+ -

 يعودون إلى تحديد عهدة الرئيس. ويعدون بعدم العودة للعبث بالدستور. فمن الضامن؟الرئيس؟ فهو من أمر بالتعديل عام 2008. يضع نفسه فوق الدستور، يحدد ماذا يتغير، وكيف يتغير. يمنعه الدستور من تعديل ما هو من الصميم عبر البرلمان. لكن على أرض الواقع، لا يوجد من يمنعه.المجلس الدستوري؟ هو الهيئة التي منحت الغطاء القانوني.البرلمان؟ تلقى أمرا بالتصويت فصوت.المجتمع المدني؟ هناك نوع واحد تتعامل معه السلطة، وهي تلك النوعية خريجة مدرسة ”المسيرات العفوية”.الأحزاب؟ الأصيل منها مضايق.فمن يضمن عدم العودة لفتح العهدة؟ الدستور؟يبين تاريخ الدساتير الجزائرية وضعيته كتابع لا يلقى الاحترام من قبل من جاؤوا به. ويمكن القول إن الدستور كوثيقة يتعرض إلى ما تعرضت إليه سابقا آلهة صنعت من التمر، تُعْبد ما كان مالكها شبعانا وتُؤْكَل وقت الحاجة.عند تقديمه عرض ما هو قادم من تغيير، بشرنا مدير ديوان الرئيس بأن هناك مادة تمنع التراجع عن غلق العهدة الرئاسية. وعند سؤاله عن خلفيات فتحها عام 2008 رغم وجود المانع القانوني، ادعى بأن الأمر كان استجابة لمطلب أعرب عنه المجتمع المدني.سيناريو 2008 هو سيناريو قابل للتكرار قبل نهاية العهدة الثانية للرئيس المقبل، أي عام 2028. وبمواصفات نظام اليوم، باستطاعة الرئيس القادم تنصيب نفسه ملكا مدى الحياة.الإشكال الحاصل أنه يمكن مناقشة ونقد الدستور من دون تأثير. هو فوق.. الواقع، والسلطة خارجة عن الواقع. والمجتمع يعيش وسط مواصفات واقع غير واقع الدستور ولا واقع السلطة.يتضمن التعديل إدراج لجنة لمراقبة الانتخابات من شخصيات وطنية. وفعلا، يمكن تشكيل لجان ومجالس يحمل أعضاؤها صفة الاستقلالية عن مناهج الشفافية. فلا توجد صعوبة في تشكيل لجان مستقلة عن إرادة الشعب، تدوس على الدستور، ولا تعترف بقواعد النزاهة في تنظيم الانتخابات. والحديث عن الاستقلالية أو عن النزاهة هو في الحقيقة غير واقعي أيضا، لأن الحكم تربى على رؤية نفسه في الحكم، وعلى رؤية الآخرين أتباعا في شكل أحزاب موالاة وفي شكل أحزاب معارضة. بمعنى أن الحكم يبني ليبقى الجميع في موقعه، وهو ما يفسر رفضه فكرة المجلس التأسيسي يخرج بدستور توافقي فعلا، وتصميمه ليتحكم هو في آلية تنظيم الانتخابات. فمن يتحكم في حنفية الماء يرش من يشاء كيفما شاء.يقدم المشروع مقترح ترسيم الأمازيغية كلغة رسمية. وبالشكل المقترح، ستكون هذه المادة محل تراشق، وسببا في إضعاف تنسيقية أحزاب المعارضة من منطلق أنها ستقحمها في جدل حول حروف كتابة اللغة الأمازيغية، قبل التفكير في توسيع نشرها. فتلك هدية مسمومة يقدمها الحكم لمعارضين قد ينسون الأهم، وهو كيف نبني بلدا على أسس الديمقراطية والمشاركة.اللغة الأمازيغية هي واقع، وتستدعي الالتفاف حول الموضوع حتى يكون عامل إجماع. ومن يسعى لتأسيس جمهورية تقوم على أسس المشاركة والتشاور يستثمر في عوامل التوافق الداخلي ولا يقتبس من كوريا الشمالية، بمبرر أنها هي كذلك جمهورية.كم من أعوام ستضيع قبل إدراك أن دستور الجمهورية الثانية سيأتي به التوافق الذي يصنعه التشاور؟لن يعمر تعديل اليوم أكثر من عشرة أعوام. هي سنة نظام يحمل من الجمهورية الاسم، ومن الشعبية الشعار.الصورة الطريفة في سيناريو التعديل الحالي، هو تقديم عرض دستوري من قبل مدير ديوان الرئيس بوتفليقة، الذي كان يشغل نفس المنصب مع الرئيس زروال، وكان من الذين يتباهون بأن الجزائر دخلت بفضل دستور 1996 خانة الدول التي تحدد مدة حكم رئيسها. شبهوها بدول عريقة في الديمقراطية، لم نعرف عنها عبثا بالدستور.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات