+ -

ماذا تنتظر السلطة من حزب جبهة التحرير الوطني؟منذ تجربة مهري، رحمه الله، أدركت قيادات الجبهة بأن قيمة أسهم الحزب ترتفع كلما زاد الاضطراب في هرم السلطة. أدركوا تلك الحاجة إلى أحزاب “تتبرع” بمواقف لتبرير مشاريع الديمومة وتمرير وعود ستعمل على استنساخ منها ما يجب للحاجة والمناسبات. كانت الوظيفة الأساسية المنتظرة من الأحزاب هي توفير المرافقة أو الغطاء السياسي. ولايزال الخطاب الرسمي يعتمد على الرسائل وعلى الكلام في حشد الصف الوطني لمواجهة أزمة اقتصادية. ونشعر بأن عدم الجدية في إصلاح حال السياسة أصبح عقيدة سياسية.واليوم، تتضح أكثر ترتيبات السنة الأولى من العهدة الرابعة. فقد كانت تمهيد ترتيب الانتقال بمعية “الأصدقاء” السياسيين. ترتيب يضمن الاستمرار تحت عنوان الاستقرار. وإن تكن انعكاسات هذا النوع من “الاستقرار” معناه استمرار الأزمة السياسية، فهي تحمل أيضا أسباب استمرار شروط عدم النهوض بالاقتصاد. لقد عشنا فترة (لم نخرج منها بعد) تميزت بامتصاص القدرات المالية للبلد، في شكل مشاريع وهمية أو من خلال تضخيم فاتورة الإنجاز، والتي كانت الوسيلة الأكثر استخداما على ما يبدو. ووقفنا خلال استعراض بعض ملفات الفساد على خطوات السلطة، وكيف وضعت نفسها في منأى عن المساءلة، لتكتفي المحاكمات بدور محدود.فماذا تخفيه كل تلك الأرقام المضخمة عمدا، سواء على مستوى مكاتب الدراسات أو مستوى الإنجاز؟ ألم يكن من الضروري البحث عن الأسباب التي تسهل من تضخيم فاتورة إنجاز مشروع حتى أصبحت العملية تتكرر بشكل آلي؟ ومثل أمس، نطالب اليوم الذين مرت بين أيديهم فواتير مضخمة بالسهر على تنفيذ التقشف في النفقات. صعب جدا انتظار نجاح الأمر والمرء المكلف بالملف يتصرف بواقع أن المال ليس مال أحد، وفي الوقت الذي تتعالى الأصوات تطالب بخفض نفقات السلطة، نكتشف أنه رغم مرور عام كامل على بداية تراجع مداخيل الجزائر من المحروقات، لانزال نستورد صلصة الطماطم. أولوية السلطة تعتمد على مخزون مالي يغطي حاجيات ثلاث أو أربع سنوات من واردات الأكل والدواء، تستغلها لإعادة ترتيب بيتها. وعلى ما يبدو فالمرحلة التي ندخلها بمناسبة استدعاء جبهة التحرير والأرندي، هي لرص الصفوف دفاعا عن مكتسبات (ليست بالضرورة وطنية)، ومصالح (لا تعود بالضرورة بأرباحها على الأمة) واستثمارات (موزعة) جارية وأخرى مقبلون عليها. كما لم يعد خافيا ذاك السباق الجاري بين السياسة وبين المال، بين سياسيين تعودوا اقتناص الفرص أو انتظارها، ورجال مال فهموا بأنه حان موعد محاولة للقيام بشيء جديد يتعدى مجرد الإغراء بالهدايا. والتزاحم بين السياسة والمال الذي يأخذ شكل الصراع أحيانا، هو الذي يسمح بجمع المتناقضات حول هدف واحد، عنوانه “الاستمرارية”. والمعارضة، أين محلها من هذا المخطط؟ تشتتها وتمزقها يصنع أفراح غيرها.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات