الوطن

ستورا يجدد دعوته لاعتراف رسمي بجرائم الاستعمار في الجزائر

"التاريخ لا يُمحى بالصمت".

  • 1696
  • 2:06 دقيقة
المؤرخ الفرنسي، بنجامين ستورا، الصورة: ح.م.
المؤرخ الفرنسي، بنجامين ستورا، الصورة: ح.م.

جدد المؤرخ الفرنسي، بنجامين ستورا، دعوته لبلاده إلى الاعتراف الرسمي بالجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في الجزائر، مؤكدا أن هذه الحقيقة التاريخية "لا يمكن أن تظل رهينة التجاذبات السياسية، أو خاضعة لخطاب الإنكار"، وأن المصارحة مع الماضي باتت شرطا أساسيا لبناء مستقبل مشترك قائم على الثقة بين الشعبين.

 وقال ستورا، خلال تدخله على قناة "AL24 News"، اليوم الإثنين، إن محاولة بعض التيارات السياسية في فرنسا، خصوصا اليمين المتطرف، التشكيك في فظائع الاستعمار في الجزائر "لن تغيّر من حقيقة ما حدث، ولن تطمس الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري".

 وأضاف ستورا أن المرحلة الاستعمارية الممتدة من 1830 إلى 1962 كانت حافلة بممارسات وصفها بـ"الجرائم ضد الإنسانية"، بدءا من مصادرة الأراضي ونهب الثروات، وصولا إلى حملات القمع والإبادة وأخطرها التجارب النووية في الصحراء الجزائرية، التي لا يزال أثرها الإشعاعي والإنساني مستمرًا إلى اليوم.

ويأتي هذا الموقف ليؤكد مسارا ثابتا في خطاب بنجامين ستورا، الذي كان قد شدد في تقريره الشهير المقدم للرئيس الفرنسي سنة 2020 على ضرورة فتح ملف الذاكرة بجرأة وصدق، معتبرا أن "الاعتراف ليس اعتذارا سياسيا فحسب، بل فعل تاريخي يُعيد الحق لأصحابه".

كما كان قد صرح سابقا لصحيفة "لوموند" بأن التاريخ لا يمكن أن يُكتب بالرمزيات أو الصيغ الملتبسة، بل بتوفير الحقيقة كاملة وإتاحة الأرشيف للباحثين، حتى يكون الماضي مكشوفًا للجميع لا حكراً على روايات رسمية مجتزأة.

 وكان ستورا أشاد بالمبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عبر إنشاء اللجنة الجزائرية - الفرنسية المشتركة للتاريخ والذاكرة، مؤكدا أنها تمثل "فرصة لوضع أسس علمية وموضوعية لكتابة التاريخ بعيدا عن الرواسب السياسية".

وأوضح أن الاطلاع الكامل على الأرشيف يسمح بطي صفحة الماضي "بمسؤولية، لا بإنكار"، خصوصا مع استمرار مطالب الجزائر بفتح الملفات العالقة، على غرار مصير المفقودين واسترجاع ما تبقى من الأرشيف وجماجم المقاومين والتعويض عن الآثار النووية.

 وفي معرض تعليقه على الهجمات التي تعرض لها بسبب مواقفه، أوضح ستورا أن أصواتا سياسية في فرنسا مازالت تسعى إلى تبييض التاريخ الاستعماري، لكنها "لن تتمكن من حجب الحقائق التي بدأت تفرض نفسها بقوة على الوعي الجماعي، سواء داخل الجزائر أو حتى في الأوساط العلمية الفرنسية"، مشدّدًا على أن "كل جهد صادق في هذا الاتجاه يجب أن يقوم على الاعتراف الكامل بفظائع الماضي من أجل مصالحة حقيقية، لا شكلية ولا ظرفية".

 وختم المؤرخ الفرنسي قائلا: "لقد صمتت فرنسا طويلًا حول هذه الحقبة، لكن التاريخ لا ينسى، والذاكرة لا تهدأ إلا حين تستعيد الحقيقة مكانها. اليوم، ما يجب فعله هو إعادة الأمور إلى نصابها، لا عبر شعارات سياسية، بل عبر الاعتراف الكامل بما حدث فوق هذه الأرض".

 واختتم ستورا تدخله على "AL24 News" قائلا: "الآن يجب أن نرى ما باستطاعتنا فعله من أجل إعادة الأمور إلى نصابها وكشف الحقيقة حول الاحتلال الفرنسي للجزائر".