اسلاميات

ظلمة الحسد وحماقة الهوى!!

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ”لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود”

  • 265
  • 1:21 دقيقة
الشيخ عبد المالك واضح*
الشيخ عبد المالك واضح*

قال ابن الجوزي رحمه الله: طال تعجبي من أقوام لهم أنفة، وعندهم كبر زائد في الحد، خصوصا العرب الذين من كلمة ينفرون ويحاربون، ويرضون بالقتل والذل، حتى أن قوما منهم أدركوا الإسلام فقالوا: كيف نركع ونسجد فتعلونا أستاهنا؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ”لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود”.

ومع هذه الأنفة يذلون لمن هم خير منه، هذا يعبد حجرا، وذاك يعبد خشبة، وقد كان قوم يعبدون الخيل والبقر، وإن هؤلاء لأخس من إبليس، فإن إبليس أنف لادّعائه الكمال أن يسجد لناقص فقال: {أنا خير منه}، وفرعون أنف أن يعبد شيئا أصلا، فالعجب من ذل هؤلاء المفتخرين المتعاظمين المتكبّرين لحجر أو خشبة، وإنما ينبغي أن يذل الناقص للكاملين، وقد أشير إلى هذا في ذم الأصنام في قوله تعالى: {ألهم أرجل يمشون بها، أم لهم أيد يبطشون بها، أم لهم أعين يبصرون بها}.

والمعنى أنتم لكم هذه الآلات المدركة، وهم ليس لهم شيء منها، فكيف يعبد الكامل الناقص، غير أن هوى القوم في متابعة الأسلاف واستحلاء ما اخترعوه بآرائهم غطى على العقول، فلم تتأمل حقائق الأمور، ثم غطى الحسد على أقوام فتركوا الحق وقد عرفوه، فأمية بن أبي الصلت يقرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقصده ليؤمن به، ثم يعود فيقول: لا أؤمن برسول ليس من ثقيف!!، وأبو جهل يقول: والله ما كذب محمد قط، ولكن إذا كانت السدانة والحجابة في بني هاشم، ثم النبوة فما بقي لنا؟، وأبو طالب يرى المعجزات ويقول: إني لأعلم أنك على الحق، ولولا أن تعيرني نساء قريش لأقررت بها عينك!!. فنعوّذ بالله من ظلمة حسد، وغيابة كبر، وحماقة هوى يغطي على نور العقل. ونسأله إلهام الرشد، والعمل بمقتضى الحق.

* إمام مسجد عمر بن الخطاب - بن غازي - براقي