"الإقبال على الإسلام والمساجد كبير خاصة من قبل غير المسلمين"

38serv

+ -

أكّد الشيخ خالد العربي، إمام مسجد باريس الكبير، في حوار لـ"الخبر"، أن أجواء شهر رمضان المبارك "إيمانية وروحانية"، مشيرا إلى أن الجالية الجزائرية تحرص كثيرا على تراثها وتفتخر به كل الافتخار، ودعا المسلمين إلى الجد والاجتهاد لزيادة إيمانهم في هذا الشهر المبارك، مشددا على وضع برنامج يومي يشتمل على فضائل الأعمال والأخلاق.

  

كيف تستقبل الجالية المسلمة في فرنسا شهر رمضان المبارك؟

تستقبل الجالية المسلمة في فرنسا شهر رمضان الكريم بشوق كبير، حتى أن أجواء ما قبل رمضان تمتلأ المساجد في الصلوات الخمس، والناس تسأل عن أمور دينها، ويسعون لتطبيق السنة "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" حيث يجتمعون ليلة الشك ينتظرون إعلاننا عن رمضان، في أجواء إيمانية وروحانية، وهذا لجُل الجالية المسلمة وخصوصا الجالية الجزائرية، فيستعدون روحانيا، والسيدات الفاضلات يهيئن البيوت، والأزواج يقتنون ما يستحقونه في شهر الرحمة والتوبة.

 

ما مدى إقبال الجالية على المساجد والقرآن في هذا الشهر الفضيل؟

المساجد هنا، وكما أقول دائما؛ منذ أكثر من عشرين سنة، بركة رمضان لا تعد ولا تحصى، حيث تمتلأ حتى أنك لا تجد مكانا تصلي فيه، سواء في الصلوات الخمس وصلاة التراويح أيضا. بركة رمضان عجيبة، يأتي الناس ويصلون النوافل ويقرؤون القرآن، حتى أنك تظن أن الملائكة تحفهم.

  

هل تعتقد أن هذا التدين في ازدياد عن السنوات الماضية؟

التدين، أنا أفضّل تسميته "الإقبال على الدين"، فيه إقبال كبير، كلما شدوا على الدين شد الدين عليهم، فتجد الشباب من الصغار والكبار يقبلون على الدين، ويأتون للسؤال عن الصلوات وكيف ترقع، وإذا لم يؤد المفروضة في وقتها هل هو آثم بحكم أنه في الجامعة أو الثانوية أو في المتوسطة، فيكون دور الأئمة في تيسير الأمور حتى لا نجعل المرأة أو الفتى أو البنت الصغيرة تفرّ وتهرب من هذا الدين.

فيه إقبال عجيب، وهذه من بركة الإسلام، والنبي صلّى الله عليه وسلم قال "ليبلغن هذا الدين..." حتى بلغ إلى فرنسا وإلى إفريقيا وإلى كل مكان، الإقبال كبير وحتى من غير المسلمين بحكم أني مسؤول مكتب الاعتناق في مسجد باريس الكبير، فوالله وبالله وتالله يوميا وأن أسجل معك الحين خرج من عندي اثنان (2) اعتنقا الإسلام صباح أول يوم من رمضان، وعندي اليوم أيضا مواعيد لأكثر من سبعة (7) أشخاص لاعتناق الإسلام، سبحان الله، يهدي الله من يشاء، وهذا نور من الله يقذفه في قلوب عباده وإيمائه.

 

كيف تنظرون إلى الخطاب الديني في فرنسا؟ وما سبل تجديده ليتماشى مع الواقع الغربي؟

لمسجد باريس الكبير مبادرة طيبة وجميلة، وإن شاء الله ييسر لنا فيها، لتكييف الخطاب الديني هنا في فرنسا، باستعمال أساليب تتماشى مع الجمهورية، فلا نخرج عن الأصل ولا نترك الأصل، والإسلام هو الإسلام منذ أربعة عشرة قرنا، ولكن فيه نوع من الخطاب كيف تخاطب المسلم وغير المسلم، والفتوى في فرنسا كبلد لائيكي ليست هي نفس الفتوى في بلد المحروسة الحبيبة الجزائر الغالية.

ومشروع عميد مسجد باريس السيد شمس الدين حفيز حول الخطاب الديني، انطلقنا فيه منذ أكثر من ثلاث سنوات وسيرى النور بإذن الله، وسيطبع في كتاب في آخر السنة، إذا أكملنا كل المواضيع، وهذا المشروع يتكلم عن كل الجوانب الدينية من: الردة، الحجاب، الحكم، السياسة الشرعية، وكل هذه المواضيع ناقشها الأئمة الأفاضل وأبدوا آراءهم وكتبوا حولها.

 

ما العادات والتقاليد التي تحرص الجالية على إحيائها في رمضان؟

أتكلم عن الجالية الجزائرية التي تحرص كثيرا على تراثها وتفتخر به كل الافتخار، حتى أنه سبق لي وأن قلت في موضع دُعيت له وسألني سائل هل أنت جزائري؟ فقلت والله أنا جزائري وأفتخر، ولو لم أكن جزائريا لتمنيت أن أكون جزائريا، والجالية تحرص كل الحرص على إحياء ليالي رمضان كما لو أنها في الجزائر، من مائدة الطعام والاجتماع بعد التراويح في البيوت.

 

ما الفرص المتاحة لتقوية أواصر القربى والأخوة بين أفراد الجالية في شهر رمضان؟

في رمضان هي الدعوات بأن يدعوا الأخ أخاه لمأدبة غذاء الإفطار، وأن يصلوا التراويح في الجامع، والجامع أصله جامع للناس، فيلتقي الأخ بأخيه والأخت بأختها والأم بابنتها والأب بولده، فهذه الأواصر تجعل "المؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". ورمضان هو فرصة للتقارب وللعفو والغفران {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}، شهر تعفو عمن ظلمك حتى وإن كان أقرب الناس إليك، وتقترب منه أشد القرب لأن قربك منه هو عبادة لله عز وجل في هذا الشهر المبارك، عسى الله عز وجل أن يتقبل عملك ويعتق رقبتك من النار. فاحرص واعف واصفح ولا تكن فضا غليظا فينفض الناس من حولك ويتركوك.

 

كيف يحافظ المسلم على وهج حماسته للعبادة طوال شهر رمضان؟

في بداية شهر رمضان يكون جدا واجتهادا، والإيمان يزيد وينقص، يزيد في الطاعات وينقص في المعاصي، وقيل أن رمضان ضيف، لكن نحن الضيوف، رمضان يأتي ويعود، منا من كان معنا السنة الماضية ولم يكن في هذه السنة، فشمّر بما تشمر، واعلم أن لك الجنة عرضها السموات والأرض، هل تدري ما في الجنة؟ لما سئل أويس بن القعقاع، صف لنا الجنة؟ قال: "يكفيك أن فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم". ماذا يحفزك؟ أن يغفر لك الله ويرضى عنك، فحافظ على إيمانك، واجعل لك برنامجا يوميا، فتقول عندي شغل في المكتب أو في المصنع أو في المتجر، ولكن بعد ذلك عندي راتب يومي وصدقة والتبسم في وجه أخي، ومساعدة زوجتي في البيت، وأن أطيع والدي، وكل هذه صدقات، وأن تسأل نفسك في كل يوم في آخر النهار وفي آخر الليل: ماذا قدمت، وفيما فرطت، فتقوم في اليوم الموالي بتصحيح ما فرطت فيه، وأن تجتهد أكثر وأكثر.