38serv

+ -

سيجد الجزائريون أنفسهم، مجددا، في مواجهة ارتفاع تكاليف العيش خارج ارتفاع أسعار الخضر والفواكه وغيرها، مع اقتراب عيد الأضحى خاصة، فإنه لاحقا سيصطدم المواطنون مع ارتفاع سعر المازوت، وقسيمات السيارات والأنترنت والكهرباء وأعباء الهاتف النقال وغيرها، في انتظار ترسيم نسب الزيادات. وجدت حكومة عبد المالك سلال نفسها أمام عدة خيارات صعبة، وتوازنات يتعين التعامل معها مع انهيار أسعار النفط بأكثر من 45 في المائة خلال سنة وانخفاض الإيرادات وارتفاع العجز في الميزانية والخزينة إلى حوالي 49 مليار دولار، مع تسجيل ارتفاع معتبر للتحويلات الاجتماعية التي بلغت، في قانون المالية 2015، ما لا يقل عن 21 مليار دولار، أو ما نسبته 9,1 في المائة من الناتج المحلي الخام، والجدل القائم حول مسألة الدعم المباشر وغير المباشر.وأمام هذه المعادلة، ارتأت اعتماد نظام التسقيف في استهلاك المواد الطاقوية من كهرباء ووقود، ما يعني أنه، من الآن فصاعدا، من يستهلك أكثر سيدفع ثمنا أعلى.ورغم أن مشروع قانون مالية 2016، في قراءته الأولى وقابل للتعديل، فإن ما تم تسريبه منه يكشف عن توجه “اضطراري” للحكومة، أمام توقعات استمرار تدني أسعار أهم الموارد المالية والعائدات، وبالتالي، فإن الحكومة لجأت إلى بدائل من بينها الضغط على ميزانية التجهيز من خلال تعليق وإلغاء عدد من مشاريع البنى التحتية، منها مشاريع الترامواي والمستشفيات وتقليص الواردات، مع اعتماد رخص الاستيراد على منتجات منها السيارات والإسمنت، بعد تسجيل عجز في الميزان التجاري فاق 8 ملايير دولار خلال ثمانية أشهر من السنة الحالية. كما تم اتخاذ قرار بوقف عمليات التوظيف في الوظيف العمومي وتفعيل عملية الإحالة على التقاعد بعد سن 60 سنة. علما أن كتلة أجور الوظيف العمومي تقدر بحوالي 35 مليار دولار.جيب المواطن.. الحل السهلكما سيتم اعتماد قروض الاستهلاك، ما يسمح للحكومة، في نظرها، بتخفيف الأعباء وإنعاش الطلب، حيث يتم تحويل الاستدانة إلى الأسر، على غرار ما يتم في الدول الصاعدة والصناعية، أي تفعيل الاستهلاك عن طريق الاستدانة. وهو ما يخفف من التزامات الحكومات ويفيدها من حيث تحفيز الطلب الداخلي، وإن كانت مخاطر استدانة الأسر معتبرة. وإلى جانب هذه التدابير التي تبقى غير كافية لتغطية العجز الناتج عن ارتفاع النفقات مقابل انخفاض حاد في الإيرادات، فإن السلطات العمومية تتجه إلى تبني خيارات ستمس جيب المواطن، مع تخفيض قيمة الدينار الجزائري، الذي فقد 20 في المائة من قيمته في ظرف سنة، وهو ما سينتج عنه ارتفاع في نسب التضخم الذي بلغ، خلال النصف الأول من 2015، حسب تقديرات وزارة المالية، حوالي 5,32 في المائة، وسينعكس هذا الوضع على القدرة الشرائية للمواطنين، لاسيما ذوي الدخل الضعيف، فضلا عن تآكل قدرة الدينار الشرائية. وأمام صعوبة القيام بتعديلات للأجور، خاصة أن الحكومة تعتبر أن سقف كتلة الأجور مرهق، فحسب قانون مالية 2015، فإن ميزانية التسيير التي تقارب 4975 مليار دينار، أي ما يعادل 62 مليار دولار، ستفوق الإيرادات من المحروقات.التخلي جزئيا عن الدعمومع عدم كفاية التدابير المعتمدة، فإن الحكومة بصدد الذهاب بعيدا، من خلال التخلي جزئيا عن الدعم الذي تستفيد منه كل الفئات دون تمييز، حيث يرتقب أن يتم تبني نظام التسقيف، خاصة في مجال استهلاك الطاقة، وإن كان قائما في مجال استهلاك الكهرباء حاليا، ففي مشروع قانون مالية 2016، تم اعتماد تأكيد نظام التسقيف في استهلاك الكهرباء، إذ يتم الإبقاء على رسم على القيمة المضافة بـ7 في المائة لاستهلاك لا يتجاوز 125 كيلووات في الساعة، وهو شأن الأسر والعائلات على العموم، ليتم رفع القيمة إلى 17 في المائة في حالة تجاوز السقف، وفي الواقع فإن النظام المقترح لا يختلف عن ذلك الموجود حاليا، فبالنسبة للزبائن المستهلكين العاديين من الأسر، فإن قيمة 125 كيلووات في الساعة تفوتر بقيمة 1779 دينار جزائري دون حساب الرسوم، بالمقابل تتم فوترة باقي الاستهلاك بـ4179 دينار للكيلووات في الساعة، والمستجد هو فرض 17 في المائة على المستهلكين الكبار، وبالتالي، فإن المواطن العادي غير معني إجمالا بالإجراء.بالمقابل، فإن الحكومة تسعى، من خلال رفع الرسم على القيمة المضافة، لبيع “المازوت” بتقليص الفارق بين السعر الدولي والمحلي المدعم، وبتجميد السعر منذ سنوات، ولكن ارتفاع السعر يمكن أن تكون له انعكاسات على قطاعات النقل التي تستخدم هذا الوقود، فضلا عن الفلاحة، حيث يمكن أن يكون لزيادة حوالي 80 سنتيما في اللتر للمازوت انعكاس، برفع التسعيرات والتكاليف، علما أن الهيئات الدولية تعتبر المازوت في الجزائر الأدنى سعرا بـ13,7 دينار أو 0,13 دولار.فضلا عن ذلك، فإن استهلاك الأنترنت يمكن أن يعرف ارتفاعا بالنسبة للجيل الثالث للهاتف النقال، بفعل فرض رسم على قيمة مضافة تقدر بـ17 في المائة. وعلى العموم، فإن هنالك زيادات ستطبق، تمس المواطن بالدرجة الأولى مثل الأنترنت والنقال، وقسيمة السيارات والضريبة على شراء السيارات التي ترتفع لثاني مرة، والتي يفرضها وكلاء السيارات على المستهلك في السعر النهائي، في انتظار توضيح أسعار القسيمات حسب الأحجام، إضافة إلى زيادة أسعار منتجات وتجهيزات الإعلام الآلي، نتيجة فرض حقوق جمركية أعلى بمعدل 30 في المائة، بعد أن كانت التجهيزات المصنفة ضمن الموقع التعريفي الجمركي 8471، والذي يشمل تجهيزات الإعلام الآلي والكومبيوتر، تفرض عليها حقوق جمركية بـ5 في المائة ورسم على القيمة المضافة بـ17 في المائة، لترفع بذلك الدولة من قيمة التحصيل الجبائي الموجه لخزينة الدولة المنهكة مع انكماش الجباية البترولية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات