جاء عيد الأضحى بعد القيام بركن من أركان الإسلام، إذ أُمِر الناس بشدّ الرِحال إلى البيت العتيق حيث الآيات البيّنات للوقوف عند سر الوجود، قال تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} آل عمران:97، ليدخل المقام طمعا في رب العالمين ليجعله من الآمنين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، قال تعالى: {فيه آياٌت بيّنات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا}.
دليل مشروعيتها
قال الله تعالى: {إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر} الكوثر:1-2، قال بعض أهل التفسير: المراد به الأضحية بعد صلاة العيد. وجاء الحث على الأضحية في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة، روى أنس بن مالك رضي الله عنه فقال: ”ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمّى وكَبَّر ووضع رجله على صفاحهما” متفق عليه.
صفات الأضحية
يشترط في الأضحية السلامة من العيوب التي تمنع الجواز كالعور والعرج، وعلى هذا يجب أن يجتنب في الضحايا: العوراء البيّن عورها (وهي فاقدة جميع أو معظم نور إحدى عينيها). العرجاء البيّن عرجها أو ضلعها (الفاحش ضلعها، يُروى بالضاد المفتوحة، والظاء أي: عرجها بحيث لا تلحق الغنم فتكون مهزولة اللحم). المريضة الّتي لا يُرجى بُرؤها (المرض البيّن وهو الذي لا تتصرف معه تصرف غيرها لأن المرض البيّن يفسد اللحم ويضر بمن يأكله). العجفاء التي لا تنقي (وهي التي لا شحم فيها لشدة هزالها والأكثر تفسيرها بأنها التي لا مخ في عظامها لأنها إذا كان في عظامها مخ تجزئ ولو لم يمن فيها شحم). والعضباء (والعضب ذهاب أكثر من نصف الأذن أو القرن، وإن اشتراها سليمة وأوجبها فعابت عنده ذبحها وكانت أضحية).
حكمها في الشرع
الأضحية سنة مؤكدة في مذهبنا المالكي وإن كان يتيما، لأن مالكا رضي الله عنه لما سئل عن التضحية عن يتيم له ثلاثون دينارا، قال: يضحي عنه ورزقه على الله.
وذهب جمهور العلماء من الإباضية إلى أن الأضحية سنة مؤكدة على أهل الأمصار لعدم الدليل على إيجابها، ويستحب للمسلمين إثباتها، والتقرب إلى الله بها.
شرط الاستطاعة
إن كل مستطيع يطلب أضحية مستقلة فلا يجوز التشريك، كأن يشتري أهل قرية بقرة ويذبحوها أضحية عن جميعهم، فهذه لا تجزئ. وأجازه أبو حنيفة والشافعي، حيث لم يزد عددهم على سبع، وأما التشريك في الأجر فلا بأس به، وله صورتان: الأولى: أن يشرك المضحي جماعة معه، بشرط أن يكون الذي أشركه معه قريبا له ولو حكما لتدخل الزوجة وأم الولد، وأن يكون في نفقته، وأن يكون ساكنا معه وإن كان ينفق عليه تبرعًا كأخيه أو جدّه أو عمه، وأما لو كان ينفق عليه وجوبا فيكفي الشرطان الأولان. والثانية: أن يشرك جماعة في أضحية، ولا يدخل نفسه معهم، وهذه جائزة، ولا يشترط في الصورتين عدد بل ولو أكثر من سبعة.
نوع الأضحية
والأضحية من الثمانية كما ورد في القرآن، قال تعالى: {من الضأن اثنين ومن المعز اثنين}، وقوله تعالى: {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين} الأنعام، وتجزئ البُدْنَة والبقر ولا يجزئ إلا الجَذع من الضأن والثني مما سواه، والجذع من الضأن الذي له ستة أشهر وقد دخل في السّابع.
واختلف الفقهاء في التفاضل بين التضحية بهذه الأنعام: أيّهم أفضل؟ فمذهب مالك على ما بينّاه أعلاه وهو أنّ الضأن أفضل من غيره، ولهم حجّتُهم في هذا التفضيل حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”نزل عليّ جبريل في يوم عيد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا جبريل، كيف رأيت عيدنا؟ فقال: يا محمد، لقد تباهى به أهل السماء، وقال: يا محمد اعلم أن الجذع من الضأن خير من السيد من البقر، والجذع من الضأن خير من السيد من الإبل، ولو علم الله ذبحا هو خير منه لفدى به إبراهيم ابنه”. قال ابن عبد البر رحمه الله: هذا الحديث عندهم ليس بالقوي والحنيني عنده مناكير.
*مفتي مدينة الأغواط
الخبر
05/06/2025 - 00:15

الخبر
05/06/2025 - 00:15
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال