يبحث المغرب عن قبض ثمن الصفقة التي عقدها مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، بشرعنة احتلاله للصحراء الغربية مقابل الخدمات التي قدمها خلال حرب الإبادة في غزة، كما فعل في السابق مع المعارض اليساري بن بركة، حيث كان ثمن تصفيته تمكين "إسرائيل" من التصنت على أشغال القمة العربية الطارئة سنة 1965، حسب ما كشف عنه تحقيق صحفي فك شفرة لغز عمّر أكثر من 60 سنة.
كشفت مجلة "باري ماتش" الفرنسية، في تحقيق موسع أعدّه الصحفي فرانسوا دو لابار استنادا إلى كتاب جديد بعنوان "قضية بن بركة: نهاية الأسرار" للصحفيين ستيفن سميث ورونين برغمان، عن معطيات جديدة حول ملابسات اختفاء المهدي بن بركة في باريس عام 1965، معتبرة أن العملية كانت "جريمة دول" تورط فيها المغرب و"إسرائيل" وفرنسا.
حسب التحقيق، فإن عملية الاختطاف والاغتيال جرت في 29 أكتوبر 1965 في باريس، حيث استدرج بن بركة من قبل عناصر من الشرطة الفرنسية ومخبرين مرتبطين بالاستخبارات المغربية.
ويشير التقرير، حسب موقع "لكم" المغربي، إلى أن وزير الداخلية المغربي آنذاك، محمد أوفقير، ومعاونه أحمد الدليمي، نفذا عملية تصفية جسدية بأمر مباشر من الملك الحسن الثاني، بمساعدة لوجستية من جهاز الموساد الإسرائيلي وتواطؤ ضمني من بعض الأجهزة الفرنسية.
ويبرز التحقيق أن المغرب لجأ إلى الكيان الصهيوني بعد تردد فرنسا في التعاون مع الرباط ضد زعيم المعارضة. ووفقا للوثائق التي جمعها الكاتبان، التقى رئيس الموساد مئير عميت بالجنرال أوفقير في الرباط عام 1964، واتفق الطرفان على تبادل الدعم: تجسس المغرب على القمة العربية التي استضافتها الدار البيضاء عام 1965 وتزويد تل أبيب بتسجيلاتها السرية، مقابل مساعدة الكيان الصهيوني في تحديد موقع بن بركة وتصفيته.
وتصف المجلة العملية بأن العملية التي أطلقت عليها "الموساد" اسم "عملية الخلود الأبدي"، كانت "واحدة من أمجاد الاستخبارات الإسرائيلية" في حينها.
وتفيد الرواية الجديدة بأن بن بركة اختُطف بجادة سان جيرمان بباريس، ونقل إلى فيلا في منطقة إيسون، حيث تعرّض للتعذيب ثم قُتل طعنا بسكين على يد أوفقير والدليمي. وبعد محاولات لإخفاء الجثة، دُفن في غابة قريبة على بعد نحو 15 كيلومترا من العاصمة الفرنسية.
وتشير "باري ماتش" إلى أن الإسرائيليين زوّدوا المغاربة بمواد كيميائية لتذويب الجثة ومسح آثار الجريمة، فيما تولّت عناصر فرنسية تسهيل تحركات المنفذين.
من جهة ثانية ربطت الكثير من التقارير بين موقف النظام المغربي من الحرب على غزة، بتقديمه إسنادا مفتوحا لجيش الاحتلال الإسرائيلي، من خلال فتح موانئه للسفن المحملة بالأسلحة التي استعملت في الحرب على غزة، ومشروع القرار الأمريكي المطروح على مجلس الأمن، الذي يدعو لحل على أساس مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الذي اعتبر صفقة جديدة يبرمها المغرب على حساب الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
وأكد تقرير أممي أصدرته المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967، فرانشيسكا ألبانيز، قدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد تورط وتواطؤ أكثر من 60 دولة من بينها المغرب في ما وصفته بـ"الإبادة الجماعية الجارية في غزة"، من خلال الدعم العسكري أو السياسي أو الاقتصادي الممنوح للكيان الصهيوني أو عبر الامتناع عن اتخاذ إجراءات لوقف جرائمه.
وأكد التقرير، الصادر تحت عنوان "إبادة غزة: جريمة جماعية"، أن بعض الدول، بينها المغرب، شاركت أو تواطأت في "الإبادة الجماعية الجارية في غزة"، سواء من خلال التعاون العسكري أو تسهيل العبور اللوجستي لشحنات الأسلحة الموجّهة إلى إسرائيل.
وأشارت ألبانيز، في تقريرها المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 أكتوبر 2025، إلى أن الموانئ المغربية كانت من بين الموانئ التي سهّلت نقل أجزاء طائرات مقاتلة "أف 35" ومواد عسكرية أخرى إلى إسرائيل، في وقت شاركت القوات المسلحة الملكية المغربية إلى جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي في مناورات عسكرية متعددة الجنسيات بقيادة القيادة الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم) خلال عامي 2024 و2025.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال