أدان مسجد باريس الكبير بأشد العبارات، سلسلة الأعمال المعادية للإسلام “الإسلاموفوبية” التي استهدفت، صباح أول أمس، عددا من المساجد في العاصمة الفرنسية باريس وضواحيها، حيث عُثر على تسعة رؤوس خنازير أمام أبوابها. وكشف مسجد باريس الكبير، في بيان وقعه عميده الأستاذ شمس الدين حفيز، أن أحد المساجد المتضررة من هذه الأعمال المشينة، الواقع داخل معهد الثقافات الإسلامية بالدائرة الثامنة عشرة في باريس، والتابع لمسجد باريس الكبير.
وأكد قائد شرطة باريس، لوران نونيز، أول أمس الثلاثاء، العثور على تسعة رؤوس خنازير على الأقل أمام عدد من المساجد في منطقة إيل دو فرانس “أربعة منها في باريس وخمسة في الضواحي الداخلية”، مضيفا أنه لا يستبعد “احتمال اكتشاف رؤوس أخرى”، معلنا خلال مؤتمر صحفي ظهر أول أمس، عن فتح تحقيق، مؤكدا أن “كل شيء يُبذل للعثور على مرتكبي هذه الأعمال الشنيعة”. وأُسند التحقيق في التحريض على الكراهية المتفاقمة بسبب التمييز على أساس العرق أو الدين، إلى الفرقة الجنائية في مقر شرطة باريس، وفقا لمكتب المدعي العام.
واستنكر عميد مسجد باريس الكبير هذه “الإساءات المتكررة”، وأضاف: “تمثل هذه الأعمال المُنسّقة بوضوح خطوة جديدة ومؤسفة في تصاعد الكراهية ضد المسلمين”، مشيرا إلى أنها “تهدف إلى تقسيم مجتمعنا الوطني”. ودعا حفيز إلى “الوعي والتضامن الوطني ضد هذا المسار الخطير”، مؤكدا أن “المساجد وجميع أماكن العبادة، دون استثناء، ملاذات للسلام يجب حمايتها من كل عنف أو انتهاك”. وفيما يخص مواجهة الكراهية، شدّد بيان مسجد باريس الكبير على أن المسلمين في فرنسا “يصرّون على العمل من أجل وحدة بلادنا”.
وفي وقت لاحق، ذكر مسجد باريس أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصل مباشرة بالأستاذ شمس الدين حفيز، عميد المسجد، ليعرب عن تضامنه الكامل مع مسلمي فرنسا إزاء هذه الاعتداءات، وأكد الرئيس خلال اتصاله أن السلطات ستسخر جميع الوسائل اللازمة لتعقب الجناة وتعزيز حماية أماكن العبادة. كما أعلن ماكرون، وفق المصدر ذاته، عن تنظيم اجتماع استثنائي للمنتدى الفرنسي للإسلام في أقرب الآجال، لبحث تداعيات هذه الأحداث والإجراءات المرتقبة.
من جهته، ندّد زعيم “فرنسا الأبية”، جان لوك ميلونشون، بما سماه “الإسلاموفوبيا التي تتفجر في فرنسا”، متهما وزير الداخلية برونو ريتايو بـ”تأجيج الأجواء”، من خلال تصريحاته المثيرة للجدل. وبدوره، أعرب وزير الداخلية، برونو روتايو، عن “استيائه الشديد”، واصفا هذه الأفعال بـ”الجبانة”. في حين قالت عمدة باريس، آن هيدالغو، إن “المدينة أحالت الملف على القضاء” للتحقيق في أعمال تحريض على الكراهية مع التمييز على أساس الدين والعرق.
يشار إلى أن الربع الأول من عام 2025 وحده شهِد 79 جريمة كراهية ضد المسلمين، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 70%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وفقا لوزارة الداخلية الفرنسية. كما ظهرت في ماي الماضي ملصقات منتشرة في مدينة أورليان تحمل عبارة “منطقة محظورة على المسلمين”، وتُظهر صورا لنساء يرتدين الحجاب وأشخاص يؤدون الصلاة، وقد وضعت عليها علامة حظر، ما يعكس حجم العداء المتصاعد.
الجدير بالذكر أن وسائل الإعلام الفرنسية والخطاب السياسي السائد يساهمان في تأجيج الكراهية، وفي لعب دور كبير في تفاقم الإسلاموفوبيا، خاصة بعدما أقدمت حكومة إيمانويل ماكرون على حلّ منظمات مناهضة للإسلاموفوبيا، وسنّت سياسات تستهدف المسلمين بذريعة محاربة “الانعزالية المجتمعية”.
عبد الحكيم قماز
10/09/2025 - 23:46
عبد الحكيم قماز
10/09/2025 - 23:46
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال