، وجمّلوا بك تاج ملكهم الطريف، وأكملوا بحرمك المقدس حَرَمَيْهم، ويوم اتخذوك ركابا لفتوحاتهم، وبابا لانتشار دينهم ومكارمهم ومرابط لحماة الثغور منهم... وكنت مباركة عليهم في حاضرك المشهود، فما اجتمعت كلمتهم في يوم مثلما اجتمعت في يوم تقسيمك... لكأن أعداء العرب أحسنوا إليهم بتقسيمك من حيث أرادوا الإساءة... لكأنهم حسّوا بتقسيمك مواقع الكرامة والشرف منا، وكأن كل صوت من أصواتهم على التقسيم صوت جهير ينادي العرب: أين أنتم؟ فلا زلتِ مباركة على العرب يا فلسطين.

«بماذا أضعنا فلسطين؟”، سؤال أجاب عليه الشيخ الإبراهيمي عليه شآبيب الرحمة والغفران: “أضعناها بالكلام، فقد كان الشعراء ينظمون القصائد الطويلة العريضة في مديح العرب وتسفيل اليهود، والكتّاب يكتبون والساسة يصرّحون، فبين النظمِ والتصريح والكتابة والخطابة، ضاعت فلسطين”، ثم قال: “الرجل البطل يعمل كثيرا ولا يقول شيئا”.