مطالب بالتحقيق في صفقة الكتاب المدرسـي

+ -

أفرج الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية عن مُناقصة إنجاز 11 كتابا مدرسيا للسنة الأولى من التعليم المتوسط، ينتظر أن تكون جاهزة بداية من الموسم الدراسي المقبل 2016-2017، في إطار مسعى الوزارة الوصية في الانتقال إلى الجيل الثاني من البرامج بشكل تدريجي، غير أنّ هذا المسعى البيداغوجي اصطدم بالجانب التجاري و”ملايير الكتاب المدرسي!”، فمباشرة بعد الإعلان عن المناقصة انفجر الصراع بين صناع الكتاب المدرسي، وانطلقت الاتهامات بـ”تقاسم الكعكة” في ظروف وجب معها فتح تحقيق مُعمق.من عمليـــــــــة تربويـــــــــة إلى صفقــــــــــة تجاريـــــــــة لفّ الإفراج عن المناقصة الخاصة بإنجاز كتاب مدرسي للسنة الأُولى متوسط الكثير من الغموض، وحمل طابعا “تجاريا” أكثر منه بيداغوجيا، الأمر الذي من شأنه أن يقتل المنافسة بين الناشرين، رغم أن قرار فتح المجال للخواص جاء بهدف التنافس حول تقديم أفضل عرض لإنجاز أحسن كتاب، غير أن الظروف التي تزامنت والإعلان عن المناقصة، إضافة إلى الشروط التقنية الواردة في دفتر الشروط جعلت المناقصة تكون حكرا على ثلاث دور نشر فقط، وهي دار “الشهاب” ودار “القصبة” ودار “هومة”، وهو ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول خلفية هذه القرارات، خاصة أن عملية إنجاز كتاب مدرسي لطالما رافقتها الكثير من الشوائب وحتى الفضائح والاتهامات على مرّ 15 سنة الماضية، وكل ذلك من أجل إنجاز كتب تضمنت أخطاء كثيرة!   فمن ناحية توقيت الإعلان عن المناقصة، فإن الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية أعلن عنها يوم الخميس 29 أكتوبر الماضي، الذي تزامن مع عُطلة نهاية الأسبوع التي تليها مباشرة مناسبة الفاتح من نوفمبر، إضافة إلى تزامن هذا الإعلان مع افتتاح المعرض الدولي للكتاب الذي يُشارك فيه جميع الناشرين الخواص! الأمر الذي من شأنه أن يُقلص مشاركتهم في هذه المناقصة، خاصة أن أجلها لا يتعدى 15 يوما، يلزم فيها الناشر بتحديد قائمة اللجان التي ستشرف على إنجاز الكتاب، مرفقة بالوثائق الخاصة بهم، فضلا عن العرض التقني الذي يتضمن السعر ونوعية الورق وغير ذلك.أما من الناحية التقنية، فإن دفتر الشروط يتوفر على شروط من شأنها أن تُسقط أغلب الناشرين من الترشح، وهي أن يكون الناشر طابعا، وهو الشرط الذي لا ينطبق إلا على ثلاثة ناشرين فقط، إضافة إلى بعض الشروط الأخرى المتعلقة بضرورة حيازة الناشر الطابع على مطبعة دوارة، وهي تقنية حديثة تسرع عملية الطبع.كتب مدرسية أكبر حجما وتكلفة تُرهق التلاميذ والأولياءوحسب صاحب دار النشر “الحكمة”، أحمد ماضي، فإن الشروط التقنية التي تضمنها دفتر الشروط لا تُوحي بأن الكتاب المدرسي الجديد في السنة الأُولى من الطّور المتوسط سيكون في متناول التلاميذ من حيث السعر، ولن ينهي أزمة ثقل المحافظ. بل بالعكس من ذلك، قال إنه سيزيد من معاناة التلاميذ وأوليائهم معا، حيث إن هذه الكتب ستكون بحجم 21 29.7 بدلا عن 20/28 لكتب ما بين 148 و176 صفحة، كما أن الغِلاف سينتقل وزنه من 250 غرام إلى 300 غرام، ويكون مُغلفا بمادة بلاستيكية تجعل الكتاب أكبر حجما وأثقل وزنا وأكثر سعرا.   وأوضح نفس المتحدث أن الكتاب يُنجز بسعر 0.62 دينار للورقة الواحدة، ورغم ذلك يكلف إنجازه ما بين 91.76 و109.12 دينار، حسب عدد صفحات الذي حدده دفتر الشروط ما بين 148 و176 صفحة، إلا أن نفس الكتب تباع في المكتبات التابعة للديوان أو غيرها بأسعار لا تقل عن 200 دينار، ليبلغ الفارق 100 بالمائة، رغم أن عملية التوزيع لا تكلف عادة أكثر من 16 بالمائة من سعر الكتاب. وتساءل المتحدث فيما إذا تحوّلت هذه العملية التي تهدف إلى مساعدة التلاميذ على الحصول على كتب مدرسية للاستفادة منها إلى عملية تجارية محضة تحقق أرباحا هائلة؟   وزارة التربية الوطنية: “الكتب الجديدة ستكون عملية للتلميذ”من جانبه، قال مفتش البيداغوجيا على مستوى وزارة التربية الوطنية، سعيد بن سالم، لـ”الخبر”، إن الكتب المدرسية الجديدة ستكون أقل حجما، خاصة في الطور الابتدائي، حيث سيتحصّل التلميذ على الكتاب الموحد بداية من السنة الدراسية المقبلة 2016-2017. أما في الطور المتوسط، ذكر محدثنا أن الكتاب الجديد سيكون عمليا، فمن الناحية البيداغوجية قال إنه سيحمل مناهج جديدة ومقاربة الجيل الثاني، نافيا في السياق ذاته أن يكون أثقل وزنا من الكتب القديمة، بل ذكر أنه سيكون عمليا في يد التلميذ.ديوان المطبوعات المدرسية: “لجنة الصفقات تعمل باستقلالية”اتصلنا مرارا وتكرارا بالديوان الوطني للمطبوعات المدرسية من أجل الحصول على توضيحات، وبعد 6 أيام حصلنا على تصريح مقتضب من طرف المكلف بالإعلام على مستوى الديوان، عبد القادر عياط، الذي قال: “هذه العملية من صلاحية لجنة الصفقات وهي تابعة للديوان، ولكنها تعمل باستقلالية. وهناك أمور تقنية لا يمكننا الخوض فيها لأن العملية لم تتم بعد”. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: