العالم

مجازر الدعم السريع تدفع السودان نحو حافة المجاعة والانهيار

قالت شبكة أطباء السودان، في بيان، إن قوات الدعم السريع نفذت مجزرة بشعة بمدينة الفاشر بشمال دارفور، وصفتها بأنها "جريمة تطهير عرقي".

  • 710
  • 3:03 دقيقة
الصورة : ح.م
الصورة : ح.م

تتفاقم المأساة السودانية يوما بعد يوم، في ظل حرب دامية حولت مدنا عريقة مثل الفاشر وبارا إلى ساحات للقتل الجماعي والجوع والدمار، وبينما تتبادل قوات الجيش والدعم السريع الاتهامات حول المسؤولية، تم توثيق مجازر مروعة في حق المدنيين على قوات السريع، بينما يرزح الملايين تحت ويلات الحرب.

ففي مدينة الفاشر شمال دارفور، خرجت شهادات مروعة تؤكد ارتكاب قوات الدعم السريع مجازر بشعة بحق المدنيين العُزل، وصفتها شبكة أطباء السودان بأنها "جريمة تطهير عرقي" مكتملة الأركان.

وقالت شبكة أطباء السودان، في بيان، إن قوات الدعم السريع نفذت مجزرة بشعة بمدينة الفاشر بشمال دارفور، وصفتها بأنها "جريمة تطهير عرقي" استهدفت مواطنين عُزّل على أساسٍ عرقي.

وأوضحت الشبكة أن أعداد الضحايا تفوق العشرات، لكن صعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة بسبب الانفلات الأمني الكامل حال دون إحصاء دقيق.

وأضافت أن عناصر الدعم السريع نهبوا المستشفيات والمرافق الطبية والصيدليات، ما أدى إلى انهيار شبه تام للخدمات الصحية في المدينة، واعتبرت ما حدث "انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني".

ودعت الشبكة، الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف المجازر الممنهجة ومحاسبة الجناة. من جانبها، أكَّدت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر أن المدنيين يُستهدفون بأبشع صور العنف والتطهير العرقي.

الميليشيا التي تحاصر المدينة منذ ماي الماضي، حوّلت حياة أكثر من 260 ألف مواطن إلى جحيم يومي، حيث يتناول السكان وجبة واحدة فقط في اليوم، بينما يخاطرون بحياتهم للبحث عن مياه صالحة للشرب.

وشدد البيان أن المرافق الطبية انهارت والأطباء يعملون في ظروف قاسية دون كهرباء أو معدات أو أدوية، وتقول منظمات الإغاثة، إن بعض العائلات في المدينة تلجأ إلى طحن بذور الأشجار لصناعة طعام يسدّ رمق أطفالها.

وانتشرت مقاطع فيديو مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي وثّقت لحظات تظهر مدنيين في خندق ضيق يُعدمهم عناصر الدعم السريع بدم بارد، بعد أن حاولوا إدخال المعكرونة والطحين إلى مدينتهم المحاصرة، وأثار المشهد موجة غضبٍ واستهجان عارمة على المنصات تحت وسم "أنقذوا الفاشر"، في نداء استغاثة موجه إلى العالم لإنهاء الصمت المطبق على واحدة من أبشع الجرائم الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.

ولم تقتصر الجرائم على دارفور وحدها، ففي مدينة بارا بشمال كردفان، أكدت مجموعة محامو الطوارئ وقوع مجزرة جديدة ارتكبتها قوات الدعم السريع، استهدفت المدنيين بشكل مباشر وأدت إلى تصفية جماعية لمئات السكان معظمهم من الشباب وسط انقطاع كامل للاتصالات والإنترنت، ما جعل توثيق الفظائع شبه مستحيل.

وفي الوقت الذي تواصل فيه الميليشيا ترويج روايات مضللة عن تسهيلها خروج المدنيين من مناطق القتال، تفيد شهادات الناجين بوقائع نهب واعتداءاتٍ جنسيةٍ وقتل على الطرقات، مما يعكس حجم الانفلات الأخلاقي والانحدار الإنساني في صفوفها.

مع استمرار الحصار والمعارك، يواجه السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، فقد تدمّرت البنية التحتية وانهارت الخدمات الصحية ونُهبت المستشفيات والصيدليات. ويتحدث الأطباء العاملون في مناطق النزاع عن انهيار شبه كامل للنظام الصحي، وعن استهداف متعمد للكوادر الطبية، في انتهاك فاضح لكل المواثيق الدولية.

وحذرت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة، من أن استمرار القتال والحصار قد يؤدي إلى مجاعة جماعية تهدد ملايين الأرواح، بينما تظل الممرات الإنسانية مغلقة بفعل تمسك الدعم السريع بخنق المدن كورقة ضغط عسكرية وسياسية.

ويرى مراقبون أن قوات الدعم السريع، التي نشأت أصلًا كقوة موازية للجيش، تحولت إلى كيان عسكري منفلت خارج السيطرة يستخدم سلاحه ضد المواطنين بدلا من حمايتهم.

ورغم فظاعة الجرائم وتواتر التقارير الميدانية، يظل الموقف الدولي مرتبكًا وباردًا. الإدانات تتكرر، لكن دون تحرك فعلي يوقف نزيف الدم. في المقابل، تتصاعد الدعوات من داخل السودان لتفعيل الولاية القضائية الدولية ومحاسبة قادة الدعم السريع على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وتطالب منظمات المجتمع المدني والهيئات الطبية بفتح ممرات إنسانية عاجلة لإيصال الغذاء والدواء، غير أن صمت العالم وتردد القوى الكبرى، يبدوان كأنهما ضوء أخضر لاستمرار المأساة.

وفي غياب أي ضغطٍ حقيقي، يخشى السودانيون أن تتحول الفاشر وبارا إلى رمزين جديدين في سجل الإبادة في السودان، لتضاف إلى الجرائم السابقة خاصة في دارفور أين ترك ملايين المدنيين لمصيرهم، لتسير حرب الإبادة اليوم بخطى ثابتة نحو تدمير الوطن.