اقتصاد

بنك الجزائر يشدد الرقابة على العملات المشفرة

وجه تعليمة مفصلة للمؤسسات المالية لتعزيز اليقظة.

  • 2644
  • 3:48 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

في إطار مواجهة المخاطر المتزايدة للعملات المشفرة، أصدر بنك الجزائر توجيهات جديدة تلزم البنوك ومؤسسات الدفع بتعزيز آليات الرقابة والكشف عن أي معاملات مرتبطة بالأصول الافتراضية، مع تحديد 14 مؤشرا للعمليات المشبوهة تستدعي التحقيق الفوري.

 وجاءت الخطوط التوجيهية في التعليمة رقم 06/2025 والصادرة في 12 نوفمبر 2025، اطلعت عليها "الخبر"، عن اللجنة المصرفية المتعلقة بالأصول الافتراضية وحظرها ومنعها، لتشكل منعاً لأي علاقة أو معاملة يشتبه في ارتباطها بالأصول الافتراضية داخل البنوك وبريد الجزائر.

وترتكز هذه الإجراءات على القوانين المنظمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بما فيها القانون 05-01 والمرسوم التنفيذي 23-428. وأشارت الوثيقة إلى: "أن الهدف من هذه الخطوط التوجيهية هو تعزيز ممارسات الامتثال للمؤسسات الخاضعة وضمان التطبيق الصارم للممنوعات المتعلقة بالأصول الافتراضية، مع مراعاة التطورات التكنولوجية والمخاطر المرتبطة بها".

 وتهدف هذه الخطوط التوجيهية إلى تأطير وتعزيز أنظمة الوقاية، تحديد ومنع العمليات المتعلقة بالأصول الافتراضية على مستوى البنوك والمصالح المالية لبريد الجزائر، المشار إليها فيما يلي بـ"المؤسسات الخاضعة".

وتأخذ في الاعتبار الخصوصيات القانونية والتنظيمية للجزائر وتهدف إلى التصدي للتحديات التي يشكلها استخدام الأصول الافتراضية في أنشطة غير مشروعة، مثل تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل ومكافحتها، وكذا استعمال حسابات وأنظمة الدفع على مستوى المؤسسات الخاضعة لها.

 واستندت الخطوط التوجيهية إلى المراجع القانونية والتنظيمية، على غرار القانون رقم 17-11 المؤرخ في 9 ربيع الثاني 1439 الموافق لـ27 ديسمبر 2017 المتضمن قانون المالية لسنة 2018، والقانون رقم 01-05 المؤرخ في 27 ذي الحجة 1425 الموافق لـ6 فيفري 2005 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتها، المعدل والمتمم، لا سيما المادتين 6 مكررة و31 مكررة، إلى جانب المرسوم التنفيذي رقم 428-23 المؤرخ في 29 نوفمبر 2023 المتعلق بإجراءات تجميد و/أو مصادرة الأموال والممتلكات في إطار مكافحة تمويل الإرهاب، والنظام رقم 03-24 رقم 03-24 المؤرخ في 18 محرم 1446 الموافق لـ24 جويلية 2024 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل ومكافحتها، المعدل والمتمم.

 وتم التعريف بالأصول الافتراضية على أنها القيم الرقمية التي يمكن تداولها رقميا، تحويلها أو استخدامها لأغراض الدفع أو الاستثمار، ولا تشمل الأصول الافتراضية العمليات التي تنطوي على القيم الرقمية للعملات الورقية، الأوراق المالية والأصول المالية الأخرى.

 وأكدت الوثيقة أن الأصول الافتراضية - وعلى رأسها العملات المشفرة - تختلف جوهريا عن العملات التقليدية، فهي لا تتمتع بضمانات حكومية ولا تستند إلى أي غطاء مالي ملموس. هذه الخصائص تجعلها أداة مثالية للمحتالين وغاسلي الأموال، نظراً لسرعة تحويلها وصعوبة تتبعها، إضافة إلى التقلبات الشديدة في قيمتها.

 وفيما يتعلق بالتحديات والمخاطر المتعلقة بالأصول الافتراضية، أفادت الوثيقة "تختلف الأصول الافتراضية عن النقود التقليدية من حيث إنها لا تملك ضمانات حكومية، لا تعتمد لا على الذهب ولا على العملات الأخرى. وهي تسمح بإجراء تحويلات سريعة دون وسطاء، مما يجعلها جذابة بشكل خاص للأشخاص المستبعدين من النظام المصرفي التقليدي.

ومع ذلك، فإن هذه الميزة نفسها تجذب أيضا الجهات الفاعلة غير الشرعية، مثل المحتالين والمجرمين ومبيّضي الأموال. في حين أن هذه الأصول تساهم في الشمول المالي، لكنها تنطوي في المقابل على مخاطر كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل والجرائم السيبرانية والتقلبات الشديدة. وبالتالي فإن هذه الخصائص تطرح تحديات كبيرة للإشراف والتنظيم".

 مؤشرات الاستشعار بالعمليات المشبوهة

وشملت المؤشرات الـ14 للشبهة الموزعة على ثلاث فئات: المؤشرات المالية وتشمل التحويلات للمواقع أو المنصات المعروفة بتداول العملات المشفرة، والتغير المستمر في عناوين بروتوكول الأنترنت أثناء إجراء المعاملات، وارتباط هذه العناوين بالأنترنت المظلم، ومحاولات تحويل أموال لمنصات تم تصنيفها مسبقاً كمشبوهة.

 أما أنماط المعاملات المشبوهة فتشمل التحويلات المتكررة بمبالغ صغيرة خلال فترات زمنية قصيرة، والتحويلات من حسابات مفتوحة حديثاً أو خاملة، وتحويلات متعددة لعملاء مختلفين لنفس المنصة، ونمط تحويلات يشبه المخططات الاحتيالية.

 وبخصوص المؤشرات الخاصة بالعميل، فتضم معاملات لا تتناسب مع دخل العميل أو طبيعة عمله، وتحويلات غير مبررة بين أطراف لا تربطهم علاقة واضحة، وإيداعات نقدية متكررة يليها تحويلات فورية.

 تعزيز آليات الرقابة

وفرضت التوجيهات الجديدة على البنوك تعزيز أنظمة المراقبة الإلكترونية باستخدام كلمات مفتاحية مثل "بيتكوين" و"إيثيريوم"، وتطوير آليات لكشف استخدام أدوات الخلط والمحافظ المجهولة، وإجراء بحوث مكثفة عبر منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، وتحديث بيانات العملاء بشكل دوري والتحقق من مصادر الأموال، وتدريب الموظفين باستمرار على أحدث أساليب الاحتيال.

 الإبلاغ الفوري والعقوبات

وألزم بنك الجزائر المؤسسات المالية بالإبلاغ الفوري عن أي عمليات مشبوهة لخلية معالجة الاستعلام المالي، مع الحفاظ على السرية التامة وعدم إبلاغ العميل. كما حذر من أن أي إخلال بهذه التوجيهات سيعرض المؤسسات المخالفة للعقوبات المنصوص عليها قانوناً.

 حماية للنظام المالي

وتمثل هذه الإجراءات خطوة متقدمة في حماية النظام المالي الجزائري من المخاطر الناشئة عن التطور التكنولوجي، وتعكس حرص السلطات على مواكبة المستجدات العالمية في مجال مكافحة الجرائم المالية الإلكترونية، مع الحفاظ على استقرار القطاع المالي وحماية المدخرين من المخاطر المحتملة للعملات المشفرة.

 وتهدف هذه الإجراءات في مجملها إلى بناء جدار حماية رقمي يحمي الاقتصاد الوطني من التهديدات المستجدة في العصر الرقمي، مع تحقيق التوازن بين تبني الابتكار المالي وضمان استقرار النظام المالي.