الوطن

الجزائريون في "الولاية السابعة" ساهموا في تحقيق أهداف الثورة

استغلوا الهجرة كشكل من أشكال الحراك الاجتماعي

  • 637
  • 3:28 دقيقة

دعا المشاركون في الندوة، التي نظمها، اليوم، مخبر البحث في الدراسات الأدبية والإنسانية بكلية الآداب والحضارة الإسلامية التابعة لجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، والتي تناولت دور هؤلاء المهاجرين في تحقيق أهداف الثورة، بضرورة تجسيد مظاهرات 17 أكتوبر 1961، وما أعقبها من مجازر في أعمال سينمائية.

شكلت الهجرة الجزائرية إلى فرنسا، التي اعتبرها مؤتمر الصومام "الولاية السابعة" للثورة التحريرية، قوة دفع هائلة للنضال الوطني، وهو ما أكدته هذه الندوة المنظمة، أمس، بملحقة الشيخ عبد الكريم المغيلي، والتي تزامنت مع اليوم الوطني للهجرة "17 أكتوبر"، لتسلط الضوء على ملحمة هؤلاء الوطنيين في أرض "العدو"، في محاولة لإعادة الاعتبار لـ "الولاية السابعة" التي دفعت الثمن غاليا في سبيل الاستقلال، وسجلت بدم وعرق أبنائها فصلا خالدا في تاريخ الكفاح الوطني الجزائري.

وقد أشار المشاركون في الندوة إلى أن الهجرة هي شكل قديم من أشكال الحراك الاجتماعي، لكنها بالنسبة للجزائريين في العصر الحديث تحولت إلى شكل من أشكال المقاومة، سواء كانت طوعية أو مكرهة.

وأجمع هؤلاء على أن الهجرة كانت نتيجة مباشرة لـ الوضعية الاستعمارية القاتمة في جميع تفاصيل الحياة اليومية، والمضايقات والممارسات الإجرامية التي ارتكبها الاحتلال الفرنسي وكبته للحريات.

وقد أدت هذه الظروف إلى ارتفاع معدلات المهاجرين وتضاعف عدد الفارين من ديارهم، مما شكل نزيفا في البنية الاجتماعية والاقتصادية وتدميرا للحياة الثقافية والفكرية، حسب القراءة في كتاب الجزائريون في فرنسا ومساهمتهم في نمو الوعي الوطني، من خلال قراءة في كتاب "الدور السياسي الهجرة إلى فرنسا بين الحربين 1914/1939، لعبد الحميد زورو، التي خاض فيها الأستاذ الدكتور محمد أوجرتني من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، مؤكدا أنه رغم مغادرة الأجساد، ظلت القلوب والعقول مرتبطة بالوطن، وحمل المهاجرون آلامه حيثما حلوا، حتى في أرض المستعمر، حيث قصد الجزائريون مشارق الأرض ومغاربها طلبا للعلم وبحثا عن المأمن في الرزق والنفس، ووجدوا في الضفاف الأخرى ملاذا اقتصاديا واجتماعيا لتحسين ظروفهم.

وقد استقطبت فرنسا أعدادا هائلة من المهاجرين الجزائريين، تضاعفت بشكل كبير منذ الحرب العالمية الأولى كعمال ومجندين، إذ لم يكتفِ هؤلاء بتحسين ظروفهم، بل نظموا أنفسهم للذود عن حقوقهم ودعم قضيتهم الوطنية.

وهو ما ذهب إليه الدكتور وحيد بوزيدي في مداخلته "دور المهاجرين الجزائريين في التعريف بالقضية الجزائرية في فرنسا من خلال مذكرات مصالي الحاج 1920-1938؛ دراسة وصفية تحليلية"، مؤكدا أن المهاجرين انتظموا في النقابات العمالية وأسسوا الجمعيات والأحزاب التي دافعت عن حقوقهم المادية والمعنوية، وفي الوقت ذاته، دعموا القضية الجزائرية في كل مفاصلها وأحداثها.

وبكل هذا فقد شكل المهاجرون في فرنسا القوة البشرية والمادية التي أعطت دفعا قويا للثورة التحريرية، وأصبحت حركتهم النشطة نقطة ضغط على الإدارة الاستعمارية في الجزائر، وأحرجت فرنسا على أرضيها، كما نجحت في نقل صورة جرائمها للعالم، حسب ما جاء في مداخلة الدكتورة عايدة حياطي "مهاجرو الجزائر في فرنسا الجبهة الثانية في توجيه الرأي العام".

وقد ركزت الندوة على إشكالية محورية، مؤكدة على أن المهاجرين الجزائريين شكلوا قوة بشرية راهنت عليها الثورة منذ اندلاعها كقوة داعمة معنوية ومادية، وخاصة المهاجرين في فرنسا، حيث اعتبر مؤتمر الصومام فرنسا ولاية ثورية "الولاية السابعة"، وكانت فدرالية جبهة التحرير الوطني في فرنسا من أنشط الفيدراليات ومكاتب الجبهة في الخارج.

وسلطت الندوة الضوء على الدور المحوري لفدرالية جبهة التحرير في فرنسا وأهم نشاطاتها، سعيا للإجابة على التساؤل، "إلى أي مدى ساهم المهاجرون الجزائريون في دفع المسألة الجزائرية إلى عتبة الانفراج والحصول على الاستقلال؟".

وقد سعت هذه الندوة العلمية لتحقيق جملة من الأهداف المنهجية والمعرفية لخدمة التاريخ الوطني، حسب الأستاذ الدكتور رياض بن الشيخ الحسين عميدة كلية الآداب بالجامعة الإسلامية، على رأسها، نقل صورة عن تاريخ الهجرة إلى فرنسا ودوافعها، التعريف بنشاط المهاجرين من أراضي المستعمرات الفرنسية في شمال إفريقيا في "الميتروبول" "فرنسا الأم"، إبراز أهمية نشاط المهاجرين الوطنيين في فرنسا في دعم قضايا أوطانهم، وتثمين جهود فدرالية جبهة التحرير في فرنسا في خدمة أهداف الثورة.

وجاء توصيات الندوة في الاخير لتركز على الاهتمام بكتابات المؤرخين التي تناولت موضوع الهجرة ودورها السياسي الوطني، مع إبراز مكانه المهاجرين الجزائريين في البناء السياسي الوطني خلال فترة الحركة الوطني والثورة الجزائرية، ودعم المجهود الثوري إعلاميا، سياسيا ولوجستيكيا، وكذا التفكير في اتخاذ يوم الهجرة كمعلم من معالم تاريخ الجزائر المعاصر وفضاء تاريخي مهم، إلى جانب مواصلة البحث في محطة 17 اكتوبر 1961 وتجميع المعلومات والوثائق المتعلقه به حول الشخصيات المشاركة والتغطية الاعلامية الفرنسية والدولية ومواقف مختلف الدول منه ناهيك عن الوقوف على آثار ونتائج هذا الحدث على صعيد السياسة الفرنسية، والافاق الجديدة التي فتحتها للثورة، وكذا غرس معاني يوم الهجرة في الاجيال المقبلة الى جانب تجسيد المظاهرات وما أعقبها من مجازر في أعمال سينمائية.