لقد فتح الله تعالى على عباده فتحا عظيما في التقنية والاختراعات، لاسيما في عالم الاتصالات، ومما ظهر مع الهواتف الذكية ما يسمى بمواقع التواصلِ الاجتماعي التي تربط الناس في مجموعات ومتابعات، وتيسر التواصل مع العالم كله بأخباره وصوره ودقائقه، وهي كثيرة تتوالد وتتزايد.
الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من أعظم النعم التي أنعم الله عز وجل بها على عباده، فهذه الحقيقة ينبغي أن يستشعرها المسلم وهو يتعامل مع الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، فيمكن استخدامها في الخير واستخدامها في الشر. وإنها نعمة كبيرة حينما يوظفها الإنسان توظيفا نافعا سليما، غير أنها سرعان ما تتحول إلى نقمة؛ إذا لم تُضبط بالضوابط الشرعية والأخلاق المرعية والقوانين السائدة.
ومن يتأمل هذه المواقع يجد فيها عددا من المزايا والفوائد، منها: سهولة التواصلِ بين الناس، وتوفير المال والوقت في الاتصال وتبادل المعلومات، والحصول على المعلومات والفوائد والأخبارِ بسرعة وسهولة.
ومع ما سبق من إيجابيات وفوائد إلا أنها انطوت على سلبيات ومخاطر، منها: فتح باب الشهوات والانحرافات الأخلاقية، وإضاعة الوقت، ونشر الشبهات والأفكار الخطيرة والشائعات والتعرض لأعراض الناس وخصوصياتهم...
ويجب على كل من يرغب في النشر الإلكتروني عبر منصات التواصل الاجتماعي الالتزام بجملة من الضوابط الدينية والأخلاقية والقانونية، تحكم ما ينشره من آراء أو صور أو أخبار حتى لا يقع تحت طائلة الإثم الشرعي والمساءلة القانونية والجنائية، ذلك أننا نتابع يوميا أخبار الكثير من (المؤثرين) الذين يتم توقيفهم نتيجة تجاوزهم الخطوط الحمر المرسومة لمثل هذه المشاركات.
تحظى أخلاقيات النشر في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بأهمية بالغة، وبالتالي وجب على الجميع تحري الدقة، والحذر عند نقل أو تداول المعلومات، ويجب على ناقل الأخبار أن يتحلى بقدر عال من المسؤولية الشخصية والإنسانية. وفي ضوء المبادئ الدينية والقواعد الأخلاقية والقانونية لمجتمعنا الجزائري المحافظ، يمكننا وضع مجموعة من أخلاقيات النشر الإلكتروني التي يجب أن يلتزم بها مستخدمو هذه الوسائط: التأكد من دقة المعلومة وصحتها ودقة البيانات والتصريحات والوقائع، الرجوع للمصدر الرئيس للخبر أو المعلومة، التريث وعدم استباق الجهات الرسمية خاصة الصحية والأمنية خلال الأزمات، عدم النقل عن شبكات التواصل الاجتماعي دون التثبت من المصدر وذكره بشكل واضح، عدم المبالغة والتهويل وعدم التسرع في النشر، عدم التعاطي مع الصفحات المشبوهة وعدم نشر الأخبار دون التحري، الابتعاد عن التشويه والتشهير واحترام خصوصية الأفراد وعدم نشر أمورهم الخاصة، الالتزام بالموضوعية والحيادية في نشر الأخبار ونقلها، ومراعاة الحساسية الأمنية والمجتمعية عند النشر وعدم نشر ما يضر بالسلم الاجتماعي.
كما أشار الخبراء أيضا إلى بعض الأخلاقيات الأساسية الواجب توافرها في القائم بالنشر الإعلامي على شبكات التواصل الاجتماعي، وهي: التحلي بالروح الوطنية والحرص على تماسك المجتمع، ضرورة التحلي بالفضيلة والآداب والأخلاق العامة للمجتمع والقيم الدينية الصحيحة، الرقابة الذاتية والمسؤولية الاجتماعية عند القائم بالنشر، تقبل الرأي الآخر والتفاعل الإيجابي والسماح بالتعليقات على ما ينشر، ثقافة الاعتذار والتعديل لأي خلل في النشر، عدم استخدام المواد الإعلامية في غير الأغراض التي أنشئت لأجلها، واحترام حرمة وخصوصية أفراد المجتمع واحترام الكرامة والإنسانية. وإن المحافظة على القیم الأخلاقية وعدم الخروج عن الحدود الأخلاقية والقانونية في التواصل وتجنب السب والذم أو القدح تجاه الآخرين، یسهم في زیادة الأمانة والمصداقية عند المجتمع ویعزز من المحافظة على الآداب العامة. ولقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي (القرار رقم 52 (6/3) في فبراير 2023) فتوى تُحرّم نشر الأخبار الكاذبة والشائعات، وكل ما يضر بالمجتمع في أمنه واستقراره وسلامة دينه وعقيدته وأخلاقه.
وندعو في الأخير السلطة التشريعية في بلادنا وضع لوائح قانونية واضحة لضبط عملية استخدام مواقع التواصل والنشر الإلكتروني بشكل كامل، من أجل التزام الجميع بالمهنية وقواعد النشر، سواء كانت صحفا إلكترونية أو أفرادا، مما ستُخضِع أصحابها المخالفين للمساءلة والعقوبة في حال انتهاكهم سياسات النشر، سواء تمثل ذلك بتلفيق الأخبار أو نشر الإشاعات. ونذكر أنه ينبغي أن يسعى كل مشارك وناشر إلى مرضاة الله، وأن يكون قصده إرضاء رب العالمين في كل خطوة يخطوها، سواء كان إلى مكان من الأمكنة أو فتح صفحة على المواقع الإلكترونية على مثل هذه الصفحات، وبضرورة مراقبة الله عند الكتابة والمشاركة.
الخبر
18/05/2025 - 23:35
الخبر
18/05/2025 - 23:35
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال