الوطن

تهيئة الولايات الجديدة.. تحدي الحكومة

يحتاج التقسيم الإداري إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية، سواء كانت في بناء مقرات جديدة للولايات أو تجهيز المرافق الإدارية.

  • 2199
  • 2:45 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

ينتظر أن يعرض وزير الداخلية والنقل، سعيد سعيود، أمام مجلس الأمة، مشروع تعديل قانون التنظيم الإقليمي للبلاد، بهدف ترقية 11 مقاطعة إدارية إلى ولايات بكامل الصلاحيات وذلك في إطار التحضير للاستحقاقات المقبلة.

يعرض المشروع على لجنة الشؤون القانونية والإدارية للغرفة الثانية في البرلمان وفق ما تقتضيه المادة 144 من الدستور والتي تنص على أن تودع مشاريع القوانين المتعلقة بالتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم والتقسيم الإداري لدى مكتب مجلس الأمة قبل إحالته على المجلس الشعبي الوطني على ما هو معمول به في بقية القوانين.

سيأخذ مشروع القانون طابع الاستعجال وسيتم المصادقة عليه من قبل غرفتي البرلمان وصدوره في الجريدة الرسمية قبل نهاية السنة، وهو ما أمر به الرئيس عبد المجيد تبون والذي له علاقة بالانتخابات التشريعية والمحلية المقبلة، حيث ستحظى الولايات الجديدة بممثلين في غرفتي البرلمان وكذلك انتخاب مجلس شعبي ولائي وبلدي.

وألزم مشروع القانون المتعلق بالتنظيم الإقليمي للبلاد، المعدّل لأحكام القانون 84-09، ولاة الولايات السابقة للولايات المستحدثة بضمان التحويل التدريجي للصلاحيات والالتزامات المتعلقة بالتسيير، في أجل أقصاه 31 ديسمبر 2026، مؤكدا في الوقت ذاته استمرار الوالي السابق في تنفيذ الميزانيات الابتدائية والإضافية المصوّت عليها للسنة المالية 2025.

ومع كل تقسيم إداري جديد هناك تحديات مالية واقتصادية واجتماعية تواجهها السلطة المركزية واللامركزية ولكن التحدي الأكبر هو ضمان الاستقرار والأمن في المناطق التي لا يزال الانتماء القبلي والعشائري مؤثرا فيها لا سيما في المناطق الجنوبية، ما يدفع أحيانا مشكلة رفض الانضمام للولايات الجديدة لانتماءات متعددة، مثلا ما حدث سنة 2019 في دائرتي الحجيرة والبرمة، حيث رفض السكان انتقالهم إلى ولاية تڤرت المستحدثة بسبب مخاوف من تهديد ثقافتهم المحلية ومواردهم الاجتماعية واستمر الرفض والاحتجاجات إلى غاية صدور مرسوم رئاسي سنة 2021 ألحق بلدية البرمة بولاية ورڤلة. وبالتالي التحدي هو الانتقال السلس في التقسيم الإداري ومراعاة التركيبة الديموغرافية.

ويحتاج التقسيم الإداري إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية، سواء كانت في بناء مقرات جديدة للولايات أو تجهيز المرافق الإدارية وهذا التحول يتطلب موازنات مالية ضخمة وكفاءة بشرية لتسيير الولايات الجديدة، في حين أن هذه الولايات الجديدة قد لا تتوفر على الموارد المالية أو الخبرات اللازمة لتحقيق هذه التنمية.

ومن أبرز التحديات أيضا ضمان التوازن في التنمية وتحقيق عوامل الجذب اللامركزية على مستوى الولايات الجديدة ويأتي التقسيم في إطار الاستعداد للاستحقاقات القادمة وهو ما يفرض عدة تحديات لضبط العملية الانتخابية في مقدمتها إعادة ضبط الدوائر وعدد المقاعد أي إعادة توزيع المقاعد في المجلس الشعبي الوطني والمجالس المحلية والتحدي يكمن في اعتماد معايير عادلة تراعي الكثافة السكانية والمساحة، دون خلق حساسيات محلية.

ووقف المعيار المعمول به في الأمر الرئاسي الأخير 2021 المتعلق بتقسيم الدوائر مثلا يحدد مقعدا في المجلس الشعبي الوطني لكل 120 نسمة ومقعدا إضافيا في حال تجاوز 60 ألف نسمة ولا يقل عن 3 مقاعد بالنسبة للمناطق التي يقل عددها عن 200 ألف، ولا يعني التقسيم الإداري الجديد زيادة عدد المقاعد في المجالس المنتخبة بالضرورة وإنما إعادة توزيع وتقسيم الحصص بين الولايات والولايات الجديدة.

ومن بين تبعات التقسيم الجديد ضبط القوائم الانتخابية وإعادة توزيع الناخبين بين مراكز الاقتراع القديمة والتي ستستحدث في الولايات الجديدة وتوعية المواطن لتجنب أي ارتباك في مكاتب التصويت أو الطعون المحتملة واستعداد الإدارة الانتخابية محليا، في حين أن الولايات الجديدة تفتقر إلى خبرة تنظيم انتخابات بحجم كامل.

ومن زاوية أخرى، يفرض التقسيم الجديد تحديات على الأحزاب السياسية التي ترغب في دخول الاستحقاقات القادمة في مقدمتها إعادة هيكلة مكاتبها الولائية وفروعها المحلية، واختيار مرشحين جدد في ولايات لم تكن موجودة سابقا، هذا يشكل عبئا تنظيميا وسياسيا، خاصة للأحزاب الصغيرة والمتوسطة رغم أن القانون لا يفرض الدخول في جميع الولايات والبلديات.