الوطن

تحايل المرقين تحت المجهر

طالبت مصالح وزارة العدل، الموثقين بتوخي اليقظة عند إبرام العقود التوثيقية.

  • 2571
  • 4:52 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

أقرت وزارة العدل إجراءات استعجالية لمواجهة التجاوزات المسجلة في إنجاز الترقيات العقارية الموجّهة لبيع شقق ومحلات تجارية، "تحت غطاء مباني عائلية"، وأمرت الموثقين، تبعا لذلك، باشتراط تقديم شهادة اعتماد مرقي عقاري، بالإضافة إلى التسجيل في السجل التجاري، والتسجيل في الجدول الوطني للمرقين العقاريين، عند إبرام العقود التوثيقية المتعلقة بهذه البنايات.

كشفت وزارة العدل عن لجوء بعض الأشخاص إلى تشييد بنايات سكنية تحت غطاء مباني عائلية، "لكن في الحقيقة هي ترقية عقارية موجهة لبيع شقق ومحلات تجارية"، وهو ما يعني، حسب مراسلة تحمل رقم 4115، موجهة إلى رئيس الغرفة الوطنية للموثقين، بخصوص "إبرام العقود التوثيقية المتعلقة بنشاط الترقية العقارية"، أنهم يمارسون نشاط مرقي عقاري دون حيازتهم على "شهادة اعتماد مرقي عقاري"، وهو أمر مخالف لأحكام المادة 4 من القانون رقم 11-04 المحدد لقواعد تنظيم نشاط الترقية العقارية، حسب المراسلة، والمعاقب عليه بموجب أحكام المادة 77 منه التي تنصص صراحة على ما يلي: "يعاقب كل شخص يمارس مهنة مرق عقاري دون اعتماد طبقا لأحكام المادة 243 من قانون العقوبات المعدل والمتمم".

وبهدف التصدي لهذه الظاهرة، طالبت مصالح وزارة العدل، الموثقين بتوخي اليقظة عند إبرام العقود التوثيقية المتعلقة بهذه البنايات، من خلال التأكد من الطبيعة القانونية لأطراف العقد، وذلك تطبيقا الأحكام المادة 4 من القانون نفسه. وأشارت المصالح ذاتها إلى أنه في ظل غياب تصريح بطبيعة النشاط، فإن تقديم الجدول الوصفي للتقسيم، الذي يحتوي على عدد معتبر من الحصص، في إطار صياغة عقود البيع أو الشراء، يعتبر مؤشرا كافيا لممارسة نشاط الترقية العقارية.

وأمرت مصالح الوزارة، في هذه الحالة، باشتراط تقديم شهادة اعتماد مرقي عقاري، بالإضافة إلى التسجيل في السجل التجاري، والتسجيل في الجدول الوطني للمرقين العقاريين، طبقا لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 12-84، المحدد لكيفيات منح الاعتماد لممارسة مهنة المرقي العقاري، وكذا كيفيات مسك الجدول الوطني للمرقين العقاريين المعدل والمتمم.

وزارة السكن تضع المعاملات العقارية تحت المجهر..

وكانت وزارة السكن والعمران والمدينة، وفي إطار مكافحتها لتبييض الأموال والشبهات المرتبطة بها، قد أصدرت نهاية جوان الماضي، في العدد 38 من الجريدة الرسمية، نظاما يحدد التدابير المفروضة على الأعوان العقاريين للوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل ومكافحتها.

وعلى هذا الأساس، يتعين على الأعوان العقاريين القيام بتقييم المخاطر، بما يسمح بتحديدها وتقييمها وفهمها، مع الأخذ بعين الاعتبار على وجه الخصوص، عوامل المخاطر المرتبطة بالزبائن، والمنتجات والخدمات والعمليات، وقنوات تقديم هذه الخدمات، بالإضافة إلى المخاطر المرتبطة بالبلدان أو المناطق الجغرافية، والمعلومات الصادرة عن تقييمات الدولة والتقارير الوطنية ذات الصلة.

وتفاديا للتعامل مع أشخاص مشبوهين؛ يلزم النظام الأعوان العقاريين بتحديد هوية الزبون وعنوانه والتحقق منها، قبل إنشاء أي علاقة أعمال أو تنفيذ العملية، وهو الإجراء الذي يوسّع، عند الاقتضاء، إلى المستفيد الحقيقي من العملية العقارية والوكلاء الذين يتصرفون لحساب الغير، وغرض وطبيعة علاقة الأعمال، بالإضافة إلى الحصول على معلومات، تتعلق بهذا الغرض إذا اقتضى الأمر ذلك، ما يجعل جميع المعاملات العقارية تحت مجهر السلطات العمومية.

كما ينبغي على الخاضعين إجراء فحص دقيق للعمليات التي تم إجراؤها طوال مدة علاقة الأعمال، من أجل التأكد من أنها منسقة مع معرفتهم لزبائنهم وأنشطتهم ونسق مخاطر هؤلاء الزبائن، بما في ذلك مصدر الأموال.

