اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإجماع الإعلان السياسي لعام 2025 بشأن تنفيذ خطة عمل الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإتجار بالأشخاص، والذي أكدت من خلاله عزمها على اتخاذ إجراءات حاسمة ومتضافرة لإنهاء هذه الجريمة الشنيعة.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، ينص الإعلان على الالتزام بمعالجة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وغيرها التي تجعل الناس عرضة للإتجار بالبشر، وتجريمه بجميع أشكاله، وتعزيز قدرات أجهزة تنفيذ القانون ونظام العدالة، وتوطيد التعاون الإقليمي والدولي، الاعتراف بدور الضحايا والناجين بصفتهم "عوامل تغيير"، من بين العديد من الالتزامات والمواقف الأخرى، بما في ذلك فقرة تتناول الإتجار بالأعضاء.
وركزت رئيسة الجمعية العامة أنالينا بيربوك، في كلمتها على الحلول التي يعهد إلى الدول الأعضاء بتطبيقها لمنع الإتجار وحماية الضحايا وإنهاء الإفلات من العقاب.
وقالت في هذا الإطار: "حتى لو لم نتمكن من القضاء على أحلك دوافع البشرية تماما، يمكننا القضاء على الأنظمة التي تمكنها".
وأضافت بيربوك أن "جريمة منتشرة وعابرة للحدود الوطنية مثل الإتجار تتطلب استجابة حازمة ومنسقة بنفس القدر"، وقالت أن "إتباع نهج يشمل المجتمع بأكمله - قائم على العدالة والبيانات والكرامة الإنسانية - أمر ضروري لضمان دعم الناجين ومحاسبة المتاجرين بشكل كامل".
وأضافت أنه "يجب على الحكومات ترجمة الالتزامات العالمية إلى إجراءات وطنية ممولة بالكامل وقابلة للقياس تركز على حقوق الضحايا، ويجب على القطاع الخاص المساعدة في كشف الاستغلال عبر الأنظمة الرقمية والاقتصادية ووقفه".
كما أكدت ضرورة تمكين المجتمع المدني والناجين "كشركاء ومراقبين وقادة في صياغة الحلول". وقالت: "إذا عملنا معا - بشكل حازم وسريع وهادف - يمكننا بناء عالم تحترم فيه دائما كرامة الإنسان وقيمته".
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أنه "من غير المقبول أن تتم المتاجرة بأفراد عائلتنا البشرية - بمن فيهم أصغرهم سنا - لأغراض العمل والخدمة المنزلية والزواج والجريمة والاستغلال الجنسي".
وأشار إلى أن العوامل المسببة المستمرة - كالفقر والنزوح والتمييز والنزاعات والكوارث المناخية - "تتفاقم بفعل استغلال التقنيات التي تمكن المتاجرين بالبشر من الاستفادة من البؤس البشري بسرعة ونطاق غير مسبوقين".
وحث الأمين العام، الدول الأعضاء على الاستثمار في حلول لإنهاء الإفلات من العقاب، ومساعدة الضحايا على إعادة بناء حياتهم، وتطوير التكنولوجيا وتوظيفها للكشف عن الجريمة والتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها، بما يضمن حقوق الإنسان.
كما دعا إلى تعميق التعاون على جبهات مختلفة، بما في ذلك حماية المهاجرين المستضعفين من الوقوع فريسة للإتجار، مشددا على أن الإتجار بالبشر جريمة عالمية "تتطلب حلولا عالمية".
من جهتها، قالت الرائدة العالمية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، شاميري ماكنزي: "إن الناجين لم يعودوا يهمسون بقصصهم من الظل، بل نحن نشكل استراتيجيات وطنية، ونقدم المشورة للحكومات، ونقود محادثات كانت تستبعدنا في السابق".
وبينما أقرت شاميري ماكنزي، بالتقدم المحرز منذ اعتماد خطة العمل العالمية قبل 15 عاما، أشارت إلى أن "الفجوات لا تزال كبيرة بما يكفي لسقوط الملايين - في براثن الإتجار-"، مضيفة أنه "لا يمكننا إصلاح ما نرفض مواجهته".
وتابعت ماكنزي: "إن شبكات الجريمة المنظمة أقوى وأكثر تنسيقا وأكثر تطورا رقميا من أي وقت مضى"، مشددة على أنه "لا يمكن القضاء على الإتجار بإجراءات نصفية أو التزامات لينة أو لفتات رمزية"، مضيفة: "لا يمكننا مكافحة جريمة حديثة بأدوات عفا عليها الزمن".
وأكدت على ضرورة أن يكون الناجون في قلب المناقشات وصنع السياسات لمكافحة الإتجار بالبشر، مشيرة إلى أن العديد منهم لا يزالون يواجهون سجلات جنائية "لجرائم أجبروا على ارتكابها". ودعت الدول إلى جعل قيادة الناجين "معيارا لا شعارا"، وتعزيز وتوفير حماية موحدة للضحايا.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال