العالم

ماذا يحدث في ليبيا؟

حلقة جديدة من الأزمة مفتوحة على كل الاحتمالات.

  • 5375
  • 2:33 دقيقة
ح.م
ح.م

انزلق الوضع في طرابلس بليبيا إلى حالة عنف جديدة، لا تقل خطورة عن تلك التي جرت قبل أعوام قليلة، عندما اقتربت ميليشيات المشير المتقاعد خليفة حفتر من تخوم ومشارف العاصمة، قبل أن تدحرها القوات التابعة للمجلس الرئاسي، مدعومة بالطيران التركي، الذي تم تبرير تدخله، يومها، باندراجه ضمن إطار اتفاق أمني بين الحكومتين الليبية المعترف بها أمميا ونظيرتها التركية.
غير أن الوضع حاليا يختلف عن سابقه ميدانيا وسياقيا، فصوت الراجمات والأسلحة الثقيلة دوّى في وسط طرابلس بشكل غير مسبوق، تماما مثلما جرى أيام سقوط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، ثم تلتها مسيرات في بعض المدن تطالب بتجسيد الدولة الوطنية الحقيقية ومواصفاتها في الواقع، وليس كيانا مجزأ بين حكومتين وسدودا في كل مكان للملثمين وغيرها من مظاهر الانفلات، إلى جانب تداول بيان من المجلس الأعلى للدولة ينزع الشرعية عن حكومة الدبيبة المعترف بها دوليا وأمميا، من دون أن تتجاوب أو تعلق هذه الأخيرة عن المسألة.
وتأتي التطورات في سياق دولي مشحون ومتسم بتحولات كبيرة في المناطق التي تشهد نزاعات وصراعات على السلطة، وتصاعد تأثير القوى الدولية التي تشتغل على تقسيم الدول وإضعافها وتشكيل فيها أنظمة موالية لها، وتعميق الخلافات الداخلية.


وفي خضم ذلك، أصدر المجلس الرئاسي قرارا يقضى "بوقف إطلاق النار بالكامل في جميع المناطق، مع التزام جميع الوحدات العسكرية بالعودة إلى مقراتها فورًا دون قيد أو شرط"، ما جعل القراءات تتجه إلى أن الجهات التي تحرك الصراع في الأزمة الليبية، استطاعت زرع بذورها في طرابلس، بوصفها العاصمة التي تضم مراكز القرار السياسي والأمني في البلد، وتتواجد فيها الهيئات الأممية والدولية المعتمدة.
ونص القرار على "تجميد قرارات حكومة الوحدة الوطنية ذات الطابع العسكري أو الأمني المتعلقة بإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية أو تعيين أشخاص بمهام أمنية أو عسكرية"، وهو القرار الذي جاء بعد البيان الأول، الذي أعلنت فيه وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية، ليل الاثنين إلى الثلاثاء الماضي، السيطرة على كامل منطقة أبوسليم، جنوبي العاصمة طرابلس، حيث تركزت المواجهات المسلحة.
وأكدت الوزارة في بيان لها أن العملية العسكرية "انتهت بنجاح"، وتعمل بما "يضمن استدامة الأمن والاستقرار"، بعد مواجهات عنيفة اندلعت فجأة ودفعت التوقعات باتجاه وجود خطة جديدة لقلب موازين القوى، لا يُعلم لحد الآن مدى فشلها أو نجاحها على صعيد سياسي.
وزاد من ترجيح هذه الفرضية، المسيرات التي اندلعت في طرابلس ومصراتة وغيرهما، التي اعتبرتها الجهات المعارضة لقادة طرابلس بأنها دليل على رفض شعبي لها، فيما اعتبرها العضو بالمجلس الرئاسي، موسى الكوني، "مشروعة للمطالبة بدولة الحق والعدل والقانون، وإنهاء أصوات الرصاص والمدافع في سماء العاصمة".
وحذر السياسي من "محاولات إفساد التظاهرات" وعدم "السماح لأي مندس أو مجرم أن يسرق منكم سلمية حراككم النبيل، ويخرجه عن أهدافه المشروعة من أجل تحقيق العدالة والديمقراطية"، مطالبا أجهزة الأمن والشرطة بحماية المتظاهرين والممتلكات الخاصة والعامة.
وتبين من المواقف المختلفة تجاه المسيرات، أن الوضع في ليبيا لا يزال منقسما بين حكومة وطنية ومجلس رئاسي معترف بهما دوليا وأمميا، وطرف ثان يقوده الجنرال المتقاعد خليفة حفتر ونجله صدام، وهو عبارة عن ميليشيات مدعومة من قوى دولية تعمل على فرض تصورها في ليبيا، وإلا الإبقاء على المشهد متفتتا ومتشرذما.
وأمام هذا الوضع، دعا المتظاهرون إلى إنهاء حالة اللاأمن والذهاب إلى انتخابات ونزع السلاح للتشكيلات الأمنية وجعل ذلك حكرا على الدولة.