ونصت المادة 20 من النظام، على أنه على الأعوان العقاريين الامتناع عن إقامة أي علاقة أعمال أو إجراء عملية مقررة، إذا لم يتمكنوا من التعرف على هوية زبائنهم، والمستفيد الحقيقي والتحقق منها، وفقا للأحكام والكيفيات المنصوص عليها. أما إذا أصبح العون العقاري بعد إقامة علاقة الأعمال وإجراء الصفقة في إطار المراقبة المستمرة، غير قادر على التحقق أو تحيين عناصر المعلومات اللازمة لمعرفة الزبون المذكورة، فيفرض عليه النظام في هذه الحالة وضع حد لعلاقة الأعمال والعملية المقررة، بالإضافة إلى تقديم إخطار بالشبهة إلى الهيئة المتخصصة.

وضمن الإطار نفسه، يلزم الخاضعون بحيازة نظام مناسب لإدارة المخاطر من شأنه تحديد ما إذا كان الزبون المحتمل أو الزبون الحالي أو المستفيد الحقيقي، شخصا معرضا سياسيا، وهو كل جزائري أو أجنبي، منتخب أو معين يمارس أو مارس في الجزائر أو في الخارج وظائف عليا؛ تشريعية أو تنفيذية أو إدارية أو قضائية، وكذا كبار المسؤولين في الأحزاب السياسية والأشخاص الذين مارسوا أو يمارسون وظائف مهمة لدى أو لحساب منظمة دولية.

وفي هذه الحالة، يجب على العون العقاري تطبيق أحكام رقابية إضافية أوردتها المادة 18 من النظام؛ التي تنصص على أنه "في الحالات التي يحدد فيها الخاضع العون العقاري، وجود خطر أعلى، فإنه يجب تنفيذ تدابير العناية الواجبة المعززة. ويمكن عند الاقتضاء الحصول على معلومات إضافية عن مصدر الأموال، وتنفيذ مراقبة معززة لعلاقة الأعمال من خلال زيادة عدد ووتيرة عمليات المراقبة التي يتم إجراؤها.

النصب والمشاركة فيه من أخطر صور التحايل القانوني في قطاع التوثيق

وبالنسبة للموثقين، حسب تقرير حديث لوزارة العدل، فقد تعزز القطاع بترسانة قانونية وتنظيمية "مقبولة"؛ تشمل قوانين واضحة تدرج الموثقين ضمن الجهات الملزمة بالتبليغ عن الشبهة.

وإن كانت مكاتب التوثيق تتوفر على أدوات تقنية للتحقق من الهويات والوثائق، إلا أنها تبقى غير موحدة، حسب تقرير وزارة العدل، ولا تكفي لمساعدة الموثق على التحقق من الوثائق خاصة، حيث سجل أيضا غياب قواعد بيانات متكاملة تساعد الموثق على التحقق من مصادر الأموال أو المستفيد الحقيقي، في ظل غياب نظام معلوماتي متكامل بهيئة التوثيق، يربط الغرفة الجهوية بكافة مكاتب التوثيق، بالإضافة إلى نقص في الموارد البشرية المدربة، داخل مكاتب التوثيق لتقييم مخاطر المعاملات.

ويقوم الموثق بالتحقق من هوية العملاء والمستفيدين الحقيقيين؛ عبر تقديم المتعاقدين لوثائق تثبت هويتهم وأصل ملكية أو الوثائق التي يبنى عليها العقد التوثيقي، في حين تم تسجيل غياب في الربط مع قواعد بيانات موثوق بها ومستقلة للتحقق من هوية الزبون، وعدم تحديث معلومات العميل بشكل دوري، حيث يكتفي الموثق بالمستندات الشكلية دون تحليل منطقي للمعاملات، رغم أنه التزام منصوص عليه في القانون.

وحدد تقرير وزارة العدل أربعة تهديدات رئيسية، مرتبطة بقطاع التوثيق، حسب الاستبيانات التي تم دراستها وتحليلها من قبل الفريق الذي اشتغل على التقرير، وهي المعاملات العقارية المشبوهة، التي قد تشير إلى احتمال تبييض الأموال، مثل شراء عقارات نقدا، أو تحويل ملكيتها بشكل متكرر، أو شراء عقارات دون قيمتها السوقية، أو بأسعار مبالغ فيها، أو استخدام أطراف وسيطة، مثل الشركات الوهمية أو الوكلاء لإخفاء هوية المالك الحقيقي.

كما صنف جريمة النصب والمشاركة فيها، من أخطر صور التحايل القانوني التي تستخدم لإضفاء مشروعية ظاهرية على أفعال احتيالية. وما يجعل الجريمة أكثر خطورة في هذا السياق، هو أنها قد ترتكب بمساعدة أو تواطؤ، أو إهمال الموثق أو أحد مساعديه.