العالم

أوروبا بين الترحيل والتمييز: لماذا يتم تسريع طرد السوريين في حين تُفتح أبوابها لغيرهم؟

في ألمانيا على سبيل المثال، أثارت تصريحات المستشار الألماني الحالي فريدريش ميرتس بداية نوفمبر 2025 صدمة بين الجالية السورية.

  • 65
  • 2:24 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

في خضم تصاعد أزمة الهجرة منذ اندلاع الحروب، تعيش أوروبا اليوم معادلة مزدوجة في سياساتها تجاه اللاجئين، معايير تختلف باختلاف الجنسية، والظروف التي دفعتهم لمغادرة بلادهم. اللاجئون السوريون يعيشون اليوم تحت ضغط متزايد من إجراءات الترحيل أو إنهاء الحماية، بينما يمنح القادمين من أوكرانيا تسهيلات استثنائية تجعل من الهجرة طريقاً سريعاً للاستقرار.

ضغوط متزايدة على السوريين

في ألمانيا على سبيل المثال، أثارت تصريحات المستشار الألماني الحالي فريدريش ميرتس بداية نوفمبر 2025 صدمة بين الجالية السورية، حين قال إن أسباب اللجوء لم تعد قائمة في سوريا، ودعا إلى إعادة السوريين المقيمين إلى بلادهم. هذا الخطاب لاقى صدى على أرض الواقع، وكثير من السوريين باتوا يخشون أن يُنظر إليهم كأشخاص "مؤقتين"، لا كأشخاص يستحقون الحماية والإدماج.

السويد تنضم إلى المسار

وفي تطور لافت، أعلن وزير الهجرة في السويد يوهان فورسيل، قبل أسبوع، أن ستوكهولم ودمشق ستتعاونان لزيادة عمليات ترحيل السوريين المدانين بجرائم ارتكبوها داخل السويد. وقال الوزير إن هذا التنسيق بين السويد وسوريا يجب أن يكون شرطا لمواصلة صرف جزء من المساعدات التنموية إلى دمشق، مضيفا أن الغالبية العظمى من القادمين من سوريا "ملتزمون بالقانون"، لكن في ذات الوقت لا مكان في السويد "لمن ارتكبوا مخالفات".

وبهذا الإعلان، تنضم السويد إلى موجة متصاعدة من الضغوط الأوروبية على اللاجئين السوريين، ما يزيد من الإحساس بأن الملف السوري يُعاد فتحه بشكل منهجي لتصغير عدد اللاجئين أو طردهم.

وفي سياق إعادة صياغة السياسات الأوروبية تجاه سوريا بعد سقوط النظام، أصدرت وكالة الاتحاد الأوروبي للاجئين تحديثا جديدا لإرشاداتها القطرية، أعادت فيه تقييم الاحتياجات المتعلقة بالحماية الدولية. وبحسب التحديث، لم يعد المتهربون من الخدمة العسكرية والفارّون والمعارضون للنظام السابق ضمن الفئات المعرّضة تلقائيا للاضطهاد، وأضافت الوكالة أن الوضع الأمني لا يزال متقلبا، لكنه "غير مرتفع" في معظم المحافظات، مؤكدة عدم وجود خطر حقيقي من "الضرر الجسيم" في دمشق، والتي قد تشكل بديلا داخليا للحماية لبعض المتقدمين، الأمر الذي يعتبر بحسب مراقبين تجاهلا صارخا للقيم التي تسير وفقها أوروبا، ومحاولة للتستر على الانتهاكات والجرائم التي تُرتكب بحق الأقليات في سوريا.

ازدواجية معايير بحق لاجئي الحرب

في المقابل، تبدو المعاملة مختلفة تماما مع اللاجئين القادمين من أوكرانيا: يحصلون على تسهيلات فورية في الإقامة، العمل، التعليم، والرعاية الاجتماعية، غالبا دون المرور بإجراءات لجوء تقليدية أو انتظار سنوات. هذا الواقع يعكس بحسب العديد من المراقبين ما يشبه "ازدواجية معايير" تجعل من اللجوء حقاً متاحاً لبعض الجنسيات ومتروكاً للبقية، بناءً على أهواء سياسية أو مصالح انتخابية.

وهكذا، يتحول اللاجئ السوري رغم كل المعاناة إلى طرف يفاوض عليه في معادلة سياسية، وجوده يشكل عبئا أو عبئا اقتصاديا يُراد تقليله، بينما وجود لاجئ أوروبي (أو قريب من أوروبا) يُحتفى به كـ "قيمة إنسانية" تستحق الدعم.

حق اللجوء يستحق معايير ثابتة

إذا كانت أوروبا تؤمن بحق الإنسان في الأمان والحماية، فلا ينبغي أن تُخضع هذا الحق لمزاجيات سياسية، أو لاعتبارات انتخابية ومصالح اقتصادية. اللاجئ أياً كان أصله إنسان يُعاني، ويستحق معاملة تحفظ كرامته وحياته.

وتسريع ترحيل السوريين أو الضغط عليهم لترك الإقامة قانونياً في الوقت الذي يُفتح فيه الباب واسعاً أمام أوكرانيين، ليس فقط قراراً سياسياً، بل رسالة تعكس أن "الجواز" أهم من "المعاناة".