اقتصاد

"ميدلينك" شريان كهربائي يربط الجزائر بأوروبا

في إطار إستراتيجية طموحة لتعزيز موقعها كشريك طاقوي رائد لأوروبا، تخطو الجزائر خطوات تاريخية نحو تنويع اقتصادها.

  • 5343
  • 3:34 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

في سياق مسعى تعزيز أمن الطاقة وتحقيق الانتقال الطاقوي، أعلنت الشركة الإيطالية "زيرو" عن تفاصيل مشروع "ميدلينك"؛ المتمثل في شبكة ربط كهربائي يهدف إلى تصدير الطاقة بين الجزائر وتونس وإيطاليا. ويبلغ حجم الاستثمار في هذا المشروع الاستراتيجي، حوالي 7 مليارات أورو، مما يجعله أحد أبرز المشاريع الحيوية في المنطقة.

يعد مشروع "ميدلينك" عبارة عن وصلة كهربائية بحرية وبريّة بطاقة إجمالية تبلغ 2 جيغاوات، تتكون من 4 كابلات بجهد 525 كيلو فولت لكل منها. صُمم هذا الهيكل ليمكن التشغيل على مراحل، بما في ذلك الجزء المخصص للطاقات المتجددة. وإلى جانب بناء خط النقل، يشمل المشروع إنشاء محطات لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بقدرة 5 جيجاوات، تتوزع مناصفة بين الجزائر وتونس؛ حيث سيتم توجيه جزء من هذه الطاقة للتصدير عبر "ميدلينك"، بينما يُخصص الجزء الآخر للاستهلاك المحلي في البلدين.

أفادت الشركة المطورة أن المشروع، المقرر دخوله حيز التشغيل بحلول عام 2027، قد أنهى فعليًا مرحلة التصميم الهندسي الأساسي، ويجري الآن التحضير لإطلاق عملية الحصول على التصاريح اللازمة. وقد حظي "ميدلينك" بدعم حكومات الدول الثلاث المعنية، كما أدرجه الاتحاد الأوروبي ضمن قائمة مشاريع الاهتمام المشترك، مما يعزز فرص تمويله. وقد قدم المشروع لمؤسسات تمويلية كبرى مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والبنك الدولي، التي أبدت اهتمامًا بتمويله.

في إطار إستراتيجية طموحة لتعزيز موقعها كشريك طاقوي رائد لأوروبا، تخطو الجزائر خطوات تاريخية نحو تنويع اقتصادها والاندماج في منظومة الطاقة المستقبلية عبر مشروعي "ميدلينك" للربط الكهربائي و"ممر الهيدروجين الجنوبي" (Corridor H2 South) مع إيطاليا، مما يعكس تحولاً نموذجياً من اقتصاديات المحروقات التقليدية إلى عصر الطاقة النظيفة والمستدامة.

يمثل مشروع "ميدلينك" أحد أضخم مشاريع البنية التحتية للطاقة في حوض المتوسط، حيث يهدف إلى إنشاء ربط كهربائي عالي الكفاءة بين الجزائر وتونس وإيطاليا، بطاقة إجمالية تبلغ 2 جيغاوات، وباستثمارات تقدر بنحو 7 مليارات أورو. ويتكون المشروع من 4 كابلات بحرية وبريّة بجهد 525 كيلو فولت، مع إمكانية التشغيل التدريجي، بما في ذلك تخصيص جزء كبير للطاقات المتجددة.

ولا يقتصر المشروع على بناء خط النقل، بل يشمل أيضًا إنشاء محطات لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بقدرة 5 جيجاوات، تتوزع مناصفة بين الجزائر وتونس. ومن المقرر أن يدخل "ميدلينك" حيز التشغيل بحلول عام 2027، بعد أن أنهى مرحلة التصميم الهندسي الأساسي، ويجري الآن التحضير للحصول على التصاريح اللازمة بدعم من الحكومات الثلاث والاتحاد الأوروبي، الذي أدرج المشروع ضمن قائمة مشاريع الاهتمام المشترك.

البُعد الاستراتيجي: الجزائر مركزًا إقليميًا لإنتاج وتصدير الطاقة النظيفة

يأتي هذا المشروع في إطار توجه استراتيجي واضح للجزائر لتعزيز أمن الطاقة الأوروبي، خاصة في ظل التوجه العالمي للتحول الطاقوي والبحث عن بدائل نظيفة. ومن المتوقع أن يسهم "ميدلينك" في تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، وتعزيز التعاون بين ضفتي المتوسط في مجال الطاقة المتجددة.

كما يُعد المشروع نقلة نوعية للاقتصاد الجزائري، حيث سيمكنه من تحويل فائض الطاقة الكهربائية إلى مصدر دخل مستدام، مع توفير فرص عمل جديدة وتقنية متقدمة في مجال الطاقة الخضراء، وهذا يتوافق مع رؤية الجزائر لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على عائدات النفط والغاز.

مشروع الممر الجنوبي: الجزائر شريك أساسي في خريطة الهيدروجين الأخضر الأوروبية

بالتوازي مع مشروع "ميدلينك"، تعمل الجزائر على تعزيز تعاونها مع إيطاليا في إطار مشروع "ممر الهيدروجين الجنوبي" (Corridor H2 South)، الذي يهدف إلى تصدير 1.2 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا إلى إيطاليا بحلول عام 2030. ويُعد هذا المشروع جزءًا من الإستراتيجية الأوروبية لاستيراد الهيدروجين الأخضر من دول حوض المتوسط، مما يعزز مكانة الجزائر كشريك موثوق في هذا المجال.

وتمتلك الجزائر مقومات كبيرة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك مساحات شاسعة من الأراضي المشمسة، وإمكانيات كبيرة في مجال طاقة الرياح، بالإضافة إلى البنية التحتية القائمة لنقل الغاز، التي يمكن تطويرها لنقل الهيدروجين. كما تسعى البلاد إلى جذب استثمارات أجنبية في هذا القطاع، وتطوير شراكات إستراتيجية مع دول مثل إيطاليا وألمانيا.

تأثير متكامل: تعزيز الأمن الطاقوي وتحفيز النمو الاقتصادي

يمثل المشروعان معًا نقلة إستراتيجية للجزائر، حيث يساهمان في تعزيز مكانة الجزائر كشريك طاقوي استراتيجي لأوروبا، يأتي ذلك في وقت تم إنشاء وزارة للطاقة والطاقات المتجددة في الجزائر في سبتمبر 2025، يترأسها الرئيس المدير العام السابق لسونلغاز، مراد عجال.

كما يضمن المشروعان تنويع مصادر الدخل الوطني والحد من الاعتماد على المحروقات، وكذا جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاعات الطاقة المتجددة والهيدروجين، ونقل التكنولوجيا الحديثة وتطوير الكفاءات المحلية والمساهمة في تحقيق أهداف التحول الطاقوي العالمي.

وتُظهر هذه المشاريع أن الجزائر ليست فقط مصدرًا تقليديًا للطاقة، ولكنها أيضًا شريك فاعل في بناء مستقبل طاقوي مستدام. ومع دخول مشاريع مثل "ميدلينك" و"ممر الهيدروجين الجنوبي" حيز التنفيذ، من المتوقع أن تصبح الجزائر محورًا إقليميًا لإنتاج وتصدير الطاقة النظيفة، مما يعزز مكانتها الجيوستراتيجية ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة.