اسلاميات

تصعيد خطير ضد خطيب الأقصى

في ظل غياب واضح للدعم الإسلامي الرسمي.

  • 1083
  • 2:15 دقيقة
صورة: ح.م
صورة: ح.م

تتجه مدينة القدس المحتلة، يوم غد الثلاثاء، نحو حدث استثنائي، حيث تستعد سلطات الاحتلال الصهيونية لمحاكمة الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى، بتهمة "التحريض"، في خطوة وصفتها جهات حقوقية ودينية بأنها تحوّل خطير يمسّ المرجعية الإسلامية في المدينة المحتلة.

ترافق تحديد موعد المحاكمة مع تصعيد ميداني واضح. فقد تواجدت منذ فترة مجموعات مسلحة من المستوطنين أمام منزل الشيخ صبري بحماية الشرطة الصهيونية، وأطلقت هتافات تحريضية ودعوات علنية لاستهدافه.

وتؤكد منظمات حقوقية فلسطينية أن الحكومة الصهيونية تتجاهل تمامًا هذا التحريض العلني، رغم أن بعض من يقوده ينتمي إلى أحزاب في الكنيست ويمثل جزءًا من الائتلاف الحكومي، إضافة إلى إعلاميين وشخصيات عامة.

وبحسب المنظمات نفسها، فهذا السياق يعكس أن التحريض لم يعد فعلا فرديا، بل مؤسسة كاملة مكرسة لاستهدافه.

وتثير محاكمة الشيخ عكرمة صبري أسئلة عميقة حول مستقبل الوضع في المسجد الأقصى تحديدا، لأن الشيخ يعدّ أبرز الشخصيات الدينية التي حملت ملف الدفاع عن الأقصى لعقود.

وكان للشيخ دور محوري في كشف الانتهاكات ومواجهة محاولات تغيير الوضع القائم، وهو من قاد إلى جانب المرجعيات الدينية هبة باب الأسباط عام 2017، التي شكّلت محطة فاصلة منعت فرض إجراءات صهيونية جديدة على أبواب المسجد، وحافظت على مكانته.

ومع استهدافه غدا الثلاثاء عبر المحاكمة والتهديدات المنظمة، يرى مراقبون أن هناك محاولة لإضعاف الدور الديني الذي شكّل سدًّا أمام تغيير هوية المسجد.

وسط هذه الهجمة المتصاعدة ضد مفتي الديار الفلسطينية ومسرى النبي الكريم، يبرز ما يصفه مراقبون بأنه استفراد بالشيخ صبري في ظل غياب واضح للدعم الإسلامي الرسمي.

ففي الوقت الذي تتفرغ فيه منظمات ومحامين وشخصيات إعلامية صهيونية لملاحقته قانونيا وإعلاميا، وتعمل ضمن إطار منسق ومدعوم من الحكومة المتطرفة، يظهر ضعف موقف المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، وغياب صوت واضح يدافع عن أكبر مرجعية دينية في القدس.

وتشير جهات حقوقية في القدس إلى أن هذا الفراغ يسمح بتصاعد الضغوط على الشيخ، ويجعل استهدافه أكثر سهولة، ويرسّخ معادلة جديدة تحاول السلطات فرضها على المشهد الديني في المدينة.

وفي بيان لهيئة العلماء والدعاة في القدس، أكدت الهيئة أن ما يجري "تعدٍّ خطير على المرجعية الدينية" وأن محاكمة الشيخ صبري تمثل "سابقة باطلة تتعارض مع القانون الدولي". كما شددت على أن العلماء في فلسطين يقفون خلفه، وأن استهدافه هو استهداف للمرجعيات الدينية كافة.

وأشارت الهيئة إلى أن التحريض الذي يتعرض له وصل إلى "دعوات صريحة للقتل"، محذرة من تداعيات التغاضي الدولي والإسلامي عن هذا المستوى من التهديد.

وتجمع المؤسسات الحقوقية في القدس المحتلة على أن محاكمة الشيخ عكرمة صبري تتجاوز بعدها القانوني. فهي تفتح بابا لتغيير قواعد التعامل مع الشخصيات الدينية في المدينة، وتمهّد لمرحلة قد تشهد تراجعًا في قدرة المرجعيات الإسلامية على حماية المسجد الأقصى والدفاع عنه.

ومع اقتراب موعد الجلسة، تتصاعد المخاوف من أن تكون القضية جزءا من مسار أوسع يستهدف إعادة تشكيل المشهد الديني في القدس، في ظل غياب موقف عربي وإسلامي مؤثر، وتنامي قوة التيار السياسي والديني المتطرف داخل الحكومة الصهيونية.