الوطن

"الجزائر تدير ملف الهجرة دون تسييس أو ابتزاز"

رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة، فيراسامي لاليني، مع "الخبر".

  • 987
  • 17:02 دقيقة
فيراسامي لاليني، الصورة: ح.م
فيراسامي لاليني، الصورة: ح.م

حاورها: حفيظ صواليلي

في حوار شامل مع "الخبر"، تستعرض السيدة فيراسامي لاليني، رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في الجزائر، رؤية المنظمة وأولوياتها الإستراتيجية في بلد يشكل موقعًا جيوستراتيجيًا فريدًا في ملف الهجرة. مع تدفق آلاف المهاجرين من غرب إفريقيا والساحل، تبرز الجزائر كبلد عبور ومقصد في آن واحد، مما يضعها في قلب أحد أكثر الملفات تعقيدًا وتسييسًا عالميًا.

من خلال هذا الحوار، تسلط لاليني الضوء على شراكة متنامية مع السلطات الجزائرية، تتركز حول برنامج "العودة الطوعية وإعادة الإدماج" كخيار إنساني رائد، وتستشرف تعاونًا أوسع في مجالات هجرة العمل والصحة والهوية القانونية. الحوار يكشف عن نموذج تعاون فريد، تحاول فيه الجزائر، بدعم من المجتمع الدولي، تحويل التحدي الديموغرافي إلى فرص للاستقرار الإقليمي، مع رفض واضح لاستغلال قضية الهجرة أو توظيفها.

هل يمكنكم توضيح أولويات منظمتكم الإستراتيجية في الجزائر، وكيفية انسجامها مع الاحتياجات الوطنية، بالإضافة إلى مدى توافقها مع المبادئ والأهداف الواردة في الميثاق العالمي للهجرة؟

على أي حال، دوري الآن لأشكركم على حضوركم معنا اليوم في المنظمة الدولية للهجرة، وعلى تخصيص وقتكم لفهم مهمة وأولويات منظمتنا. لذا، أتوجه بجزيل الشكر لكم على ذلك، وهذا بالفعل أول حوار لنا مع جريدة "الخبر".

وبالعودة إلى سؤالكم؛ فإن المنظمة الدولية للهجرة هي إحدى وكالات منظمة الأمم المتحدة، المنظومة الأممية؛ فنحن جزء من أسرة الأمم المتحدة التي تقدم الدعم للحكومة الجزائرية. وأود أن أشير إلى أن الجزائر هي عضو في المنظمة الدولية للهجرة منذ عام 2002، أي أن شراكتنا تمتد لعدة سنوات، لكن المنظمة الدولية للهجرة تتواجد في الجزائر منذ تسع سنوات فقط، وخلالها طورنا شراكتنا مع الحكومة الجزائرية.

بشكل عام، تحدد السلطات الوطنية، أي الدولة العضو، أولويات العمل، ونحن نسعى لفهم التحديات والفرص التي تواجهها الحكومة فيما يتعلق بقضية الهجرة. ومن هنا، تقوم المنظمة الدولية للهجرة بوضع خطة عمل وإجراءات ملموسة بالتعاون مع الحكومة، والحكومات بشكل عام.

في الجزائر، يتمثل التحدي الرئيسي في الموقع الجغرافي المتميز للبلاد، الواقعة بين الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط )أوروبا( ومنطقة الساحل الإفريقي وغرب إفريقيا بشكل عام، مما يمنحها موقعاً فريداً في قضية الهجرة. لذلك، نجد العديد من المهاجرين الذين يسعون لحياة جديدة وحياة أفضل، لأسباب متنوعة تدفعهم للحركة وتعبر بهم عبر الجزائر، فهي بلد عبور.

هل الجزائر بلد عبور فحسب؟

إنها بلد عبور، وهي أيضًا بلد مقصد، وقد اعترفت الجزائر نفسها بأنها بلد عبور ومقصد في الوقت ذاته، حيث يبحث العديد من المهاجرين غير النظاميين عن حياة أفضل وعمل. لذا، فإن التحدي الرئيسي يكمن هنا؛ أي في تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين إلى الإقليم، القادمين للعمل، الذين يعانون غالبًا أوضاعا هشة حتى قبل بدء رحلتهم، حيث تجعلهم رحلة الهجرة بأكملها أكثر عرضة للمخاطر. لذلك، عندما يكونون في الجزائر، يحتاج البعض - وليس الكل - إلى تلقي خدمات محددة وملموسة.

وفي هذه المرحلة بالذات، توجد المنظمة الدولية للهجرة على الأرض، لاسيما لتقديم برنامج محدد للغاية يُسمى برنامج العودة الطوعية وإعادة الإدماج.. وهو حقًا برنامجٌ رائد؛ لأنه يمكِّن الشخص الذي كان يسعى لحياة أفضل من العودة إلى وطنه بطريقة أكثر أمانًا، وبكرامة، وقبل كل شيء بطريقة طوعية. لذا، فهذا برنامج قدَّرته الحكومة كثيرًا منذ البداية، ونحن اليوم نتعاون معها على نطاق واسع.

نحن ثاني بلد في شمال إفريقيا من حيث عدد العائدين طوعيًا، حيث يقدم المهاجرون إلينا بأنفسهم وبإرادتهم الحرة طالبين الدعم للعودة. لقد أجرينا، وسنُجري حتى غدٍ، 9500 عملية عودة في عام 2025 وحده، وهو عددٌ يُعتبر كبيرًا بكل المقاييس.

وكيف تُقيِّمون بشكل ملموس هذا البرنامج المُساند للعودة الطوعية وإعادة الإدماج من حيث معدل النجاح مقارنةً بما أُنجز حتى الآن؟

هذا البرنامج يُعد خيارًا كريمًا، وهو بديل أمام المهاجرين لسلوك مسار قد يكون أقل صعوبة وتعقيدًا من البقاء في وضع غير نظامي في بلد ما. بمعنى أنهم يستطيعون فعل ذلك بأمان تام، ويجب أن أقول إن هذا ليس برنامجًا تقدمه المنظمة الدولية للهجرة وحدها، بل هو برنامج تنفذه بالشراكة مع السلطات المحلية، لاسيما مع المديرية العامة للأمن الوطني والدرك الوطني، حيث يجتمعون جميعًا معنا في تنسيق الاستجابة. لذلك، يأتي المهاجرون إلينا بأمان ويثقون في طلب المساعدة من المنظمة الدولية للهجرة، مما يجعل هذا البرنامج ناجحًا في جوهره.

ومن الواضح لنا أننا إذا استقبلنا هذا العدد الكبير – فقد قَدِمَ إلينا هذه السنة أكثر من 12000 شخص طالبين العودة الطوعية – فذلك في حد ذاته يُظهر نجاحًا. مجرد تقدم المهاجرين إلينا، حتى وهم في وضع هش في الجزائر، وإقبالهم بهذه الثقة والطمأنينة بأن البرنامج سيمضي قدمًا، وأنهم سيتمكنون من العودة إلى ديارهم، وأنهم سيتلقون الدعم اللازم.. هذا نجاح بذاته. ولا ننسى أن هؤلاء الأشخاص كانوا يبحثون عن حياة أفضل؛ فهم ليسوا مجرمين في الأصل، بل بشرٌ سعوا لحياة أفضل.

لذا، عندما نعيدهم إلى بلدانهم، سواء إلى غينيا أو مالي أو بوركينا فاسو أو غيرها، يكون فريق المنظمة الدولية للهجرة بكامله موجودًا في هذه البلدان لدراسة إمكاناتهم: ماذا يمكننا أن نفعل معهم؟ كيف يمكننا دعمهم؟ بل إن الدعم يبدأ من هنا في الجزائر: نقدم التدريب، والدعم النفسي، ونعدُّهم لهذه العودة.

لذا، مع الأعداد التي رأيناها في فترة قصيرة – فقد ارتفعنا خلال ثلاث سنوات من حوالي 500 عودة قبل ثلاث سنوات إلى 9500 اليوم – أعتقد أن الرقم المتصاعد في حد ذاته يُظهر نجاح هذا التعاون. خلال هذا العام وحده، قدّمت المنظمة الدولية للهجرة في الجزائر الدعم لأزيد من 9500 مهاجرًا بحاجة إلى العودة الطوعية إلى بلدانهم الأصلية، مما ساعدهم على إعادة بناء حياتهم.

من هي المناطق والدول المعنية أساسا بإعادة الإدماج، ومن هم المهاجرون الرئيسيون الذين تستقبلهم الجزائر؟

تتركز جنسيات المهاجرين القادمين إلى الجزائر بشكل أساسي على دول غرب إفريقيا، وعلى رأسها مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا كوناكري، وبنين، ونيجيريا.. بالإضافة إلى ذلك، تأتي أعداد أصغر من دول مثل: السنغال، وغامبيا، وساحل العاج، وبنغلاديش، والصومال، وهكذا تتسع الرقعة الجغرافية للهجرة نحو المنطقة.

وقد أصبحت الجزائر، كما ذكرت سابقاً، منطقة عبور مهمة، إلى جانب ليبيا وتونس، للعديد من الجنسيات التي تبحث، كما قلت، إما عن حياة أفضل، أو عن مغامرة للوصول إلى أوروبا، كما هو معروف.

ولوضع الأرقام في منظورها الصحيح، أود هنا أن أقدم هذه القضية ضمن رؤية أوسع. كثيراً ما ننظر إلى مسألة الهجرة على أنها مشكلة ضخمة، وهي بالفعل تحدٍّ كبير للعديد من البلدان، بما في ذلك الجزائر. ولكن عندما ننظر إلى عدد الأشخاص الذين يسافرون حول العالم بشكل نظامي، بواسطة جواز سفر وتأشيرة، فإننا نتحدث عن أرقام هائلة. أعتقد أنه مع نهاية هذا العام، سيصل عدد مستخدمي الطائرات للتنقل إلى نحو 9.8 مليار شخص.

في المقابل، وفي إطار قضية الهجرة التي نناقشها، نتحدث عما يقارب 281 مليون شخص هم من المهاجرين الذين غادروا بلدانهم الأصلية، علماً أنني لا أتحدث هنا فقط عن الأشخاص في وضع غير نظامي.

هؤلاء الـ 281 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، غادروا أوطانهم للبحث عن عمل في مكان آخر، حيث يشكل الباحثون عن عمل 60% من هذه الفئة. وبالتالي، نحن لا نتحدث عن حجم عالمي ضخم بالمقارنة، ولكن هناك بلدانا تتأثر بشكل خاص بسبب موقعها الجغرافي، مما يضع عليها عبئاً وتحدياً ملموساً في إدارة تدفقات الهجرة.

ما هي التحديات الرئيسية فيما يتعلق بحماية حقوق المهاجرين، سواء النظاميين أو غير النظاميين؟

بالنسبة للجزائر، معظم المهاجرين، نحن نتحدث عن عدة فئات من المهاجرين، معظمهم من الرجال، الشباب، الذين يرغبون في خوض المغامرة، والمجيء للعمل. لذا، غالبًا ما تكون المسألة متعلقة بقانون العمل أو الحق في الوصول إلى الرعاية الصحية.

هناك أيضًا نساء وأطفال.. وغالبًا، حتى لو لم تكن المرأة في حد ذاتها ضعيفة، وأنا مقتنعة بذلك، ولكن الرحلة، عندما تهاجر المرأة بمفردها، تجعلها ضعيفة، نظرًا للأشخاص الذين تلتقي بهم أو الظروف التي توضع فيها. لذلك، لدينا نساء وأطفال يرافقون العائلات، وأطفال غير مصحوبين بذويهم.

لذلك، فهم في حد ذاتهم فئات ضعيفة، ورحلة الهجرة نفسها تجعلهم ضعفاء. المشكلة الكبرى هي مسألة الصحة، سواء أكانت حوادث أو مشاكل صحية أو أمراض معدية. لذا، فهذه مشكلة نتعامل معها مع السلطات. علاوة على ذلك، سنوقع قريبًا اتفاقية مع وزارة الصحة لتقديم المزيد من الدعم لنا في هذا المجال، وهو أمر جدير بالثناء، إذا ما قارناه بالعديد من البلدان في العالم. فبشكل عام، لا يحصل الأشخاص الذين يعيشون في وضع غير قانوني على الرعاية الصحية، أو يتعين عليهم دفع تكاليفها.. الخ. أما هنا، فهناك عمل وجهد يبذل لفهم مشكلة هؤلاء الأشخاص الذين لا يملكون الموارد المالية ومعالجتها، ومعالجة مسألة الصحة العامة بشكل عام؛ لأن هناك أيضاً جانباً كاملاً يتعلق بالأمراض المعدية. لذا، هناك جوانب متعددة، الصحة أحدها، وحماية النساء والأطفال جانب آخر، ومسألة العمل جانب آخر أيضاً.

كيف تقيمون حالة التعاون بين الجزائر والمنظمة الدولية للهجرة؟

التعاون ممتاز؛ لقد نما بسرعة كبيرة خلال تسع سنوات. لدينا مكتب في الجزائر منذ عام 2017، لذا فإن هذا التعاون جديد نسبياً، لكنه نما بسرعة كبيرة لأننا تمكنا، على أرض الواقع، من إثبات الميزة النسبية والقيمة المضافة للمنظمة الدولية للهجرة للسلطات الجزائرية؛ أي أننا نقدم بدائل حقيقية ونكون شريكاً لهم على الأرض لنظهر تأثير ما يعنيه ذلك، لذا فهي ممتازة، وهي آخذة في النمو.

هناك دائماً ما يمكن القيام به في مجال الهجرة، إنها قضية معقدة وشاملة، وتمس العديد من القضايا، سواء أكانت قضية الأطفال أو الصحة أو العمل. لذلك، يتطلب الأمر أيضًا جمع المزيد من الشركاء معًا، لكنها تعاون جيد جدًا ومتنامي. هذا العام، رأينا أيضًا أننا قمنا بتنويع أنشطتنا، وأعتقد أن العام المقبل سيشهد المزيد من المجالات التي سنعالج فيها هذه المسألة، سواء أكان ذلك في مجال العمل أو غيره، على سبيل المثال.

التقيت بوزير العمل والتشغيل قبل بضعة أيام، وتناولنا مسألة هجرة العمالة وكيفية تنظيم طلب العمل، كما تناولها الرئيس عبد المجيد تبون في بيانه في بشار هذا العام حول أهمية تنظيم هذه الهجرة، هذه الحراك الاقتصادي، بشكل أفضل. لذا، فإنها تنمو، ولكننا نتمتع حقًا بفرصة التعاون الجيد مع السلطات.

توجد جرائم الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، وهي من الحقائق المقلقة جداً.. ما هي الإجراءات المشتركة التي تُتخذ حالياً للمساعدة، على سبيل المثال، في تفكيك الشبكات وحماية الضحايا؟

هذه ظاهرة عالمية. أولاً، دعونا نضعها في منظورها الصحيح؛ إنها تجارة تولّد أموالاً طائلة، إنها جريمة منظمة ذات ربحية عالية جداً وهي في توسع، لأنه يجب أن نعلم أنه كلما أُغلقت الحدود، نمت هذه التجارة.

لقد رأينا ذلك خلال جائحة كوفيد، ورأيناها في مراحل عديدة من التاريخ، حيث أن إغلاق الحدود يؤدي إلى توسع ونمو هذا المجال. التهريب والاتجار هما شيئان مختلفان؛ التهريب (trafic) هو ما نسميه باللغة الإنجليزية (smuggling)؛ وهو عندما يطلب شخص مساعدة مُهرب، أو شخص ما، لتسهيل انتقاله من نقطة أ إلى نقطة ب، أو من بلد أ إلى بلد ب. أما الاتجار (traite)، في هذه الحالة، فهو منصوص عليه قانونياً أيضاً على المستوى الدولي من خلال بروتوكول باليرمو، الذي يحاول الدفع نحو فكرة أن الأشخاص الذين ينتقلون في إطار الاتجار هم ضحايا؛ أي أن الشخص الذي يتم جلبُه أو التأثير عليه للانتقال إلى بلد آخر لأجل استغلال معين، يُكتشف غالباً في النهاية عندما تستجوبه الشرطة أو قوات الأمن. عندها ندرك أنه، في الحقيقة، تم خداعه خلال هذه الحركة وأنه ضحية تحتاج أيضاً إلى حماية معينة.

لذلك، هناك جهود حقيقية تُبذل هنا، ليس فقط من قبل المنظمة الدولية للهجرة (OIM) مع السلطات، ولكن أيضاً من قبل وكالات أخرى للأمم المتحدة. أولاً، تم إقرار قانون في عام 2023 بشأن الاتجار والتهريب، وهو أمر ضخم. والآن، المسألة هي تطبيق هذا القانون.

وهنا تحاول منظمات مثل منظمتنا مرافقة السلطات، سواء على مستوى قوات الأمن من أجل الكشف والتحقيق والمقابلات والحماية، ولكن أيضاً، كما أقول، على مستوى الإجراءات الاجتماعية للحماية، وإمكانية العودة الطوعية. نعود مرة أخرى إلى العودة الطوعية، حيث يمكن دعم الضحايا المحتملين للاتجار، الموجودين في كل مكان، هنا أيضاً، من أجل عودة كريمة ودعم حقيقي لاحتياجاتهم.. هؤلاء أشخاص تعرضوا بالتأكيد للصدمة وهم بحاجة إلى الدعم.

وهذا هو المجال الذي نعمل فيه أكثر الآن، مع وزارة التضامن الوطني. ولكننا أيضاً قمنا مؤخراً بتدريب، منذ أسبوع، مع الشرطيات والدركيات، وكذلك الأخصائيات الاجتماعيات، لفهم الصدمة التي قد يتعرض لها هؤلاء الضحايا المحتملين بشكل أفضل، وكيفية خلق رابط ثقة أكبر بين قوات الأمن والضحايا المحتملين؛ لأن ما نسعى إليه هو أن تتمكن هؤلاء النساء من مشاركة ما مررن به، بأمان تام، وأن يكون عمل قوات الأمن، في تلك اللحظة بالذات، قادراً على التحقيق ومعالجة هذه المشكلة.

لأنها مشكلة عابرة للحدود.. ليست موجودة فقط في الجزائر. تبدأ منذ البداية، من بلد المنشأ، وحتى بلد المقصد، وهي شبكة كاملة، لذلك فهي تتطلب الوصول إلى أدلة وشهادات، حتى نتمكن من التحقيق وتقوم الشرطة بعملها. لكن مجرد وجود قانون 2023، هو إنجاز كبير بحد ذاته. والآن، المسألة هي مسألة تطبيق هذا القانون لعام 2023.

هل هناك أي إجراءات مشتركة في الأفق لتعزيز التعاون بين المنظمة الدولية للهجرة والجزائر؟

نعم، أعتقد أن العودة الطوعية ستظل المشروع الرائد، وأعتقد أنه يجب أن نركز عليها، لأنها توفر بديلاً حقيقياً للمهاجرين الذين يعانون ظروفا صعبة هنا وفي جميع أنحاء الجزائر.. نحن لا نتحدث عن الجزائر فقط، إنه برنامج شامل حيث 23٪ من عملياتنا تكون في تمنراست.

فيما يتعلق بمسألة الهجرة غير النظامية، ما الذي يمكن معالجته على مستوى السياسات الوطنية؟

هذا ما نريد معالجته العام المقبل بداية بهجرة العمالة، كيف يمكن لجعل بلدين يناقشان احتياجات العمل وهيكلة وكالات التوظيف العامة لتنظيم هذه الحركة العمالية، واختيار الأشخاص، وتدريبهم، وإلحاقهم بمؤسسات عامة أو خاصة، سواء في مجال البناء أو الزراعة، لأن هناك احتياجات. أعتقد أن هذا سيكون مجالاً، إلى جانب مسألة الصحة، أفكر خاصة في مسألة هجرة العمل والصحة العام المقبل. مسألة الهوية القانونية. غالباً، هؤلاء الأشخاص قدموا دون أوراق، أو فقدوا أوراقهم، أو وُلد الأطفال هنا. هذا يتطلب أيضاً أن نعمل حقاً على أهمية الهوية، والتحديد القانوني، وهذا لا يتم فقط مع السلطات الجزائرية، ولكن مع السفارات.

لذا كل هذا العمل، سنقوم بهيكلته العام المقبل، لكن أعتقد أن المهم حقاً هو مواصلة هذا الجهد في مجال العودة الطوعية، لأن هناك طلباً كبيراً جداً. وكلما حاولنا توطيد هذا العمل، أعتقد أنه سيقود إلى تنويع ودعم المنظمة الدولية للهجرة في السياسات الوطنية.

أذكر ذلك، الحكومة الجزائرية تتعاون أكثر بكثير، وستفعل ذلك بشكل رسمي، مع الميثاق العالمي للهجرة، وتريد أن تصبح رائدة في هذا المجال، على غرار 40 دولة أخرى وضعت نفسها كرائدة في هذه المسألة والمجال، لذا أعتقد أننا سنرى أموراً أكثر بكثير العام المقبل... نأمل ذلك بالطبع.

نعم، أعتقد، بل أنا واثقة. هناك تحديات آخذة في النمو فيما يتعلق بحركات السكان، وكذلك ضرورات تعزيز كل ما يتعلق بإعادة الإدماج والعودة.

إذن تذكرون إعادة الإدماج، كيف يتم ذلك؟

نحن نعمل على ذلك، وذلك في إطار هذا التعاون الدولي، بالتنسيق مع الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي، والعمل مع الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي لتعزيز إعادة الإدماج، أي إذا كانت هناك مجالات تعاون قائمة، سواء في إنشاء مراكز تدريب، أو مراكز تعليمية أخرى في بعض البلدان، مثل الساحل أو غيرها، كيف يمكننا نحن عندئذ الدخول في هذا التعاون الذي سيصبح ثلاثياً نوعاً ما لتعزيز إعادة إدماج الأشخاص واستقرار المجتمعات، لأن الهدف قبل كل شيء؛ هو استقرار الناس، حتى تتاح لهم الفرص في بلدانهم ولا يفكروا في سلوك الطريق هكذا دون تخطيط والمخاطرة بحياتهم.

بناء على الإشادة بالجهود الجزائرية المشتركة مع المنظمة الدولية للهجرة في إدارة قضايا الهجرة، ووصف موقع الجزائر الجغرافي بأنه "خاص جداً"، كيف يمكن للجزائر أن تستفيد من هذا الموقع لتحويل التحديات المرتبطة بالهجرة إلى فرص تعزز استقرار المنطقة وتقدم حلولاً نموذجية قابلة للتطبيق دولياً، خاصة في كون القضية "معقدة للغاية ومُسيَّسة بشدة" على المستوى العالمي؟

أعتقد أن فرصة اليوم الدولي للمهاجرين، الذي نحتفل به في 18 ديسمبر حول العالم، هي فرصة لتسليط الضوء على جميع الجهود التي شرعت فيها الحكومة الجزائرية منذ بضع سنوات وتعمل على تعزيزها بدعم من المنظمة الدولية للهجرة. إنها قضية عالمية، قضية معقدة للغاية، ومُسيَّسة بشدة في العالم أيضاً، كما نعلم. وأعتقد أن هناك جهداً حقيقياً يُبذل لمحاولة الحفاظ على هذا الاستقرار، والحفاظ على هذا التماسك الموجود، الذي ربما لم نعد نراه في دول أخرى، فيما يتعلق بموضوع أصبح اليوم مُسيَّساً جداً على المستوى العالمي. اليوم، بمناسبة اليوم الدولي لحقوق الإنسان، نذكّر بأن حقوق المهاجرين عالمية؛ فكل شخص، بغض النظر عن مكان قدومه، يستحق الحماية والكرامة والاحترام.

أعتقد أن هذا ما سأسلط الضوء عليه، وهو أن هناك جهوداً إيجابية، وأن هناك إرادة لدعم هذه الجهود، سواء في إرادة دعم المجتمعات في بلدانها الأصلية، أو محاولة فهم احتياجات البلد، أو محاولة العمل مع الدول الأوروبية لإدارة هذه الهجرة نحو أوروبا أيضاً. إذن فهي علاقة خاصة جداً للجزائر، كونها في هذا الموقع الجغرافي الذي هو خاص جداً، لكنها تحاول إيجاد حلول أكثر استمرارية وأكثر استدامة، في نهاية المطاف، لأشخاص، لبشر، يرغبون في نهاية المطاف في حياة أفضل، وهي رغبة ليست وليدة اليوم.

في منطقة خروبة بالعاصمة الجزائرية، يقدّم المركز المخصّص دعمًا يوميًا لمئات المهاجرين، ويوفّر لهم فرصة العودة إلى بلدانهم بكرامة واحترام. يتم التعامل مع كل حالة بعناية، وبروح من التعاطف والاحترافية.

من خلال برنامج المساعدة على العودة الطوعية وإعادة الإدماج، تتيح المنظمة الدولية للهجرة في الجزائر خيارات آمنة وكريمة للراغبين في العودة إلى بلدانهم الأصلية، بما يضمن لهم رحلة إنسانية وآمنة.. جميع خدمات المنظمة الدولية للهجرة مجانية بالكامل.

من خلال مشروع شمال إفريقيا للهجرة والتنمية (NAMAD)، تعمل المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في الجزائر ومصر وتونس على واحد من أكثر طرق الهجرة تحديًا في العالم، حيث تقدم الدعم للمهاجرين في أوضاع هشة من خلال توفير المساعدات الإنسانية الحيوية والدعم النفسي والاجتماعي.

في الجزائر، تنفذ المنظمة الدولية للهجرة أنشطة نفسية اجتماعية، بما في ذلك الموسيقى والرياضة، لتقليل التوتر، واستعادة الثقة بالنفس، ومساعدة الأشخاص على الاستعداد للعودة الطوعية والآمنة. تسلط هذه القضية الضوء على أن الدعم المناسب، يساعد الناس في إيجاد الاستقرار والكرامة في مجتمعاتهم.

المنظمة الدولية للهجرة تؤكد أن الهجرة التي تتم إدارتها بشكل جيد وتحترم الكرامة الإنسانية، هي مفيدة للمهاجرين والمجتمعات على حد سواء، ما هي آليات إدارة وتسيير العودة الطوعية في الجزائر؟

هنالك "مركز جهاز الاستقبال للعودة الطوعية" (Dispositif d'Accueil pour le Retour Volontaire - DARV)، الذي تديره المنظمة الدولية للهجرة في الجزائر، والكائن بمنطقة الدار البيضاء بالعاصمة، حيث يقدم المساعدة للمهاجرين الضعفاء من خلال خدمات الدعم النفسي والاجتماعي، والإدماج، وينظم عودتهم الطوعية إلى بلدانهم الأصلية، كما أن هناك مركزا ثانيا بخروبة بالعاصمة.

في إطار العودة الطوعية، المراحل كالتالي، أي شخص في وضع غير نظامي في الجزائر يقدم نفسه بنفسه إلى المركز، مركز أول هو مركز التسجيل، حيث يوجد فريق من المنظمة الدولية للهجرة لاستقبالهم.. وهذا المركز موجود في خروبة.

لدينا حوالي ستين شخصًا يتم تسجيلهم يوميًا. لدينا فريق من سبعة أو ثمانية أشخاص موجود هناك، وفريق طبي، لأن المهاجرين الذين يأتون غالبًا لديهم احتياجات صحية عاجلة. بمجرد تسجيلهم، نبدأ في كافة إجراءات العودة الطوعية مع السفارات، وتحديد الهوية، وتحضير وثيقة المرور.

وبمجرد تحديد هوية الشخص، نؤويهم في مركز ثان، مركز نسميه مركز جهاز الاستقبال للعودة الطوعية (DARV)، ويقع في الدار البيضاء. لذا، يمكنه استيعاب ما يصل إلى 280 شخصًا في فندق تم تحويله ليكون مركزًا للمهاجرين، ويتم ذلك بالتعاون مع ولاية الجزائر ووزارة الداخلية. إذن، المنظمة الدولية للهجرة هي التي تديره بفريقها، ولكنها تتعاون مع مزود خدمات يعمل بشكل وثيق مع وزارة الداخلية.

لدينا أيضًا مركز ثالث وهو مركز للأشخاص الأكثر هشاشة. لذا، فهو يركز حقًا على النساء، والأطفال، والحالات الطبية. وهذا مركز آخر لا يمكنني الكشف عن مكانه.. ولدينا مركز رابع وهو مركز طبي لتقييم الحالة الطبية، في الجزائر، كل هذا في الجزائر، دون ذكر الفريق الذي ينتقل إلى الميدان.

كما قلت، 23% من عمليات العودة تتم من تمنراست. لذا، لدينا فريق ينتقل إلى تمنراست ويقوم بتأمين الرحلات الجوية المخصصة (الشارتر) وتتم جميع العمليات من تمنراست لتجنب اضطرار المهاجرين للتنقل أو القدوم حتى إلى الجزائر. نحن نذهب نحو المهاجرين، ونسمح لهم بالتسجيل هناك.

ولدينا مرافق مقدمة من ولاية تمنراست. وكل شيء يتم بالتعاون حتى مع المصالح الطبية. نفس العملية الكاملة في الجزائر تُنقل إلى تمنراست. وقمت بنفس العمليات في تبسة، وفي أماكن أخرى. هو نوع من اللامركزية، بالضبط، عندما تكون هناك حاجة.

كيف يتم القيام بذلك في تنمراست، هل هناك طائرات يتم تأجيرها لهذا الغرض؟

لدينا طائرات، لا أملك أرقام عدد الرحلات الجوية المخصصة (الشارتر)، لكننا قمنا بعدد جيد من الرحلات المخصصة حيث نؤجر الطائرة فقط لعمليات العودة.

هل يتم الاستعانة بالجوية الجزائرية؟

إنها الخطوط الجوية الجزائرية، وعندما لا تستطيع الخطوط الجوية الجزائرية، نستخدم شركات نقوم نحن بطلبها، على مستوى المقر الرئيسي، التي يتم تأجيرها فقط للعودة الطوعية.

من هي الأطراف التي تتحمل تكلفة العمليات؟

نحن من يتحملها، ولكنها تمول من قبل ممولين، مثل الاتحاد الأوروبي، والدنمرك، والنرويج، وهولندا، وإيطاليا، عدد جيد من الدول الأوروبية الذين يعملون مع الأمم المتحدة ويمولون الأمم المتحدة. ويجب أن أقول، إن الأمر يتم تشجيعه وتحفيزه كثيرًا من قبل السلطات الجزائرية. أي، عندما يكون هناك حوار ثنائي بين هذين البلدين، وعندما يكون من بين المواضيع ذات الأولوية، موضوع الهجرة، فإن نهج الحكومة الجزائرية هو القول: قوموا بتمويل المنظمة الدولية للهجرة، نحن لسنا بحاجة إلى تمويل. نحن سنقوم بالإدارة، لكنها شريك يدعمنا. لذا، قوموا بتمويل المنظمة الدولية للهجرة. مباشرة، فالمال لا يذهب إلى الجزائر؛ بطريقة مختلفة جدًا عن - على سبيل المثال - دول أخرى التي تريد إدارة الأموال مباشرة، فالجزائر لا تستغل الهجرة كأداة.

الجزائر لا تريد تسييس هذه المسألة؛ بل تريد إدارتها مع الاتحاد الأوروبي. تريد إدارتها مع دول إفريقيا؛ لا تستغلها كأداة؛ ولا تسييسها. طالما أنها لا تريد الحصول على أموال. لا أموال، ولا الدخول في هذه الرؤية حيث إذا لم نتمكن من التعاون، نفتح الحدود. لا، إنها موجودة طوال الوقت للإدارة. جيد جدًا. إنها لا تفعل ذلك كوسيلة ضغط. تريد إيجاد حلول. وهذا، أعتقد أنه مهم.. وهذا، هذا مهم.

حقًا، نقول ذلك. نحن نقوله. شركاء الاتحاد الأوروبي يقولونه. من الواضح أن النهج مع الجزائر مختلف جدًا. وإذا كانوا اليوم منفتحين... لأن هناك دولًا تفعل ذلك كوسيلة ابتزاز. لن أذكر الأسماء، لكن... هذا مفهوم.

نحن حقًا على الأرض، فريق موجود، وأعتقد أن هذا هو المكان الذي ترى فيه الحكومة الجزائرية الجانب، بشكل ملموس. ما هي الميزة من التعامل مع وكالة تمتلك وسائل، ليس فقط مالية، ودعمًا من الناحية السياسية، ولكن بشكل ملموس، مدعومة في احتياجات، لأنها عبء زائد على النظام التعليمي، عبء زائد على الكثير من الخدمات العامة، ونحن نأتي نوعًا ما للمساعدة في معالجة هذا العبء الزائد من الأشخاص.. إنها حقيقة.