اعتبر ملاحظون لحركة الصالون الدولي للكتاب، الذي أقفل أبوابه أمس السبت، أن المعطيات التي كشفت عنها وزارة الثقافة، المتعلقة بنحو ستة ملايين زائر و1258 عارضا عبر 565 جناحا، مؤثثا بألف عنوان، إلى جانب تنظيم 530 نشاطا، مهمة جدا، غير أنها بحاجة إلى مزيد من المعطيات التي تسمح بتحليل سلوك القارئ واتجاهات القراءة في البلد، بالتعاون والتنسيق مع دور النشر المشاركة.
وضمن هذه المطالب، قدم الأكاديمي بومدين بوزيد تشخيصا مبنيا على ملاحظات، وطرح تساؤلات تستدعي وتفرض إجابات، كرصد أكثر العناوين مبيعاً؟ وأكثر الناشرين في عدد طبع العناوين الجديدة خلال هذه السنة وأكثر الأجيال العمرية اقتناء للكتاب؟ وغيرها من الأرقام التي من شأنها أن تشكل "مرجعا حقيقيا في التحليل والمتابعة ويتكفل بإحصائها مكاتب دراسات متخصّصة".
هذه التساؤلات قادت بوزيد إلى طرح سؤال جوهري، في منشور له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، لفهم التحولات العميقة التي حدثت داخل الفعل القرائي بالبلد، ولاستشراف آثارها المحتملة على المجتمع، ويتركز حول أسباب تراجع المقروئية الدينية التي عرفت أمواجا بشرية سابقا، لحساب إقبال الشباب على روايات الخيال والسحر والعجائبية؟
وقدم بومدين قراءة لهذه التفاعلات والتحولات في فرضيتين أو اتجاهين أساسيين، إما "حرڤة عبر النص" بدل الحرڤة التقليدية (الهجرة السّرية)، أم جنوح خيال ونفسية جيل جديد لم نفهمه ولم يستوعبه الروائيون الكهول والشيوخ؟ يضيف المتحدث.
وعلى صعيد ميداني، ربط ملاحظون تراجع الكتاب الديني، واختفاء مظاهر خروج فئة من الزوار محملين بالكتب الدينية، بفرض رقابة بعدية على أنشطة الصالون، عبر أعوان الجمارك في مخارج أجنحة الصالون، حيث يعملون على تفتيش ومنع المشتريات التي يُرجح بأنها مشروع إعادة بيع في المكتبات أو في محلات متخصصة في كل ما هو ديني.

وعلمت "الخبر"، خلال جولة على مستوى الصالون، أن أعوان الجمارك فرضوا رقابة بعدية صارمة، تجسيدا لـ"العدل الضريبي"، بين الأنشطة التجارية، إذ لا يمكن في تصورهم، السماح بشراء كميات كبيرة من الكتب لإعادة بيعها، من دون الخضوع إلى الإجراءات القانونية المعروفة في مجال التجارة، حسب ما ذكر مصدر من الجهاز.
ومن ناحية فكرية، يرى بوزيد أن الاستثمار في الكتاب هو "التنمية المستدامة وجسر الثقافات وسفير الدول"، مشيرا إلى أن بعض البلدان اليوم "تحتفي بمعارضها كواجهة سياحية ودبلوماسية ناعمة".

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال