اسلاميات

اكتساب السلاح النووي واجب على الأمة الإسلامية

لا يخفى على عاقل أننا نعيش في عالم صبغه الغرب بصبغته الوحشية، وفرض عليه منطقه الدارويني: البقاء للأقوى، وحكمه بمنطق عنصرية الرجل الأبيض

  • 457
  • 4:08 دقيقة
الدكتور يوسف نواسة
الدكتور يوسف نواسة

لا يخفى على عاقل أننا نعيش في عالم صبغه الغرب بصبغته الوحشية، وفرض عليه منطقه الدارويني: البقاء للأقوى، وحكمه بمنطق عنصرية الرجل الأبيض، الذي يمثل أعلى درجات تطور الشامبانزي، الرجل السوبرمان، الذي ينظر لباقي البشرية من علٍ، منطلقا من مرجعيته الفكرية الإلحادية، التي شكلتها نظريات العدمية المادية، خاصة فلسفة نيتشه الأحمق الذي أعطى لنفسه الحق بأن يعلن موت الإله، فلم ينشب أن مات هو كما يموت الخلق جميعا، ومع هذا لم تمت فلسفته العدمية المعادية للإنسان والخير، وبقيت تفسد عقول كثير من الأغبياء، بما فيهم بعض المسلمين المستلبين حضاريا.

وهذا المريض نفسيا وعقليا هو الذي زعم أن الأخلاق اختلقها الضعفاء لحماية أنفسهم من تسلط الأقوياء، فالأخلاق الإنسانية هي مظهر من مظاهر ضعف الإنسان، وعليه فالإنسان القوي هو من يدوس على الأخلاق والقيم وعلى حامليها من البشر، وبهذا يتعاون مع نظرية دارون التي تعلي الجوانب البهيمية الحيوانية في الإنسان، فما الإنسان إلا حيوان متطور، وعالم الإنسان هو عالم الصراع الدائم، والغلبة فيه تكون للأقوى والأشد وحشية، يضاف إلى ذلك بهارات ميكافيلي الذي أسس للنفاق السياسي، والكيل بمكيالين، وتبرير الوسيلة بالغاية، (مع أن غايات الغرب كوسائله حقيرة بربرية)، مما نتلمسه في السياسة الدولية والداخلية لكل دول الغرب، خاصة التي يُزعم أنها كبرى.

ولا ريب أن الفلسفات الغربية المادية الإلحادية الأخرى كلها أسهمت بسهم معين في صناعة هذه الخلكة العجيبة للمدنية الغربية الشاذة المتوحشة المتعجرفة، التي لا تؤمن إلا بالقوة، فما عاد للحق وزن، وما عاد للعدل قيمة، وما عاد للأخلاق معنى، وما عاد للإنسانية وجود، بل حتى الأفكار الليبرالية التي يزعم أن هذه الحضارة قامت عليها من حرية ومساواة وأخوة... إلخ، هذه الأكاذيب الهزلية كفر بها الغرب نفسه، فلا إيمان إلا بالقوة، والبطش، والمادة، وتميز الجنس الأبيض.

أمام هذا الوضع المأساوي للبشرية الذي أوصله إليه الغرب بفلسفاته المادية الإلحادية، تنتصب مؤسسات دولية تقوم بوظيفة الممثل القراقوز لتنويم الشعوب المقهورة بالقوة، فتضع المواثيق الدولية والمعاهدات والمؤسسات... إلخ، وتغني أغنية مكرورة الكلمات: الضمير الدولي، المجتمع الدولي، القانون الدولي، الأعراف الدولية، سيادة الدول، العيش المشترك، حقوق الإنسان، حقوق المرأة، حقوق الطفل، الحد من انتشار السلاح النووي، الحد من السباق نحو التسلح... إلخ، وكل هذا كلام جميل، ولكنه سمّ قاتل حين ينطق به غربي، وأجزم جزما يقينيا أنه لا يمكن للبشرية أن تحقق هذه المعاني إلا في ظل الإسلام؛ لأنه دين السلام، ودين الإنسان، ودين العدل: {يأيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كافَة}، {وإن جنحوا للسلم فاجنح}، {ولقد كرمنا بني ءادم}، {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}، {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}، {ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}، وليس يحول بين أن تنعم البشرية بهذه المبادئ الربانية الإنسانية إلا حال المسلمين، الذين تركوا هداية ربهم واتبعوا ضلالات الغرب، ومن تجربة إلى أخرى لا يزدادون إلا تخلفا وتضعضعا وضعفا وذلا وهوانا، مع إصرار غريب وغبي أن الحل في التغرب، (ولي يجرب لمجرب عقلوا مخرب) كما يقول عقلاء العوام، فأولى بالمسلمين أن يرجعوا إلى دينهم، وأن يفهموه فهما صحيحا، ويعملوا به بصدق وإيمان، ويقوموا برسالتهم في هداية البشرية.

