لم تفقد تصفيات كأس العالم 2026 عن المنطقة الإفريقية نكهتها، على الرغم من "حسم" الصراع على التأشيرات التسعة في كل المجموعات تقريبا، كون المركز الثاني يشكّل، إلى غاية الجولة الأخيرة، فرصة للتدارك والإبقاء، ولو على بصيص الأمل، للتواجد مع الكبار.
وقياسا بتخصيص "الفيفا" لتسع تأشيرات كاملة للقارة الإفريقية برفعها عدد المشاركين في المونديال المقبل إلى 48 منتخبا، ومنح إفريقيا فرصة التنافس على تأشيرة إضافية، فإن نظام التصفيات المستحدث على مستوى "الكاف" ارتكز على توزيع المنتخبات الـ 54 المنضوية تحت لواء الكاف على تسع مجموعات تضم كل مجموعة ستة منتخبات، على أن يتأهل متصدر كل مجموعة مباشرة إلى المونديال، فيما يتم منح فرصة "التدارك" لأفضل أربعة منتخبات في المجموعات التسعة احتلت المركز الثاني لكسب التأشيرة الإضافية.
وحتى وإن كان الموعد الفاصل للمنتخبات الأربع المعنية يجري بملعب محايد وبنظام خروج المغلوب (نصف نهائي ثم نهائي)، فإن الفائز بالمسابقة المقررة شهر نوفمبر المقبل لن يتأهل مباشرة إلى المونديال، إنما يتعين عليه المشاركة في دورة فاصلة ثانية، ما بين القارات في مارس 2026، يشارك فيها ستة منتخبات، يتم توزيعها على مجموعتين، تضم كل مجموعة ثلاثة منتخبات للتنافس على التأشيرتين الأخيرتين للتواجد في مونديال الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، ويتم تعيين رأس كل مجموعة على ضوء ترتيب الفيفا، حيث يستفيد رأس المجموعة من الإعفاء في الدور الأول الذي يجري بنظام خروج المغلوب، على أن يلتقي أمام المتأهل من مجموعته للتنافس في مباراة واحدة على التأشيرة.
وبالعودة إلى مجريات ومعطيات الجولة العاشرة والأخيرة من تصفيات كأس العالم عن المنطقة الإفريقية، فإن المركز الثاني أصبح محل صراع عن بُعد بين عديد من المنتخبات، منها منتخبات كبيرة سبق لها المشاركة عدة مرات في نهائيات كأس العالم، ووجدت نفسها اليوم قاب قوسين أو أدنى من الإقصاء على غرار منتخبي الكامرون ونيجيريا.
إيريتيريا تخلط الحسابات
ويرتكز نظام المنافسة، لتحديد أفضل المنتخبات الأربع التي احتلت المركز الثاني، على حساب عدد النقاط المحصل عليها من طرف كل منتخب في مجموعته، وفي حال التساوي يتم الإحتكام إلى فارق الأهداف الإجمالي المحصل عليه كل منتخب في مجموعته، غير أنه نظام وجدت الكاف نفسها "مضطرة" لتعديله بشكل قلب الموازين.
وما حدث أن عدم مشاركة منتخب إيريتيريا في التصفيات، في آخر لحظة، أخلط الحساب، وجعل المجموعة الخامسة التي ينتمي إليها المنتخب الإيريتيري يتشكل من خمسة منتخبات بدلا من ستة، بما جعل المنتخبات الخمسة مضطرة للعب 8 مباريات بدلا من عشرة مباريات كاملة المقررة في بقية المجموعات الأخرى، وهو واقع يجعل صاحب المركز الثاني في المجموعة الخامسة فاقد لفرصة كسب عدد كبير نمن النقاط والتنافس على أحد المراكز الأربع لكونه لعب عدد أقل من المباريات مقارنة بالمنتخبات الأخرى.
وأمام هذا الوضع، راسلت "الكاف" كل الاتحادات الكروية المنضوية تحت لوائها لإشعارها بالتعديل لجعل كل المنتخبات التي تنهي المسابقة في المركز الثاني متساوية من حيث عدد المباريات قبل احتساب عدد النقاط والفصل بينها، حيث تقرر إلغاء نتائج مباريات أصحاب المركز الثاني لثماني مجموعات مع صاحب المركز الأخير في كل مجموعة، حتى يصبح عدد المباريات متساو بين الجميع (8 مباريات)، ويتم على ضوء ذلك ترتيب المنتخب الأفضل (4 منتخبات) احتلت المركز الثاني.
وبعملية حسابية، وبعد خصم النقاط المحصل عليها من جانب المنتخبات التي ضمنت المركز الثاني في مجموعاتها أو هي تسير نحو ضمانه أمام منتخبات المركز الأخير لكل مجموعة، فإن منتخب الغابون يبدو أفضل المنتخبات التي ستحتل المركز الثاني بمجموع يرشح أن يبلغ 19 نقطة، يليه منتخب الكامرون الذي يمكن أن يكسب، بعد خصم نقاط منتخب المركز الأخير في مجموعته، 17 نقطة، فيما يتواجد منتخب الكونغو الديمقراطية في أفضل رواق ليكون ثالث المنتخب من أصل تسعة منتخبات احتلت المركز الثاني بمجموع 16 نقطة.
مصير منتخب مدغشقر بيده
أما التأشيرة الرابعة والأخيرة، فستكون محل صراع مفتوح وحسابات معقدة تحددها نتائج المباريات الأخيرة، كون منتخب مدغشقر يملك مصيره بيده، حيث تنتظره مهمة صعبة في مالي أمام المنتخب المحلي، عليه أن يعود بالنقاط الثلاثة أمام منتخب فقد كل حظوظه في التأهل أو في التنافس على المركز الثاني للمجموعة، وفي حال تحقق لمنتخب مدغشقر ذلك، فسيكسب التأشيرة الرابعة، أما في حال عدم فوز مدغشقر أمام مالي، فإن الصراع على التأشيرة الرابعة سينحصر، منطقيا، بين منتخبي بوركينا فاسو ونيجيريا المقرر أن يجمع كل واحد منهما، بعد خصم نقاط صاحب المركز الأخيرة لمجموعتيهما، 15 نقطة.
وفي حال حدث ذلك، فإن الفصل بين بوركينا فاسو ونيجيريا سيرتكز على فارق الأهداف الإجمالي لكل واحد منهما في مجموعته (إلغاء نتائج مقابلتيهما أمام صاحب المركز الأخير)، وتبدو الأفضلية لمنتخب بوركينا فاسو الذي سيصبح فارق أهداف (+ 4) بعد إلغاء نتيجتي مقابلتيه أمام جيبوتي، كون منتخب بوركينا فاسو تنتظر مباراة "في المتناول اليوم أمام إثيوبيا على خلاف منتخب نيجيريا الذي سيواجه رائد ترتيب مجموعته، منتخب البنين، فيما لا يبدو على الإطلاق أن يكون منتخب أوغندا أحد منافسي نيجيريا وبوركينا فاسو على تلك التأشيرة، كون أوغندا، صاحب المركز الثاني في مجموعته، مطالب بالفوز على "الخضر" بالجزائر حتى يرفع رصيده إلى 15 نقطة (بعد خصم نقاطه الستة أمام الصومال).
وقد يكون منتخب النيجر، عن المجموعة الخامسة، أحد المفاجآت، ففي حال فوزه اليوم على منتخب زامبيا بملعب هذا الأخير (المباراة جارية الآن)، فسيرفع رصيده إلى 15 نقطة (لا يوجد أي خصم كون المجموعة الخامسة التي يتواجد فيها منتخب النيجر هي المنقوصة عدديا بسبب انسحاب إيريتيريا)، وهو رصيد (15 نقطة) يسمع له بمنافسة نيجيريا وبوركينا فاسو، خاصة وأن فارق أهدافه حاليا هو صفر، وقد يكون أفضل في حال الفوز في زامبيا، بل إن منتخب النيجر قد يندم على إهداره لنقاط كانت في المتناول أمام المغرب وأمام تنزانيا.
"ثلاثة منتخبات في "مجموعة الموت"
واللافت للانتباه تحوّل المجموعة الثالثة إلى "مجموعة موت" حقيقية، بعد قرار الفيفا بخصم ثلاث نقاط من رصيد منتخب جنوب إفريقيا لإشراكه لاعبا معاقبا في مباراة لوزوتو، وهو قرار أعاد الأمل لمنتخبي البنين ونيجيريا للتنافس على المركز الريادي، بل أعاد أكثر منتخب نيجيريا إلى السباق الذي يرى في إمكانية احتلال المركز الثاني بمثابة "هدية من السماء".
ويتواجد منتخب البنين في المركز الريادي للمجموعة الثالثة بمجموع 17 نقطة، يليه منتخب جنوب إفريقيا بمجموع 15 نقطة، فيما يحتل منتخب نيجيريا المركز الثالث برصيد 14 نقطة، غير أن الأفضلية لانتزاع المركز الريادي تتواجد من جانب "البافانا بافانا"، الذين يستفيدون من أفضلية الأرض في الجولة الأخيرة حين يواجهون منتخب رواندا، بينما يلتقي منتخبا نيجيريا والبنين في مباراة الجولة الأخيرة.
ويراهن منتخب نيجيريا على الفوز بفارق هدفين على البنين حتى يضمن التقدم عليه في الترتيب بفارق الأهداف الإجمالي لضمان المركز الثاني على الأقل (نيجيريا له 14 نقطة و+ 3 والبنين لديه 17 نقطة و + 5، في حين أن منتخب جنوب إفريقيا لديه 15 نقطة و + 3)، من منطلق أن منتخب جنوب إفريقيا سيرفع، حتما، رصيده إلى 18 نقطة عند فوزه المتوقع على رواندا، وسيظفر بتأشيرة التأهل المباشر عن المجموعة للمونديال.
وبعيدا عن هوية المنتخب الذي سيتأهل إلى مباريات الفصل ما بين القارات المقررة في مارس 2026، بعد الدورة الرباعية الإفريقية في نوفمبر 2025، فإن القارة السماء التي ستشهد رسميا مشاركة قياسية تاريخية في المونديال المقبل (9 منتخبات)، فإن هذا الرقع يمكن له أن يرتفع إلى 10 منتخبات كاملة في حال نجح ممثل الكرة الإفريقية في انتزاع إحدى التأشيرتين الأخيرتين في دورة الفصل الأخيرة المخصصة لمنتخبات من عدة قارات.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال