الوطن

العنصري زمور يزيّف التاريخ وحقائق الجغرافيا

قال بشأن غزو الجزائر من قبل جنرالات فرنسا، بأن "الجزائر لم تكن سوى عبارة عن مستنقعات وبرك".

  • 3991
  • 2:25 دقيقة
الصورة : ح.م
الصورة : ح.م

يحاول إيريك زمور، اليميني المتطرف، تبييض الماضي الاستعماري لفرنسا، بتقمصه ثوب المؤرخ الزائف، حيث قال بشأن غزو الجزائر من قبل جنرالات فرنسا، بأن "الجزائر لم تكن سوى عبارة عن مستنقعات وبرك"، وبفضل فرنسا التي اكتشفت البترول والذي هو أهم ما تصدره اليوم الجزائر، في تنكر منه بأن فرنسا لم تنهب أي شيء من الجزائر، لكن هذه التصريحات العنصرية سرعان ما جاءه الرد المفعم من طرف الصحفي الفرنسي جون ميشال أباتي بأن زمور "يُجسّد انجرافًا عنصريًا في النقاش العام يجب إدانته يوميًا، خشية أن نُصاب يومًا ما بنوع من العار الوطني".

وبالنسبة لميشال آباتي، في صفعه للمؤرخ الزائف إيريك زمور "قتل الجنود الفرنسيون مئات الآلاف من الناس، بمن فيهم نساء وأطفال، ممن عاشوا على هذه الأرض لقرون. قائمة المجازر الكبرى والمدن المنهوبة موجودة في كل كتاب تاريخ. ثم وصل المستوطنون من أوروبا، ما دفع الناجين إلى المجاعة. وأخيرًا، ضمنت الدولة الفرنسية تعليم الحد الأدنى فقط من الأطفال المسلمين، مما أدى إلى غرق شعب بأكمله في الفقر".

أبعد من ذلك أكد آباتي ردا على منشور زمور في صفحته على "تويتر"، بأن اختزال هذا في "المستنقعات والبرك" كذبة واضحة، ولكنه قبل كل شيء أمر حقير، لاإنساني، ولا يليق بفرنسا والقيم التي أكسبتها سمعتها العالمية. حتى جان ماري لوبان، في عصره، لم يكن ليجرؤ على التلفظ بمثل هذه الفظائع".

ويرى الصحفي آباتي أن "إريك زمور، وهو يركب موجة المشاعر العنصرية، يشعر بأنه مخول بفعل أي شيء، متخفيًا وراء قناع مثقف هاوٍ زائف للتاريخ، شخصية يتلاعب بها بلا خجل لإشباع هواجسه التي لا تُوصف".

وفي انتقاده لهذه المحاولات لتزوير التاريخ، اعتبر الصحفي آباتي بأن إريك زمور "يُجسّد انجرافًا عنصريًا في النقاش العام يجب إدانته يوميًا، خشية أن نُصاب يومًا ما بنوع من العار الوطني".

تروي كتب التاريخ أنه في القرن التاسع عشر، واجهت فرنسا أزمة غذائية حادة بعد الثورة الفرنسية عام 1789، حيث كانت البلاد تعاني من نقص حاد في الحبوب، في تلك الفترة، كانت الجزائر تمتلك موارد زراعية غنية، مما جعلها تلعب دورًا حاسمًا في إنقاذ فرنسا من المجاعة بعد الثورة، حيث وجدت فرنسا نفسها محاصرة من قبل القوى الأوروبية الأخرى، ولم يكن لديها أي دولة يمكنها تزويدها بالقمح. في هذه الظروف، قدم الجزائريون مساعدات غذائية كبيرة لفرنسا، حيث أمدوها بالحبوب والقروض بلا فوائد، ما ساعد في تخفيف حدة المجاعة. فكيف لدولة مثلما يدعي زمور عبارة عن "مستنقعات وبرك"، بمقدورها إنقاذ فرنسا الحضارة من مجاعة قاتلة؟. الحقيقة التي يجب أن تقال ضد هذا العنصري أنه لولا القمح الجزائري في ذلك الوقت، لما كانت سلالتك موجودة اليوم وتنشر حقدها المقيت.

وما يتجاهله زمور عن عنصرية وجهل معا، أنه على الرغم من هذه المساعدات، لم تسدد فرنسا الديون الناتجة عن هذه المعاملات، بل ردت على كرم الجزائريين باحتلال الجزائر في عام 1830. هذا الاحتلال حسب إجماع المؤرخين، كان له آثار مدمرة على الشعب الجزائري، حيث شهدت الجزائر بين عامي 1866 و1870، مجاعة شديدة نتيجة للسياسات الاستعمارية التي أدت إلى تدمير المحاصيل. ويُقدّر المؤرخون أن هذه المجاعة أدت إلى وفاة حوالي 500,000 جزائري، ما يعكس الأثر المدمر للاحتلال الفرنسي، وهو ما يسعى إيريك زمور عبثا تبييض ماضيه دون جدوى.