مسلمو أستراليا يتألمون على ما يصيب إخوانهم في غزة من قتل وتهجير وإبادة

+ -

أكد فضيلة الشيخ سليم علوان الحسيني، أمين عام دار الإفتاء بأستراليا، في حوار لـ”الخبر”، أن دار الفتوى بأستراليا “تسعى دائما إلى توضيح أهمية العمل المشترك مع الحكومة والجهات المعنية وذلك لكبح المظاهر الدخيلة على المجتمع بحديها”، مشددا على ضرورة توضيح الفرق بين الوسطية والاعتدال التي جاء بها ديننا الحنيف وبين الجماعات المتطرفة”، ومشيرا إلى أن الجاليات المسلمة في أستراليا “استطاعت في السنوات الأخيرة أن تحظى بالاحترام والتقدير من خلال انخراطهم في المجتمع والتعامل الأخلاقي الذي عكس انطباعات جيدة عنهم، حيث باتت مظاهر الاحتفالات بحلول شهر رمضان مألوفة لدى عامة الشعب”.

كيف تصف واقع المجتمع المسلم في أستراليا قبل رمضان وأثناءه؟
 يعيش المسلمون في أستراليا كونهم أحد تركيبات النسيج الاجتماعي والذي يوصف بالمتعدد الثقافات، ويمتد انتشارهم ليشمل جميع الولايات الأسترالية، بالتأكيد مع تفاوت نسبة تواجدهم في كل ولاية.
ومن الملاحظ للعيان أن الحكومات في مختلف الولايات تولي اهتماما وتقديرا لما يقومون به من إحياء للمناسبات الدينية ولا سيما شهر رمضان المبارك، وعليه نجد انتظار المسلمين لدخول هذا الشهر الكريم سعيا منهم إلى الاستزادة من الطاعات والتمتع بممارسة أشكال متنوعة من العبادات أملا منهم بنيل الرحمة والمغفرة والعتق من النار.

ما الدور الذي تؤديه دار الفتوى خلال الشهر الفضيل؟
 تعتبر دار الفتوى مؤسسة جامعة تنضوي تحتها مؤسسات تربوية وتعليمية واجتماعية فضلا عن المؤسسات النسائية والشبابية والكشفية والرياضية، وقد حظيت باعتراف واسع بين أطياف المسلمين وغيرهم، ولاسيما الحكومة الفيدرالية والحكومات المحلية للولايات، كما أنها تمثل المسلمين في أستراليا في المحافل الوطنية والإقليمية ثم الدولية.

في شهر رمضان المبارك تنتفض جميع الكوادر في سعي حثيث يبدأ بتحري رؤية الهلال على الوجه الشرعي وإعلام المسلمين بحلوله عبر جميع الوسائل الإعلامية المتاحة، ثم المضي قدما في ملء المساجد والمصليات والمراكز التي ترعاها دار الفتوى بحلق العلم التي تحدث عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله “رياض الجنة” التي تعلم الناس الخير  والمسائل العديدة التي لا يستغنى عنها من علوم الدين، كما تعتني دار الفتوى بإقامة الصلوات وصلاة قيام رمضان، بالإضافة إلى عقد الموائد الرمضانية شبه اليومية، حيث يجتمع المسلمون في وحدة وألفة ينهلون من معين هذا الشهر الفضيل المبارك. إلى جانب تلقي الفتاوى المسموعة والمكتوبة والمرئية، وتلبية حاجات المسلمين فيما يتعلق بالزواج والطلاق وتجهيز الموتى ونحو ذلك.

أستراليا ومن خلال مجلس الإفتاء، أول دولة تعلن صيام شهر رمضان، كيف تصف هذا الشعور؟
 ميزان الشريعة واضح وجلي في هذا الخصوص، واعتماده يشكل الدعامة الأساسية في توجيهاتنا وتصرفاتنا اليومية، إذ ينبثق من أهم مصادر التشريع وهو القرآن والسنة النبوية المطهرة. وعليه نحن نعتمد على الرؤية الشرعية التي حددها الشرع.

لم يكن لأحد من علماء الأمة الإسلامية أن يتجرأ على خرق إجماعها، وإن فعل البعض ذلك فإنه يتجرد من نعوت العلماء فضلا عن انسلاخه عن عصبة أهل السنة والجماعة. نعم هناك فئة من مدعي الانتساب لهذه الطائفة الكريمة قاموا بإعلان دخول الشهر الكريم اعتمادا على الحساب والفلك والذي لم يقل به أحد من علماء هذه الأمة، ولم يكتفوا بذلك فقط وإنما حددوا موعد عيد الفطر المبارك قبل دخول شهر رمضان. وانتحلوا اسم الإفتاء للشهرة، وهم معروفون بانتمائهم لبعض الفرق المنحرفة فكريا عن فكر الجماعة والسنة والجمهور، وذلك بسبب عدم الرقابة الدينية القانونية.

كيف استقبل مسلمو أستراليا شهر رمضان في ظل حملة الإبادة الصهيونية تجاه أهلنا في غزة؟
 يعتبر شهر رمضان شهر الفرح والسرور أن منّ الله علينا ببلوغه، إلا أنه يأتينا هذا العام والأمة تكابد الأمرين من الوهن والضعف وقلة الحيلة، والمسلمون في أستراليا يتألمون على ما يصيب إخوانهم من قتل وتهجير وإبادة، فنجد الدعاء لا يفارق ألسنتهم والتضرع إلى الله حالهم، راجين من المولى العزيز القدير أن يرفع عن إخوانهم في غزة هذا الظلم ويرحم شهداءهم ويداوي جرحاهم، ونحن في دار الفتوى لا ندخر جهدا في التذكير والبيان على أهمية نصرة المسلمين في فلسطين من خلال الدعوات المقدمة لجميع الأطراف الفاعلة المحلية منها والدولية للوقوف على مسؤولياتهم والعمل على وقف هذه الحملة المسعورة.

ما هو انطباع الشعب الأسترالي حول شهر الصيام؟
 تعتبر الجاليات المسلمة في أستراليا من الأقليات، إلا أنها استطاعت في السنوات الأخيرة أن تحظى بالاحترام والتقدير من خلال انخراطهم في المجتمع والتعامل الأخلاقي الذي عكس انطباعات جيدة عنهم، حيث باتت مظاهر الاحتفالات بحلول شهر رمضان مألوفة لدى عامة الشعب، إذ يحرص المسلمون على أداء صلاة التراويح ورفع الأذان وإقامة دورات لقراءة القرآن والمحاضرات الدينية التي ساهمت كثيرا بتوضيح الدين وحتى دخول العديد في دين الإسلام.

هل تعتقد أن استضافتكم للمسؤولين للمشاركة في موائد الإفطار تقلل من الهجمة اليمينية على مسلمي أستراليا؟
 نحن في دار الفتوى وما نمثله من مؤسسات منتشرة في عموم الولايات، نسعى دائما إلى توضيح أهمية العمل المشترك مع الحكومة والجهات المعنية وذلك لكبح المظاهر الدخيلة على المجتمع بحديها، فمن جانب نجد ما يسمى بالإسلاموفوبيا التي يحركها ما يسمى بالتيار اليميني، ونقيضها ما تقوم به بعض الجماعات المتطرفة والتي تدعى زورا انتسابها إلى الإسلام إذ تشوه الدين في كل وقت وحين.

وعليه كان علينا أن نوضح الفرق بين الوسطية والاعتدال التي جاء بها ديننا الحنيف وبين الجماعات المتطرفة، وذلك من خلال الندوات واللقاءات المشتركة وحتى موائد الإفطار التي نتخذها وسيلة لبيان سماحة هذا الدين العظيم.