وأولى بالمسلمين أيضا أن يفهموا منطق الحياة، وسنن التاريخ، ومحركات الواقع، وأظهر شيء فيه أن دول الاستكبار العالمي مهما تفننت في الكلام المعسول فهي تنطلق دائما من خلفيتها الإيديولوجية: تفوق الغرب، وقصور باقي الأمم، والنفوذ والاستغلال، منطق القوة لا منطق الحق، وما دمت الأقوى عسكرية فيحق لي أن أفعل ما أشاء، وأن أحدد ما هو الحق وما هو العدل... وهذا وضع لا بد أن يغير، ولا يقبل أن نرضى به ونخضع له؛ لأن ذلك معناه الاستعمار الدائم والذل الأبدي، والغرب لا يفهم إلا بالقوة، ولا يصغي إلا للأقوياء، وهذا ما يوجب على الأمة الإسلامية أن تقوي نفسها في كل المجالات العلمية التربوية، والاقتصادية التكنولوجية، والعسكرية النووية، نعم يجب على الأمة امتلاك السلاح النووي، ودعك من دعاوى الحد من انتشاره، فالذين وضعوا هذه المعاهدات هم الأكثر سعيا لتطويره وتكثيره، ودعك من مزحة وقوعه في الأيدي الخاطئة، فهو فعليا في الأيدي الخاطئة: الأمريكان، والصهاينة، والفرنسيس، والإنجليز.. وهؤلاء أكثر الدول قتلا للأبرياء في تاريخ البشرية، والأمريكان هم فقط من استعمله في الحرب كما هو معلوم، مع أن الأصل فيه أنه سلاح ردعي، يحقق التوازن ولا يستعمل فعليا بسبب آثاره التي لا يمكن التحكم فيها، فلماذا يملكه هؤلاء ويمنع علينا؟ من أعطاهم حق المنع هذا؟، إن الله تعالى أوجب علينا الإعداد للحرب كما أمرنا بالجنوح للسلم، وهذه هي الحكمة البالغة، والواقعية السديدة، قال تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}، و«هذا عام في كل ما يتقوى به على حرب العدو، وكل ما هو آلة للغزو والجهاد فهو من جملة القوة”، بما في ذلك السلاح النووي، ولا ريب أن مما يبق السلاح النووي تطوير القوة الصاروخية وسلاح الطيران عامة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «ألا إن القوة الرميُ، ألا إنّ القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» رواه مسلم؛ لأن الرمي من السهام إلى الرصاص إلى الصواريخ ”من أنجع ما يتعاطى في الحرب وأَنكاه في العدو وأَقربه تناولا للأرواح؛ ولهذا خصها صلى الله عليه وسلم بالذكر والتنبيه عليها”.

بهذا يفهم الغرب، وبهذا ينتصر الحق، وبهذا يعز الإنسان. والمنتظر من السادة العلماء إصدار فتوى في هذا الصدد، حتى نخرج من قوقعة الرهاب من الغرب الاستعماري إلى إرهابه: {ترهبون به عدو الله وعدوكم وءاخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم}.

*إمام وأستاذ الشّريعة بالمدرسة العليا للأساتذة