الوطن

سيفي غريب.. بين رهانات وتحديات الملفات الداخلية

لم تمض أيام قليلة على توليه المنصب حتى باشر سيفي غريب سلسلة من الاجتماعات العملية، كان محورها الأساسي الدخول الاجتماعي والمدرسي.

  • 995
  • 2:36 دقيقة
سيفي غريب، الوزير الأول بالنيابة، الصورة: مصالح الوزير الأول.
سيفي غريب، الوزير الأول بالنيابة، الصورة: مصالح الوزير الأول.

منذ تعيينه وزيرا أول بالنيابة خلفا لنذير العرباوي، وجد سيفي غريب نفسه في قلب مشهد سياسي واقتصادي بالغ الأهمية والحساسية، يفرض عليه إدارة ملفات داخلية ضاغطة، وفي الوقت نفسه مرافقة الجزائر في حدث اقتصادي استثنائي، يتمثل في استضافة الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، المقرر من 4 إلى 10 سبتمبر الجاري بقصر المعارض في الصنوبر البحري.

لم تمض أيام قليلة على توليه المنصب حتى باشر سيفي غريب سلسلة من الاجتماعات العملية، كان محورها الأساسي الدخول الاجتماعي والمدرسي، فقد شدد على ضرورة ضمان تموين السوق بالمستلزمات المدرسية والمواد الأساسية واستقرار الأسعار، إلى جانب توفير الظروف المادية والتنظيمية لعودة أكثر من 11 مليون تلميذ إلى مقاعد الدراسة.

هذا التركيز المبكر على الشأن الاجتماعي أظهر حرصه على مقاربة الملفات الملحة بجدية، بعيدا عن الصورة البروتوكولية، إضافة إلى مباشرة تحريك ملف استيراد 10 آلاف حافلة جديدة لتحديث الأسطول الوطني للنقل الجماعي.

وفي موازاة ذلك، خرج الوزير الأول بالنيابة ميدانيا، أمس، لمعاينة التحضيرات النهائية للمعرض الإفريقي للتجارة البينية، حيث زار أجنحة قصر المعارض ووقف على تفاصيل التنظيم، تزامنًا مع بدء وصول الوفود المشاركة.

حضور ميداني عكس إصراره على متابعة الملفات الكبرى بنفسه، وإعطاء إشارة قوية بخصوص أولوياته في قيادة الجهاز التنفيذي.

لا شك أن معرض الجزائر للتجارة البينية الإفريقية يمثل أكثر من مجرد تظاهرة اقتصادية، فالمشاركة القياسية لأزيد من 2000 عارض من 140 دولة، وانتظار ما يقارب 35 ألف زائر مهني، مع توقعات بإبرام صفقات تفوق 44 مليار دولار، تجعل من هذا الحدث منصة لإبراز موقع الجزائر كقاطرة للتكامل القاري ونقطة جذب للاستثمارات، لم لا وهي ثالث اقتصاد في إفريقيا بعد الصديقة جنوب إفريقيا والشقيقة مصر.

لكن من زاوية أخرى، يشكل هذا المعرض أول اختبار سياسي لسيفي غريب، إذ يتعين عليه تحويل شعارات التكامل الإفريقي إلى فرص حقيقية للاقتصاد الوطني، وذلك عبر دفع المؤسسات الجزائرية للاستفادة من الأسواق الإفريقية، وخلق بيئة تسمح بترجمة الاتفاقيات الموقعة إلى مشاريع ملموسة تخلق الثروة وفرص العمل.

بعد اختتام المعرض، يوم العاشر من سبتمبر الجاري، تنتظر الحكومة ملفات ثقيلة ذات طابع إستراتيجي، يمكن تلخيصها في مواصلة الإصلاح الاقتصادي، خاصة ما يتعلق بتنويع مصادر الدخل الوطني وتقليص الاعتماد على المحروقات.

الملف الثاني الذي يعول عليه كثيرا الرئيس عبد المجيد تبون هو التصنيع والاستثمار، وهو المجال الذي يمتلك فيه سيفي غريب خبرة بحكم توليه وزارة الصناعة وتوليه قبل استوزاره مسؤوليات في دوائرها، ما يجعله في عين الكثير من المراقبين، مؤهلا لقيادة هذا التطوير.

ومن الملفات التي تنتظر الحكومة، ما يتعلق بالتوازن الاجتماعي، وفي مقدمته ضبط الأسعار، دعم الفئات الهشة وتخفيف الأعباء المعيشية، وهي عوامل ترتبط مباشرة باستقرار الجبهة الاجتماعية التي كانت من أولويات الرئيس تبون في عهدته الرئاسية الأولى ولا تزال كذلك في هذه العهدة.

تفاؤل ببقائه في قصر الحكومة

ويسود في الأوساط السياسية والإعلامية تفاؤل بخصوص إمكانية بقاء سيفي غريب على رأس الحكومة لما بعد "المرحلة الانتقالية" التي تنتهي بانقضاء المعرض الإفريقي، حيث يستند هذا التفاؤل إلى عدة معطيات، ديناميكيته في العمل، نزوله الميداني السريع، خلفيته التقنية وقدرته على الموازنة بين الملفات الاقتصادية والاجتماعية.

وإذا تأكد هذا السيناريو، فسيكون بذلك أصغر وزير أول يقود حكومة جزائرية منذ إقرار التعددية الديمقراطية عام 1990، وهو ما قد يشكل منعطفا في مسار تجديد النخب السياسية في الجزائر.. وبذلك يكون الرئيس تبون قد وضع لبنة أخرى في طريق ضخ دماء جديدة في عروق الدولة واستعداد واضح لتسليم المشعل لجيل ما بعد الاستقلال.