عرض، أول أمس، في إطار المنافسة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، لمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي في طبعته الخامسة، الفيلم الروائي الطويل الاسباني "جزيرة الحجل" إخراج أسيير أوربيتا وسيناريو هذا الأخير، بالاشتراك مع أوندوني دوكارلوس، الذي عالج ظاهرة الهجرة غير الشرعية ومآلاتها، وقدم كما هائلا من المشاعر المتناقضة أحيانا بين الخوف والألم والندم والأمل، وكشف عن العالم المخيف للمهاجرين غير الشرعيين، لكن ترك باب الأمل لهم مفتوحا في غد أفضل.
يرتكز الفيلم الاسباني "جزيرة الحجل" للمخرج أسيير أوربيتا والمنتج سنة 2024، وكان أول عرض له شهر أفريل من سنة 2025، على قصة تشويقية لكن بإيقاع بطيء، حيث يعرفنا الفيلم في البداية بجزيرة الحجل، وهي أرض واقعة على نهر بيداسوا وتشكل حدودا بين فرنسا واسبانيا، وعبر هذه الجزيرة هناك عالم آخر مختلف من القهر والحرمان انه عالم الهجرة السرية والمصير المميت أحيانًا للمهاجرين الذين يعبرون النهر سعيًا للوصول إلى فرنسا، والذين لا ينجون من مخاطر مُختلفة عند وصولهم إلى البر الرئيسي الفرنسي.
ولتقديم المكان، يستخدم المخرج لقطة جوية تُظهر النهر بين الحقول المغمورة بالمياه، وصولًا إلى المدينة، مصحوبة بتعليق مكتوب حول الطبيعة المُجردة والسياسية للحدود. ثم يُظهر لنا عملية التسليم التي تتم هناك بين السلطات الفرنسية والإسبانية، حيث تتولى كل منهما مسؤولية الحدود لمدة ستة أشهر من السنة بالتناوب. ويروي الفيلم في ساعة و38 دقيقة قصة "لايدا" و"سامبو"، وهما زوجان من المنطقة، يسيران أمام الجزيرة. وفجأة، رأوا شخصان يسبحان عبر النهر في محاولة للعبور إلى الضفة الأخرى. بعد بضعة أيام، ظهرت جثة مهاجر، في الوقت الذي كان يجري فيه تبادل السيادة على الجزيرة.
ينجح المخرج بفضل ممثلين رئيسيين ملتزمين، واختيار سردي يتناوب بين مسار "لايدا" (الممثلة الرئيسية جون لاسبيور) المهووس، ومشاعر الذنب والرغبة في التغيير، غير القادرة على فهم سلبية سامبو (الممثل الرئيسي سامبو ديابي) المنحدرة عائلته من الكاميرون، ورحلة صديق عمر، الناجي من الغرق، في محاولة الوصول إلى باريس، في إثارة الحيرة، ويدفع المشاهد، إلى اتخاذ موقف حازم تجاه ما يشاهده ويشعر به.
لا يتردد المخرج في وصف الوجود الكثيف للشرطة على الحدود، وعالم المهاجرين غير الشرعيين القاسي، بين انعدام الأمن وظاهرة الابتزاز، فضلًا عن الصعوبات التي تواجهها هياكل الاستقبال أو اللامبالاة العامة، فيقدم فيلم إثارة نفسية مقبولا، ويوفق بسهولة في توصيل رسالته حول الظلم والقهر واضطهاد المهاجرين غير الشرعيين في الضفة الأخرى، إذ يصور فيلم "جزيرة الحجل" مالات الهجرة السرية والصعوبات التي يواجهها المهاجرون لتحقيق حلمهم والعبور إلى الضفة الأخرى. ورغم قسوة الحياة، يترك المخرج بابا مفتوحا للأمل بالنسبة لهؤلاء المهاجرين، وفرصة جديدة لحياة ربما تكون أفضل.
يقول المخرج أسيير أوربيتا، الذي حضر مع فريق العمل النقاش في قاعة المسرح الجهوي عز الدين مجوبي: إن الفيلم مأخوذ من قصة حقيقية حدثت في الحدود بين فرنسا واسبانيا سنة 2021 لشخصين أرادا قطع النهر، حيث جزيرة الحجل التي يتناوب على حكمها الفرنسيين والأسبان كل ستة أشهر، مضيفا أن هناك الكثير من المهاجرين يريدون قطع الحدود والكثير منهم يلقى حتفه.
ويشير المخرج إلى أن الفيلم يتناول قضية الهجرة غير الشرعية والكثيرين يأتون من إفريقيا إلى أوروبا ويظنون أن الحدود غير موجودة بين الدول الأوروبية، لكن قصة جزيرة الحجل تكشف غير ذلك.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال