نفاد حصة اتحاد الحراش من التذاكر في أقل من 15 ساعة و قبل 3 أيام عن المقابلة"، جملة كتبت عل حساب مشجعي اتحاد الحراش لكرة القدم بـ "فيس بوك"، تختزل حالة الشغف غير العادية التي تسود كامل المدينة الواقعة بالضاحية الشرقية للعاصمة، استعدادا لنصف نهائي كأس الجمهورية ضد اتحاد العاصمة الثلاثاء مساء.
من الضفة الشمالية لوادي الحراش حيث الأحياء العتيقة التي احتضنت ثورة التحرير، مثل "لافايانس" و"بيلام" ودورجانس" و"لاغلاسيار" حتى بوبصيلة على حدود بلدية بوروبة وديار الجماعة على حدود بلديتي حسين داي وباش جراح، إلى المنظر الجميل والمكان الجميل وحي حسان بادي وحي "راديوز" (العربي التبسي حاليا) "ولافيجري"، معقل ملعب النادي، و"لارماف" مرورا بساحة عيسات إيدير بقلب المدينة.. كلها شوارع وأزقة تزينت باللونين الأسود والأصفر ألوان النادي، ولا حديث على الألسن إلا عن "الصفرا" وتكرار التتويج الكبير بالكأس عام 1987.
ومن وسط المدينة وتحديدا من مقر البلدية، وصعودا إلى أعلاها عن طريق شارع أحمد عون، علق عدد كبير من قصاصات القماش السوداء والصفراء بالشرفات والنوافذ وحتى المحلات التجارية حاملة لمسات التشجيع. إنها الحياة على إيقاع مباراة نصف النهائي.
"غيللا" خمسيني يشجع "السم سم" منذ أن كان طفلا، يصف ما يعيشه اليوم: "لما فزنا بالكأس قبل 38 سنة، كان عمري آنذاك أقل من 15 عاما. أصررت على حضور النهائي ضد برج منايل رغم معارضة والدي، واليوم أتمنى أن أعيد الكرَة بحضور النهائي ع أبنائي، وأتمنى أن يكون ضد شباب بلوزداد ليكون العرس عاصميا كبيرا". وبالنسبة لـ "غيللا"، حب النادي توارثته الأجيال في العائلة.
وفي تقدير غالبية عشاق الصفرا، فإن بلوغ مراتب متقدَمة من منافسة السيدة الكأس ليس إلا "بونوس" (مكافأة إضافية). إن أكرمهم رفاق هشام عقبي بها لن يزيدهم ذلك إلا تعلقا بالنادي، أما الأولوية فهي للصعود إلى بطولة الدرجة الأولى التي طال غياب الاتحاد عنها. عن ذلك يقول أحد المشجعين: "نقدَر جيدا بأن اتحاد العاصمة يملك تقاليد عريقة في الكأس، لكن ذلك لن يثنينا عن تجريب حظنا. سنخوض المقابلة يوم الثلاثاء ونحن متحررون من كل الضغوط بعكس الفريق الخصم.. هدفنا الأساسي الصعود وإلحاق الهزيمة بفريق رويسات (الثاني في ترتيب الدرجة الثانية وسط شرق) في المواجهة التي تنتظرنا ضدهم والتي ستحسم المنافسة".
في "لابالاسات" بقلب الحراش، يتحول المكان كل مساء إلى مهرجان شعبي ينبض بالحياة، حيث يتقاطر العشرات من المشجعين ليطلقوا العنان لأهازيجهم الحماسية وأغانيهم المدوية. الطبول تقرع بإيقاع القلب، والهتافات تلامس السماء، في لوحة من الانتماء والفرح.
شباب وأطفال يرتدون قمصان "الصفرا"، يرفعون الرايات عاليًا، ويجوبون الأحياء في مواكب صغيرة تنثر الحماسة وتغرس في النفوس يقينا بأن وقت العودة إلى "نادي الكبار" قد حان. فالكل هنا مؤمن بأن الفريق عازم على السير بثبات نحو الأفضل، ولا مجال إطلاقًا لإحباط تطلعات هذا الجمهور الوفي، الذي لا يعرف للخيبة سبيلاً.
كما تحوّلت المقاهي في الحراش إلى منصات جماعية تنبض بالحياة، شاشات نصبت خصيصًا لهذه المناسبة. الأجواء داخلها ليست مجرد متابعات تسبق المباراة، بل احتفال جماعي بالانتماء والشغف.
الحراش هذه الأيام تغيّرت ملامحها، حيث تزينت بحماس لا يُقاوم… لم تعد مجرّد مدينة، بل تحوّلت إلى معقل للولاء الكروي ومهد لنبض الجماهير. في الحراش، عشق "الصفرا" ليس مجرد كلام يردد، بل طبعٌ يسري في الشوارع والقلوب.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال