مجتمع

مخدرات: ظهور طرق تعاط جديدة أكثر خطورة

مسؤولون وخبراء يدقون ناقوس الخطر في لقاء بقسنطينة.

  • 2332
  • 3:21 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

كشف المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها، طارق كور، عن ارتفاع مخيف في تعاطي المؤثرات العقلية في الجزائر، حيث بلغ عدد محجوزات هذا النوع، خلال السنة الجارية، 32 مليون قرص بشتى أنواعها، وهذا بزيادة قدرت بنسبة 100 بالمئة، داعيا إلى دق ناقوس الخطر مع تغير طرق الإدمان، خاصة أن هذا الأخير أصبح يسجل حالات وفاة بسبب كثرة الجرعات الزائدة.

 احتضن مجلس قضاء قسنطينة، اليوم، يوما دراسيا، حول الإطار القانوني الوطني للوقاية ومكافحة المخدرات، إذ تم التطرق فيه إلى المبادئ العامة وتدابير الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية في ظل القانون الجزائري.

فقد ذكر طارق كور، المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها، أن الإحصائيات المسجلة، خلال السداسي الأول من سنة 2025، كشفت عن حجز 20 طنا وأكثر من 827 كيلو من القنب الهندي، إلى جانب 100 كلغ من الهيروين و32 مليونا من المؤثرات العقلية بشتى أنواعها، بارتفاع قدر بنسبة 100 بالمئة.

 وذكر المتحدث أنه، حسب معهد الإجرام لقيادة الدرك الوطني، فقد تغيرت طريقة الإدمان في الجزائر، من مجتمع مستهلك للقنب الهندي، إلى مستهلك للمؤثرات والمخدرات الصلبة، متحدثا عن ارتفاع خطير في كثرة الجرعات الزائدة جدا في التعاطي التي تؤدي إلى الوفاة، موضحا، في ذات السياق، بروز ظواهر أخرى أكثر خطورة من خلال تعاطي الشباب للمؤثرات العقلية وتحويلها لآخرين بواسطة حقن دمهم وتوزيعها، مما يتسبب في انتقال العدوى، خاصة داء السيدا الذي يتم فيه إحصاء حالات إصابة جماعية إلى جانب بعض الأمراض المعدية.

 وأشاد المتحدث بالاستراتيجية الوطنية للوقاية من المخدرات 2025-2029، والتي عرفت مشاركة العديد من القطاعات بالتنسيق مع الديوان الوطني للوقاية من المخدرات، ليبلغ عدد القطاعات المشاركة 14 قطاعا يهتم بعامل الوقاية، العلاج والتكفل، حيث طالب بالتعامل مع المتعاطين كضحايا يجب علاجهم، مع الرفع من الجانب الردعي فيما يتعلق بالترويج داخل الوسط المدرسي والتشدد مع المروجين وتجار المخدرات والجماعات الإجرامية المنظمة، متحدثا في نفس الوقت، عن إقدام دول، تتحدث بمبدأ الديمقراطية، على إبادة عصابات المخدرات عن طريق القصف بالطائرات دون محاكمة.

 من جهته، أكد رئيس مجلس قضاء قسنطينة، عز الدين عرفي، أن الجزائر تواجه تناميا خطيرا ومقلقا في ترويج المخدرات بجميع أنواعها، ما يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي والصحي للبلاد، موضحا أن ما يحدث يدخل في إطار حرب خفية من الجيل الخامس تُستهدف فيها فئة الشباب دون استخدام السلاح التقليدي، وإنما عبر شبكات إجرامية تعمل على اختراق المجتمع وإضعافه داخليا.

 وكشف رئيس مجلس القضاء أن الحدود الجنوبية الشرقية أصبحت منفذا رئيسيا لدخول المؤثرات العقلية بمختلف أنواعها، في حين أصبحت الحدود الجنوبية من أهم المسارات التي تُهرّب منها المخدرات الصلبة مثل الكوكايين والهيروين، مشيرا إلى أن المحكوم عليهم في قضايا المخدرات يخضعون للمراقبة الطبية لمدة تصل إلى سنة كاملة لضمان إعادة التأهيل، وتلتزم إدارة السجون بمتابعة برامج مكافحة الإدمان بالتنسيق مع الجهات القضائية والمؤسسات المختصة.

 وفي ما يتعلق بالردع، أكد أن قانون العقوبات يشدد الإجراءات الخاصة بجرائم المخدرات، خصوصا عندما ترتكب بالقرب من المؤسسات التربوية أو تستهدف القصّر وذوي الاحتياجات الخاصة، إذ تتراوح العقوبات بين 20 و30 سنة، وقد تصل إلى الإعدام إذا ارتكبت الجريمة داخل أو قرب مؤسسة تعليمية أو تكوينية.

 وأوضح عز الدين عرفي أن القانون رقم 25-03 يعزز هذه العقوبات بشكل أكبر ضد المتورطين في إنتاج أو ترويج المخدرات الاصطناعية الصلبة والمواد الكيميائية المهربة، إذ ترتفع العقوبة إلى الإعدام إذا كانت العقوبة الأصلية السجن المؤبد، وإلى السجن المؤبد لمن سبق الحكم عليه بعقوبات تتراوح بين 20 و30 سنة، مع مضاعفة العقوبات المرافقة في الجرائم الأخرى.

 وأشار كذلك، إلى أن النصوص القانونية الجديدة تجيز سحب الجنسية الجزائرية المكتسبة من مرتكبي الجرائم الخطيرة المتعلقة بالمخدرات، إضافة إلى إلزام القضاء بالحكم بمنع الإقامة الدائمة على كل من يدان بجناية مخدرات، مع إمكانية المنع المؤقت عند الإدانة بجنحة، كما أنه وفي إطار مكافحة الشبكات الإجرامية الكبرى، أكد أن القانون يسمح بفتح تحقيقات مالية داخل وخارج الوطن لتتبع مصادر أموال المشتبه فيهم والبارونات، مع تفعيل إجراءات الحجز التحفظي ومنع السفر إلى غاية صدور الأحكام النهائية.

 وفي ختام تصريحه، شديد رئيس مجلس قضاء قسنطينة على أن الإطار القانوني الجديد يمثل خطوة مهمة لمكافحة هذه الآفة، من خلال الجمع بين الردع الأمني والسياسات الوقائية والاجتماعية، كاشفا أن الأجهزة الأمنية المختصة رصدت، خلال أحد التحقيقات، نشاطا إجراميا خطيرا يتمثل في إدخال العملة الوطنية المزيفة والمشفرة إلى مسالك التوزيع التجاري بعدة ولايات، بهدف زعزعة السوق الوطنية، وهو ما يشكل تهديدا لا يقل خطورة عن ترويج المخدرات.