رياضة

نسيم الغول.. اكتشاف الموسم

انضم إلى النادي الرياضي القسنطيني، هذا الصيف، في صفقة حرّة، قادمًا من نادي أسي بيلينزونا السويسري.

  • 7205
  • 2:19 دقيقة
نسيم الغول
نسيم الغول

في كل مباراة يخوضها مع النادي الرياضي القسنطيني، يتحوّل نسيم الغول إلى ظاهرة كروية تشغل رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

فيديوهات مراوغاته ولمساته الساحرة تنتشر بسرعة البرق، كما حدث في لقاء اتحاد العاصمة، أمس الجمعة، حين تلاعب بمدافع الاتحاد، هيثم لوصيف، بتمريرة ذكية بين ساقيه جعلت الأخير يفقد توازنه وسط دهشة الحضور وتفاعل المتابعين.

مشهدٌ لم يعد استثناء، بل صار عادة أسبوعية لعشاق "السي.أس.سي" الذين ينتظرون كل مباراة لمشاهدة فنانهم الجديد وهو ينثر شيئا من سحره الكروي ويعيد للملاعب الجزائرية شيئا من متعة اللعب الجميل التي غابت في السنوات القليلة الماضية.

ولد الغول في 30 جويلية 1997 بمدينة ليون الفرنسية، ويشغل مركز الوسط الهجومي، يمتاز بقوة بدنية لافتة، ورؤية ممتازة للميدان، وقدرة عالية على المراوغة والانسيابية في الأداء، وهي مواصفات تأخر اكتشافها حتى اقترب من عقده الثالث، فرغم بريقه الحالي، فإن طريق الغول نحو الأضواء لم يكن مفروشا بالورود.

فقد تنقّل بين أكاديميات وأندية صغيرة أو لنقل مجهرية في فرنسا وإنجلترا وسويسرا - من نايك أكاديمي إلى وايت هوك، ويلينغ، دوفر، بروملي، دارتفورد، ليون لادوشير، تولون، بيل بيان، وصولًا إلى كليرمون فوت ثم بيلنزونا، دون أن يجد الاستقرار أو الفرصة الحقيقية لإبراز قدراته، وفي كل مرة كان يرحل، حاملا حقيبته وآماله، بحثًا عن بداية جديدة تفتح له أبواب النجومية.

لكن شهرته الحقيقية بدأت من ملاعب الأحياء في فرنسا، حيث كانت فيديوهات مراوغاته وأناقة تحكمه بالكرة وقوة تسديداته تنتشر على نطاق واسع في الدورات الشعبية، لتكشف عن موهبة فطرية تبحث فقط عن المكان الذي يمنحها الثقة، وهي الفيديوهات التي وصل صداها إلى الجزائر وجعله أندية محلية تهتم بضمه.

هذا الصيف، اختار الغول أن يكون بلده، بلد الأجداد، هو محطته الجديدة، وبعد أن كان على تواصل مع وفاق سطيف، أقنعه مسيّرو النادي الرياضي القسنطيني بمشروعهم، لينضم إليهم في صفقة حرّة قادمًا من نادي أسي بيلينزونا السويسري.

ومنذ ظهوره الأول، لم يحتج وقتا طويلا ليأسر الجماهير بلمساته وتمريراته الدقيقة، فقد خاض حتى الآن 6 مباريات بقميص الفريق، قدّم خلالها تمريرتين حاسمتين، غير أن حصيلته كان ممكنا أن تكون أهم وأكبر بكثير لو وجد أمامه مهاجمين قادرين على استثمار تمريراته السحرية.

في آخر تصريح له، عبر الإذاعة الوطنية، القناة الثالثة، عبّر نسيم الغول عن طموحه الكبير في تعويض كل ما فاته خلال السنوات الماضية، مؤكدا أن هدفه القادم هو التألق أكثر مع فريقه ثم حمل الألوان الوطنية، سواء مع المنتخب المحلي أو حتى المنتخب الأول، بعدما مثّل الجزائر بشكل رمزي في الدورة الكبرى ما بين الأحياء الكبرى بفرنسا.

ومع كل ما قدّمه في بدايته "الجزائرية"، يمكن القول دون تردد إن نسيم الغول هو اكتشاف بطولة المحترف الأول لهذا الموسم دون منازع. لكن تألقه، في الوقت نفسه، يعكس مفارقة مؤلمة، فبينما يأتي لاعب من الضواحي الفرنسية ليخطف الأضواء بلمساته وفنياته، تعيش الكرة المحلية عقما واضحا في تكوين وإنجاب المواهب القادرة على تقديم نفس المستوى من الإبداع والجرأة داخل المستطيل الأخضر.

نسيم الغول ليس فقط موهبة فريدة من نوعها، بل مرآة تعكس حاجة الكرة الجزائرية إلى مراجعة شاملة لأسسها الكروية.