قدّم نواب فرنسيون مقترح قانون يدعو إلى الاعتراف الرسمي بمعاناة ضحايا التجارب النووية الفرنسية التي أُجريت في الجزائر وبولينيزيا، خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ويقترح "تحسين نظام التعويضات الموجه لهم"، بحسب ما تشير إليه المسودة.
وانطلق صاحبا المبادرة ديديي لو جاك (حزب النهضة تيار الوسط) وميريانا ريد آربلو (الجبهة الشعبية الجديدة)، من قناعة أن الدولة الفرنسية تتحمّل مسؤولية تاريخية وأخلاقية تجاه آلاف المتضررين من تلك التجارب، سواء من السكان المدنيين أو العسكريين الذين شاركوا في العمليات، موضحين أن التعويضات الحالية التي يتحدث عنها "قانون موران" الصادر عام 2010 لا تغطي جميع الضحايا ولا تستجيب لحجم الأضرار الصحية والبيئية الناتجة عن الإشعاعات النووية.
وطالب أصحاب المبادرة بتوسيع نطاق المستفيدين من التعويض ليشمل "فئات جديدة من المتضررين"، إضافة إلى "تسريع دراسة الملفات العالقة لدى اللجنة الوطنية للتعويض"، و"اعتماد آلية شفافة وفعالة لتقدير الأضرار"، وفق الوثيقة المنشورة بموقع الجمعية الوطنية.
ونصّ المقترح على أن الدولة الفرنسية تتحمّل مسؤولية "خطرها المفترض" على الأشخاص المعرضين للتجارب، بدل ربط التعويض دائماً بإثبات مباشر لسببية المرض بالتجربة النووية، مع توسيع فئات المستفيدين لتشمل أيضا "الورثة أو الذين لهم صلة بالشخص المتضرّر". كما اقترح "إزالة شرط معالجة التعويض على أساس علاقة السببية الدقيقة واستبداله بـ "افتراض التعرض" لتسهيل التأهيل والتقييم، إلى جانب تعزيز البحث العلمي وفتح الأرشيف وضمان إدراج فترة التجارب النووية الفرنسية ضمن البرامج المدرسية من أجل التوعية والذاكرة، يضيف النص.
ولم يتضمن النص إشارات أو مقترحات لتجاوز "قانون موران"، وإنما يسعى إلى "تعديل شامل وتوسيع نطاق الظروف والأشخاص المؤهلين، وبأثر رجعي لطلبات سبق تقديمها".
ويأتي هذا المقترح في وقت تتزايد فيه الضغوط السياسية والحقوقية داخل فرنسا وخارجها لدفع باريس نحو مصالحة حقيقية مع ذاكرة الاستعمار والتجارب النووية، خاصة بعد مطالب برلمانية ورسمية جزائرية مستمرة بضرورة الاعتراف بالأضرار والجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي.
وكان قانون موران 2010 أول إطار للاعتراف والتعويض لهذه التجارب التي خلفت الكثير من الضحايا ولا تزال، لكنه شهد انتقادات "بسبب محدوديته، ومعايير التعويض الصعبة ونظام إثبات السببية المعقد". فيما يعد المقترح الحالي، وفق مراقبين، "استجابة لهذه الانتقادات وواحد من أهم مخرجات مسار تحقيق لجنة برلمانية شكلت في 2024-2025 لفحص تلك التجارب ونتائجها".
وشهدت الصحراء الجزائرية بين عامي 1960 و1966 تنفيذ أكثر من 60 تجربة نووية في منطقتي رڤان والهڤار، وخلّفت تداعيات خطيرة على الإنسان والبيئة ما تزال آثارها مستمرة إلى اليوم.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال